الثورة – هناء ديب:
يبدأ أبو أحمد بائع الخضار في إحدى ضواحي ريف دمشق مع ساعات الصباح الأولى بتلقي طلبات سيدات من الخضار الجاهزة للطبخ فوراً، والتي اعتاد منذ سنوات على تحضيرها ضمن منزله بمساعدة زوجته كعمل إضافي ساهم بشكل كبير في تحسين دخل عائلته بعد أن كان يقتصر على بيع الخضار والفواكه .
قائمة الطلبات التي عادة ما تسلم لأصحابها منتصف النهار تشمل الكوسا والباذنجان المحفورة والبامياء والفاصولياء المقمعة والبقدونس المفروم والنعنع المجفف والذرة المفرطة، وفي بعض الأحيان تقوم عائلة أبو أحمد بطبخ بعض الطبخات لتكون جاهزة مع عودة بعض السيدات العاملات من دوامهن ومع هذه الطلبات اليومية تعد العائلة العديد من مواد المونة من المكدوس الجاهز للحشي والمخللات والمربيات والفليفلة ودبس الرمان وغيرها العديد من المواد .
ورشة عمل منزلية
يعتمد بائع الخضرة أبو أحمد وغيره العشرات من أصحاب محال الخضار إضافة لسيدات جعلن من منازلهن ورش عمل صغيرة لإعداد طبخات متنوعة جاهزة أو شبه جاهزة للطبخ كمصدر للدخل لتأمين احتياجات أسرهم خاصة في ظل الظروف المعيشية الصعبة.
وعادة ما تبدأ أول الخطوات كما ذكر أبو أحمد بالتعريف من خلال المحل بأنه جاهز لتحضير الخضراوات لتكون جاهزة للطبخ مباشرة وأنه يعده بيد زوجته بالمنزل وشيئاً فشيئاً زاد عدد الطلبات ومع نظافة وترتيب الأطباق المعدة انتشر اسم محله بمنطقته، وبعد أشهر انضمت شقيقة زوجته وجارتها للعمل معاً في المنزل وتوسعت الطلبات لتشمل لاحقاً المكدوس والفليفلة والمربيات وغيرها من المواد ثم بدأ من خلال ابنه طالب الجامعة على الترويج لعملهم عبر صفحات التواصل الاجتماعي.
يؤكد أبو أحمد أن عمله واجه صعوبات بمراحله الأولى أهمها ارتفاع أسعار الغاز وصعوبة تأمينه وارتفاع أسعار الخضار لذلك لجأ لاستخدام نار الحطب للطبخ كما تعامل مع أحد الفلاحين في مزارع حرستا القريبة على منطقته ليأخذ منه مزروعاته من ملوخية وسبانخ ولوبياء وفاصولياء وأصناف عديدة من الحشائش فكانت الفائدة متبادلة إذ سوق لمزروعات الفلاح واشترى منتجاته بأسعار أقل من السوق المركزي .
عوامل نجاح مساعدة
وحول تجارب العمل بالمنزل التي اعتمدتها سيدات في مناطق مختلفة لتكون فرصة للعمل بالمنزل ومساعدة على تحسين دخل الأسرة وإمكانية تحويلها من مشاريع متناهية الصغر لمشاريع صغيرة أو متوسطة بعد تطوير أدوات العمل وتنوعه وتوسيع دائرة العاملين فيه بين الخبير في مواضيع ريادة الأعمال والمشروعات الصغيرة ودراسات الجدوى الدكتور عامر خربوطلي أن العمل بالمنزل من قبل سيدات على وجه الخصوص موضوع مهم ومن صلب النجاحات والتجارب المميزة التي هدفت لتحسين دخل الأسرة وهذه المشاريع المتناهية الصغر معتدة في دول عديدة وأنا شخصياً اطلعت على نماذج هامة منها في إيطاليا تتعلق بإعداد مواد غذائية وغير غذائية بالمنزل ضمن عائلات .
ويضيف: في سوريا تندرج هذه الأعمال ضمن المشاريع متناهية الصغر، وتحسين الدخل هو الدافع الأساسي ويوجد عوامل نجاح لهذا الموضوع، ومنها الطلب على هذه النوعية من المواد التي تصنع بالمنزل وتراعي العوامل الصحية وغيرها ويفترض أن تأخذ بعض التراخيص المعينة المحدودة.
ويتركز هدف هذه المشاريع حسب الخبير خربوطلي على تلبية احتياجات السوق المحلية والبحث عن سبل لزيادة الدخل، وتعتمد بشكل كبير على المهارات الحرفية والطبخ والتسويق الإلكتروني، ورغم وجود تحديات مثل ضعف البنية التحتية ونقص رأس المال.
تشهد هذه المشاريع ازدهاراً، خاصة بين النساء المعيلات، في مجالات مثل صناعة الأطعمة والمؤونة والمشغولات اليدوية والمنتجات المصنوعة يدوياً مثل الصابون والمنظفات والأعمال الفنية.
ويوضح خربوطلي أن المشاريع بواقعها الحالي أمر مهم تؤدي لتشغيل أيدي عاملة أغلبهم سيدات وتوفير كبير بنفقات النقل والانتقال واستئجار الأماكن كما أن المواد تأتي إليها ويتم تصنيعها وتحضيرها، و أحياناً تكون هذه الأعمال لأصحابها مشروع لصاحبة هذا العمل أو لصالح الغير باشراف أشخاص يقومون بتوزيع هذه الأعمال على عدة أماكن عبر ورش صغيرة أو ضمن المنازل لتصنيع مادة ما غذائية أو تصنيع بعض المطرزات والأقمشة والمواد المتعلقة بعمل السيدات بالنهاية هذا أمر مهم جداً يؤدي لتحقيق شعار “الكل يعمل الكل ينتج والكل له دخل” .
وعن إمكانية استيعاب السوق السوري لهذه المنتجات أكد أننا بحاجة لتوسيع هذه الأسواق عبر مشروع وطني يتعلق بتحفيز تصدير هذه المنتجات، لأنها تصنع باليد من قبل سيدات يمتلكن مهارات وخبرات في تصنيعها وتصدر أو أن يتم شراؤها من قبل زائرين للبلد وهذا مبدأ مهم العمل المسوق سلفاً.
وأيضاً الجودة من خلال منتجات عالية الجودة أو حتى إعداد مواد غذائية عضوية دون استخدام مواد حافظة فيها مواد طبيعية أو دخيلة تنتج باحترافية ، وهذه النماذج موجودة بدول عديدة من العالم وتلقى رواجاً على المستوى المحلي والعالمي.