الثورة – رنا بدري سلوم:
منذ أن حل شهر رمضان المبارك ضيفاً محبّباً لدى الأطفال تحلّت دفاترهم الصغيرة برسومات الفوانيس الرمضانيّة بكل أشكالها وألوانها، ما خلق لديهم الرغبة في صناعتها بمادة الكرتون وتعليقها في منازلهم وصفوفهم.
للفانوس ذاكرة رمضانيّة تستحوذ انتباه واهتمام الأطفال، وهو ما يحرص عليه الكبار أيضاً في المساهمة بتحضيره وشرائه وتعليقه بأشكاله الكهربائية، فقد تطوّرت صناعته عبر الأزمان حتى ظهر الفانوس الكهربائي الذي يعتمد في إضاءته على البطاريّة واللمبة بدلاً من الشمعة، ولم يقف التطوّر عند هذا الحد بل ظهر الفانوس الصيني الذي يضيء ويتكلّم ويتحرّك، بل تحوّل الأمر إلى ظهور أشكال عديدة غير الفانوس ولكن لا تباع إلا في شهر رمضان تحت اسم “الفانوس”.
وبهذا التطور الحضاريّ السريع تغيّر الفانوس وتبدّل وأصبح من النادر أن ترى طفلاً يمسك بالفانوس الزجاجيّ الملوّن المحتضن للشمعة المضيئة، الفانوس الذي كان الأطفال أيام زمان يحملونه في عصر الخليفة الفاطمي ليلة الرؤية ليستطلعوا هلال شهر رمضان ويضيئوا الطريق فيه، كان وقتذاك كل طفل يحمل فانوسه ويغني الأغاني الجميلة تعبيراً عن سعادته باستقبال شهر رمضان المبارك.
وللفانوس أشكالٌ متنوّعة فبعض الفوانيس صناعتها معقدة في تصميمها مثل الفانوس المعروف “بالبرلمان” والذي سميّ بذلك نسبة إلى فانوس مشابه كان معلقاً في قاعة البرلمان المصري في الثلاثينات من القرن الماضي، وكذلك الفانوس المسمى “فاروق” والذي يحمل اسم ملك مصر السابق والذي صمم خصيصاً لاحتفال القصر الملكي بيوم ميلاده، وتم شراء ما يزيد على خمسمئة فانوس من هذا النوع يومها لتزيين القصر الملكي.
وبالعودة إلى كلمة “فانوس” يقول المؤرخون: إن الكلمة إغريقية تشير إلى إحدى وسائل “الإضاءة”، ويذكر الفيروز آبادي مؤلف قاموس المحيط، أن المعنى الأصلي للفانوس هو “النمام” ويرجع صاحب القاموس تسميته بهذا الاسم إلى أنه يظهر حامله وسط الظلام، وبهذه الجولة التاريخية لشكل ونوع واسم الفانوس يبقى لنا أن نتخيّل الفوانيس الرمضانيّة بأبهى صورتها في رسومات أطفالنا التي تنير القلوب، ولا ننسى من يرافقها وهو هلال الشهر الفضيل.
#صحيفة_الثورة