الإتجار بالأعضاء.. تديره شبكات منظمة عابرة للحدود المحامي يوسفان: مجرمون استغلوا علاقات القربى مع النظام المخلوع

الثورة- حسين صقر:

من المعروف أن عمليات التهريب كثيرة وتنتشر في كل أنحاء العالم وتديرها شبكات منظمة لمصلحة أفراد متنفذين حيناً، وأنظمة ودول حيناً آخر، ولكن اللافت في الأمر أن تلك العمليات تتدرج في خطورتها أولاً بأول، حتى تتحول في بعض المراحل إلى كارثة، لأنها تنعكس على حياة البشر وأمنهم، في الوقت الذي تتعدد فيه أشكال عصابات التهريب والهدف واحد، وهو جمع المال والسيطرة والنفوذ.

التجارة بالأعضاء البشرية، من أخطر أنواع الطرق التي تسلكها عصابات وشبكات التهريب الخارجة عن القانون، لذلك ﻓﻲ ﺣﺎل تم اختطاف شخص أو استدراجه بهدف قتله و اﻹتجار ﺑﺄعضائه، يُعد القتل عمداً، وتكون العقوبة حسب المشرع الإعدام.

والإتجار بالأشخاص والأعضاء يعدُّ شكلاً خطيراً من الجرائم، لأن ممارسيه على درجة من العلم والدراسة، حيث لا يستطيع إجراء عمليات النزع والزرع سوى أطباء باعوا ضمائرهم، وبالتأكيد سوف يكون معهم أناس في مواقع ومفاصل مهمة سواء على الحدود أو في المطارات أو المعابر وفي المستشفيات، والقائمة تطول.

المشرع الدولي حاول أن يكافح هذه الجريمة من خلال بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الإتجار بالأشخاص، وفي سورية ثمة مراسيم وقرارات موجودة لمكافحة تلك الجرائم.

ثمة عمليات زرع إنسانية

وفي هذا السياق يقول الطبيب خليل عبده صويص: إن هناك عمليات زرع للأعضاء، تكون منظمة وقانونية، وتتم عادة إما بالتبرع أو بالشراء، وتلك العمليات تنقذ عشرات الآلاف من الأرواح سنوياً، فزراعة كلية أو كبد أو حتى القلب تخفف الألم والمرض.

لذلك تدير العديد من الدول برامج ناجحة للتبرع القانوني بالأعضاء، تتضمن أفراد الأسرة أو ضحايا الحوادث، وبالاتفاق مع ذويهم والموافقة من قبلهم.

غير قانونية

وأضاف صويص، لكن مع كل أسف ظهر هناك مستغلون لتلك الحالات، وبدؤوا عملاً لا أخلاقياً، بشكل سري، وذلك عن طريق أشخاص “امتهنوا” الجريمة و الإتجار بالأعضاء البشرية، موضحاً أنه ينتشر حول العالم وسطاء منعدمو الضمير يعملون في هذه التجارة الخطيرة، حيث يقدمون الرشاوى إلى الأشخاص المستضعفين أو يتنمرون عليهم أو يبتزونهم أو يخدعونهم أو يجبرونهم على التبرع بأعضائهم، ثم يبيعون تلك الأعضاء للأطباء والعيادات والمستشفيات، في أماكن ينتظر المرضى أدوارهم التي تأخذ وقتاً طويلاً لإجراء عملية زراعة الأعضاء.

وأضاف: نظراً لأنه ينبغي زراعة الأعضاء بمجرد استئصالها، غالباً ما يتم تهريب الضحايا إلى الدولة التي ستتم فيها عملية زراعة العضو، منوهاً بأنه في الحقيقة، من الصعب جداً الحصول على حقائق مؤكدة عن هذه التجارة غير المشروعة، لكن تقديرات منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن حوالي 10% من عمليات زراعة الأعضاء التي تبلغ 120 ألف عملية سنوياً تتضمن اتجاراً في الأعضاء، وهذا يعني أن هناك أكثر من عشرة آلاف ضحية في السنة.

من جهة ثانية أكد صويص على أن القانون لم يحدد من هو الطبيب المؤهل لنقل الأعضاء، وما هي المشافي المسموح بها لإجراء هذه العمليات، ما فتح الباب لانتشارها في ظل الفساد والمحسوبيات وتدهور القطاع القطاع الصحي خلال الحقبة الماضية.

