الثورة – رانيا حكمت صقر:
في عالم القصص المصورة للأطفال، تنجح الكاتبة رزان مصطفى في تقديم قصة تبدو بسيطة في شكلها لكنها عميقة في مضمونها.
تحكي قصة “هل أنا قطعة صغيرة منك؟” رحلة ذاتية ورمزية لشخصية “نتوف”، الباحثة عن هويتها وانتمائها، وسط عوالم متنوعة وأشخاص مختلفين.
تحمل القصة عبر كلماتها وتجاربها رسائل تدعو القارئ، صغيره وكبيره، إلى التفكير في ذاته وسبب وجوده، بأسلوب يجمع بين الرمزية والبساطة.
تبني القصة رحلتها وكما صرحت الكاتبة لصحيفة الثورة ” حول شخصية “نتوف” الصغيرة التي تعيش في جزيرة، وتطرح من خلالها سؤالاً وجودياً هو: “هل أنا قطعة صغيرة من شيء أكبر؟” هذا التساؤل يمثل بحث الإنسان الطبيعي عن ذاته ومكانه في العالم.
واستخدام الكاتبة لشخصيات تمثل قوى مختلفة “الراكض، القوي، السباح، المتسلق، الحكيم” لا يقتصر فقط على تقديم الرد المتكرر الذي ينفي انتماءه للكل، بل يوضح أن كل فرد هو كيان مستقل له قيمته الذاتية، ولا يمكن اختزاله كجزء ضائع من كيان آخر”.
الرحلة المتعاقبة التي يخوضها “نتوف” تحمل الرموز البسيطة التي يستطيع الطفل استيعابها، مثل القراءة في أصوات الطبيعة، ومواجهة المخاوف في الظلام والعزلة. وصولاً إلى النهاية حيث يكتشف “نتوف” أنه كامل بذاته، وأن شعوره بالضياع كان مجرد جزء من رحلته لفهم ذاته.
هذا الدعم الرمزي يعزز قيمة الرسالة حول أهمية البحث الذاتي والقبول بالنفس.يظهر في النص توظيف بارع للغة الحسية والبسيطة، مع تكرار مقاطع الحوار التي تؤكد تباين شخصية “نتوف” عن الآخرين، وتسليط الضوء على القلق الداخلي للذات الباحثة عن الحقيقة.
كما أن النهاية التي تشهد عودة “نتوف” إلى أصدقائه مكتملة، تؤكد على أهمية الانتماء مع الاعتراف بالفردانية، وهي رسالة متوازنة تشكل قيمة تعليمية مهمة للأطفال وفقاً لمصطفى.
أما بالنسبة للقارئ، فيستحوذ النص على اهتمامه بسبب بساطته التي لا تفقد عمقها، وذكاء طرحه لسؤال معقد بطريقة تتناسب مع الأطفال، لكنها تدعو للتأمل العميق.
تجعلنا القصة نفكر في أنفسنا ونعيد تقييم نظرتنا للهوية والانتماء، وكيف أن الشعور بالكمال يأتي من داخلنا، لا من انتماءات خارجية فقط.
هي قصة محفزة على الإيجابية ودعم حب الذات، وفي الوقت ذاته تقدم تجربة سردية ممتعة يستطيع الأطفال الاندماج معها بسهولة.