الثورة – متابعة لينا شلهوب:
في لقاء حمل بين طياته الكثير من التطلعات، والحرص على مستقبل التعليم وأبنائه اجتمع مدير التربية والتعليم في حلب أنس قاسم، مع وفد من ممثلي معلمي الشمال، لم يكن الاجتماع مجرد لقاء إداري روتيني، بل مساحة إنسانية للتعبير عن هموم المعلمين وآمالهم، وخطوة جادة لتعزيز جسور التواصل بين الإدارات التعليمية والمعلمين العاملين في الميدان.
يأتي هذا اللقاء في وقت يمر فيه التعليم في الشمال السوري بتحديات متعددة، تبدأ من ضعف الإمكانيات وتعدد المرجعيات، ولا تنتهي عند الحاجة إلى تطوير آلية الدمج، ودعم المعلمين مادياً ومعنوياً، ومع ذلك حملت الجلسة روحاً إيجابية تعكس رغبة حقيقية في تحسين الواقع التعليمي وإيجاد حلول عملية للتحديات اليومية.
حوار بنّاء ورؤية مشتركة
أكد قاسم خلال اللقاء الذي جرى أمس أن العملية التعليمية لا يمكن أن تنهض إلا بتكاتف الجهود والتواصل المباشر مع الكوادر التعليمية، حيث جرى نقاش مفتوح تناول أبرز الصعوبات التي تواجه المعلمين، مثل نقص الموارد التعليمية، وضغط الأعداد داخل الصفوف، والحاجة إلى تطوير المناهج بما يواكب متطلبات الطلاب واحتياجات المرحلة، كما تم التركيز على دعم المعلمين نفسياً ومهنياً، وتوفير بيئة عمل محفّزة تساعدهم على أداء رسالتهم التربوية بأفضل شكل، لافتاً إلى أن تحسين أوضاع المعلمين يعد حجر الأساس في أي عملية تطوير تعليمية حقيقية، كما شدد على أن المديرية تتابع عن كثب كل الملاحظات والمقترحات المقدمة من الميدان التربوي.
خطوات نحو تكامل تعليمي
أحد المحاور الأساسية التي تمت مناقشتها كانت آلية الدمج المعتمدة في مديرية التربية والتعليم بحلب، وتعد هذه الآلية جزءاً من خطة استراتيجية تهدف إلى توحيد الجهود بين المدارس والمعلمين في مختلف المناطق، بما يضمن تحقيق التكامل التعليمي ورفع مستوى الأداء التربوي، فيما تمت مراجعة مراحل تنفيذ هذه الآلية، والتأكد من تطبيقها وفق المعايير التربوية، بما يخدم مصلحة الطلاب أولاً، ويعزز روح الانسجام بين المعلمين في الميدان.
وتطرق قاسم إلى أن المديرية تعمل على تذليل العقبات التي قد تواجه عملية الدمج، سواء أكانت تنظيمية أم ميدانية، حرصاً على أن تسير العملية التعليمية في مسارها الصحيح دون أن يتضرر أي طرف.
معلمون يبحثون عن الأمل

من جانبهم، عبّر ممثلو معلمي الشمال عن تقديرهم لاهتمام المديرية وتواصلها المباشر معهم، واعتبر المعلم حسن العبدالله خلال تواصل “الثورة” معه، أن هذا اللقاء أعاد إليهم الأمل بوجود إدارة قريبة من نبض الميدان، تستمع وتعمل، لا تصدر قرارات من بعيد، مشيرين إلى أن التحديات كثيرة، لكن التواصل المستمر وتبادل الأفكار يمكن أن يفتح آفاقاً جديدة لتحسين العملية التعليمية في المناطق الشمالية.
وقال المعلم فارس العلي أحد المعلمين المشاركين، لسنا نبحث فقط عن تحسين الظروف، بل عن الاعتراف بجهودنا وإشراكنا في رسم مستقبل التعليم، لأننا نؤمن أن كل طفل في الشمال يستحق فرصة عادلة في التعلم.
في ختام اللقاء، تم الاتفاق على استمرار عقد الاجتماعات الدورية بين المديرية وممثلي المعلمين لمتابعة سير العمل، وتقييم التقدم في تنفيذ آلية الدمج، كما تم التأكيد على أهمية بناء جسور الثقة والتعاون بين جميع الأطراف العاملة في الميدان التربوي، لضمان بيئة تعليمية سليمة ومستقرة.
وخرج الحاضرون بانطباع مشترك مفاده أن التعليم في الشمال السوري، رغم الصعوبات، لا يزال ينبض بالحياة، بفضل إصرار المعلمين وإيمانهم برسالتهم، وبفضل إدارات تسعى لأن تكون قريبة من الإنسان قبل النظام، فبين أوراق الاجتماعات وكلمات المعلمين، كان هناك بريق أمل حقيقي، يعلن عن أن التعليم يمكن أن يكون جسراً نحو الاستقرار، وأن صوت المعلم سيبقى المحرك الأول لعجلة التغيير.
أهمية دمج المعلمين في الشمال
وختم مدير التربية في حلب حديثه بالقول إن دمج المعلمين في الشمال السوري يعد خطوة محورية نحو بناء منظومة تعليمية متكاملة توحد الجهود، وتعزز الاستقرار المهني والتربوي، فالدمج لا يقتصر على توحيد الهيكل الإداري فحسب، بل يمتد ليشمل تبادل الخبرات، وتكامل الكفاءات بين المعلمين، ما ينعكس إيجاباً على جودة التعليم ومستوى الطلاب، مضيفاً أن إشراك المعلمين في هذه العملية يمنحهم الإحساس بالانتماء والمسؤولية المشتركة، ويخلق بيئة تعليمية أكثر تعاوناً وعدالة، كما أن نجاح الدمج يعني فتح صفحة جديدة من العمل الجماعي القائم على الثقة والتفاهم، ليصبح التعليم في الشمال نموذجاً يحتذى في التنسيق والتكامل الوطني رغم كل التحديات.