جريمة منظمة

من جهته قال الممرض عبد الصمد علوان: غالباً ما ترتبط تجارة الأعضاء البشرية بعصابات الجريمة المنظمة، لكنها شكل غير معتاد من أشكال الاتجار لأنها تشمل أيضاً أشخاصاً يعملون في إطار القانون: الأطباء والجراحون والممرضات وسائقو سيارات الإسعاف ومديرو المستشفيات والعيادات، حيث يستغل تجار الأعضاء البشرية الأشخاص الذين يعانون من ضائقة مالية أي من هم في حاجة ماسة إلى المال وغالباً ما يستقطبون المتبرعين من خلال وعدهم بأرقام مالية كبيرة، وهي بالنسبة للأشخاص المثقل كاهلهم بالفقر أو بالديون تكون مجزية، لكن الحقيقة المروعة هي أن المتبرعين في غالب الأحيان لا يحصلون إلا على القليل من الأموال التي وُعدوا بها أو لا يحصلون على أي شيء على الإطلاق، وغالباً ما يتعرضون لمشاكل صحية خطيرة بعد استئصال عضو أو جزء من عضو في ظروف خطيرة.

استغلال طيبة الآخرين

من جهة ثانية قال سمير بيرقدار وهو شاهد عيان على حالة حصلت مع أحد الأشخاص، إن شاباً في مقتبل العمر اضطر إلى زرع كبد، وقد أعلن ذووه عن حاجتهم لذلك بهدف جمع التبرعات، ومع أنهم وجدوا المتبرع، ونجحت عملية الزرع، ولكن قاموا بأخذ المبلغ واستخدامه لمواضيع أخرى تخص رفاهيتهم، وهذا بالتأكيد يقطع المروءة من بين الناس ويهز الثقة فيما بينهم، ويضيع الصالح بالطالح.

اتفاقات دولية وعقوبات صارمة

ولتسليط الضوء قانونياً على هذا الموضوع، والاطلاع على العقوبات المفروضة على المتاجرين بالأعضاء، تواصلت صحيفة الثورة مع المحامي قاسم محمود يوسفان الذي أكد أن تجارة الأعضاء البشرية تتسع في العالم بأسره، نتيجة الفوضى وعدم السيطرة على الشبكات العاملة فيها، حيث يتم الحصول على أعضاء بشرية رخيصة في الدول الفقيرة وبيعها لمرضى محتاجين للتبرع في الغرب بواسطة شركات غربية، وقال مع أن هناك عملية ضبط لذلك، وسمح بالتبرع دون حسم هوية المتبرع ودرجة قرابته من الشخص الذي سيتبرع له، مؤكداً أن موضوع حصول المتبرع على تصريح من كاتب العدل أمر سهل ويمكن إجراؤه ومن ثم قبض المتبرع للمبلغ المتفق عليه مع الشاري.

وأوضح من المعروف أن الاتجار بالأعضاء البشرية هي عملية غير قانونية في معظم بلدان العالم، لكن صادقت بعض الدول على قوانين تتيح زراعة الأعضاء مثل استراليا وسنغافورة، لكن رغم القوانين والمراسيم التي تحظر العمل في هذا المجال وتفرض العقوبات الجزائية المختلفة على من يتم ضبطهم، إلا أن هناك عالماً خفياً تديره العديد من المنظمات العابرة للقارات والتي تعمل بنقل الأعضاء البشرية والأنسجة أو أجزاء أخرى من الجسم بغرض زراعتها لشخص آخر.

وقال يوسفان: لقد التزمت العديد من الدول بالبرتوكولات والقوانين الدولية الخاصة بحماية ضحايا الإتجار بالبشر وإلحاق العقاب بالأشخاص الذين يمارسون مثل هذه الأعمال، ومن بين هذه الاتفاقيات اتفاقية “باليرمو” الدولية والبروتوكولات التي عالجت عدة مواضيع منها منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص وخاصة النساء والأطفال، ودخلت حيز التنفيذ منذ عام 2003، وصادقت عشرات الدول على الاتفاقية ومن بينها سوريا.

عقوبات شاقة

ونوه أنه حددت عقوبة الإتجار بالأعضاء البشرية، والتي تضمنت قانوناً حول عمليات نقل وغرس الأعضاء أو الأحشاء البشرية، وفي المادة السابعة منه نص على أنه: “يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة كل من يتاجر بنقل الأعضاء البشرية” لكن لم يطبق هذا الأمر على العديد من الشخصيات المقربة من النظام المخلوع، والتي كانت تعمل دون خوف أو حذر بسبب الصلاحيات المطلقة التي تتمتع بها وتستمدها من رأس النظام بسبب القرابة أو الصداقة.

