الثورة – همسة زغيب:
يحتضن المتحف الوطني في دمشق اليوم ورشة للفسيفساء نظمها معهد الفنون التطبيقية في القلعة، تجمع بين التقنية والخيال، وتمنح المشاركين فرصة لتشكيل أعمال تنبض بالحياة.
يشارك في الورشة طلاب وخريجون ينسجون من الخامة حكاياتهم الخاصة، فيحوّلون التفاصيل إلى مشاهد بصرية تنطق بالشغف والمهارة.
تهدف الورشة إلى تعزيز الحراك الفني داخل المعهد، وتقديم أفكار قابلة للتطوير في مشاريع مستقبلية تحمل بصمة شخصية لكل فنان مشارك.
زخارف خزفية
تقول سيدرا حيدر، طالبة فنون: “حين أضع يدي على الطين، أشعر بحوار صامت معه، لا يستجيب إلا لمن يفهمه، ومن يمنحه الوقت ليكشف عن مكنونه.
الخزف ليس مجرد تشكيل، بل هو بناء داخلي يحتاج إلى صبر وفهم عميق لتوازن الماء والتراب والنار.
تعرض قطعاً تحمل زخارف مستوحاة من الطبيعة، وأخرى تتجه نحو التجريد، لكنها جميعاً تتشارك في ملمس حي وحضور يفرض نفسه على العين.
الرسم واللون
تشرح إيمان حسن، خريجة معهد الفنون التطبيقية، مراحل عملها في الفسيفساء: “الرسم هو البوصلة، وبعده أقوم بالقص والتطبيق على القماش، ثم التثبيت على لوح خشبي.
بعدها تبدأ المرحلة الأجمل، باختيار القطع وتوزيعها، وكأنني أكتب نصاً بصرياً، كل قطعة فيه كلمة، وكل لون نغمة.
تعرض لوحة تمثل مشهداً من الحياة اليومية في دمشق القديمة، استخدمت فيها الزجاج والسيراميك، وخلقت توازناً بين الواقعية والانطباعية، مما منح العمل طابعاً فنياً جميلاً.
موهبة متجذرة
تتحدث هديل فرزان عن مشروع تخرجها بفخر: “تناولت المرأة السورية في الحرفة، وجسّدت صورة امرأة تصنع السجاد اليدوي.
دمجت الفسيفساء بالخزف، وخلقت تفاعلاً بين اليد التي تصنع والعين التي ترى.
تستفيد من الورشة لتبادل الخبرات وتطوير تقنيات جديدة، وتؤمن أن الفن يبدأ من الأكاديمية لينطلق نحو التجريب الحر.
فسيفساء غير تقليدية
تقول الطالبة غيداء جديد: “منحتنا الورشة فرصة لنكون جزءاً من مشهد بصري حيّ، نعمل فيه معاً، نخطئ ونصحح، نكتشف ونبتكر.
استخدمت خامات غير معتادة مثل المعدن والورق المقوّى لكسر النمط الكلاسيكي وفتح باب للتجريب.
ترى أن الورش ترفع أداء المعهد، وتمنح المشاركين مساحة للتفاعل مع الجمهور، ومع الذات الفنية في آنٍ واحد.
الورشة لغة القلب
تتحدث الفسيفساء هنا بلغة القلب، وتروي حكايات لا تُنسى.
من الخزف إلى الزجاج، ومن الرسم إلى التثبيت، كل مرحلة هي نبض من روح، وكل عمل هو مرآة لفنان يرى في الفن خلاصاً وتعبيراً.
في أروقة المتحف، ترتفع الأصوات لتقول: نحن هنا، نصنع الجمال من التفاصيل، ونرسم المستقبل قطعة قطعة، كفسيفساء لا تكتمل إلا حين نؤمن بها.