وأضاف شددت العقوبة في سوريا بعد المرسوم التشريعي رقم 3 الصادر عام 2010 والخاص بمكافحة الإتجار بالأشخاص، على الجريمة إن كانت دولية أو ارتكبت بحق سيدة أو طفل، ليتم تطبيق المادة الثامنة منه والتي تقضي بما يلي: ” عند وجود سبب تشديد، تشدد العقوبة من الثلث إلى النصف” ورغم أن القوانين الجزائية في سوريا تتضمن عقوبات شديدة، إلا أن مثل هذه الجرائم ظلت آنذاك مستمرة، مشيراً إلى أن العصابات المنظمة التي تعمل في ذات المجال من أخطر الشبكات التي ارتكبت انتهاكات في سوريا، وكان توثيق هذه الانتهاكات يعتبر من الأمور الصعبة خاصة أن العاملين ضمن هذه العصابات يستخدمون أسماءً وهمية ويعملون ضمن أجواء سرية، وغالباً ما يتم إجبار بعض الضحايا على التبرع بأعضائهم عن طريق التهديد والإكراه.

وقد وقع البعض منهم بالفعل ضحية للاتجار بالجنس أو العمل القسري، وربما قيل لهم إن هذه طريقة يمكنهم من خلالها تسوية الديون التي حملهم إياها تجار البشر.

وذكر يوسفان، جاء المرسوم التشريعي رقم 3 لعام 2010 ليسد الثغرة القانونية في التشريع الداخلي في سوريا، وتعد المادة الرابعة من قانون منع الاتجار بالأشخاص الدعامة الأساسية التي يرتكز عليها هذا القانون، حيث تضمنت جرائم الإتجار بالأشخاص، ونصت على أنه أولاً يعد إتجاراً بالأشخاص استدراج هؤلاء أو نقلهم أو اختطافهم أو ترحيلهم أو إيواؤهم أو استقبالهم لاستخدامهم في أعمال أو لغايات غير مشروعة مقابل كسب مادي أو معنوي أو وعد به أو بمنح ميّزات أو سعياً لتحقيق أي من ذلك أو غيره، ثانياً لا يتغيّر الوصف الجرمي للأفعال المذكورة آنفاً سواء كانت باستعمال القوة أو بالتهديد باستعمالها أو باللجوء إلى العنف أو الإقناع أو استغلال الجهل أو الضعف أو بالاحتيال أو الخداع أو باستغلال المركز الوظيفي أو بالتواطؤ أو تقديم المساعدة ممن له سلطة على الشخص الضحية، ثالثاً في الحالات جميعها لا يؤخذ بموافقة الضحية، لأن إجباراً محتملاً قد حصل، حيث يتضح لنا من هذا النص أن الإتجار بالأشخاص ليس جريمة واحدة، وإنما جرائم عدة أورد المشرع السوري أركانها بشكل مجمل في النص السابق.

وختم المحامي يوسفان أن الإتجار بالأشخاص كما يراه الفقه نوعان: إتجار دولي العابر للحدود الوطنية، وإتجار داخلي، وأن المشرع أكد ضرورة تنفيذ العقوبة حسب الحالة المعروضة والواقعة.

آخر الأخبار
تداولٌ ينشط.. وسيولةٌ تختفي قوشجي لـ «الثورة»:حبس السيولة عقبة كبيرة تواجه مستثمري سوق دمشق رفع كفاءة مصادر المياه الجوفية والسطحية بدرعا حرائق متسارعة في غابات الساحل وريف إدلب.. 60 حريقاً في 48 ساعة التطبيل والمدح.. أين تنتهي الحقيقة ويبدأ التزييف؟ الاحتفاء بالأفعال وليس بالأسماء الفقر يطارد المرضى في سوريا العلاج حلم مكلف والأمل بالحكومة عبوة الأنسولين 100 ألف ليرة ومليون لير... تركيا تفتح المنافذ البرية للقادمين من سوريا بعد تعطل الرحلات الجوية مدير الدواجن لـ"الثورة": الاستثمار في المنشآت ضمن توجهات الاقتصاد الحر لمواجهة صعوبات الحياة.. فتيات : التسويق الإلكتروني فرصة عمل مجدية عودة شركات الاتصالات السورية الأميركية.. باراك وشيا يؤكدان بداية جديدة للاستثمار ورفع العقوبات "وول ستريت جورنال": ترامب وافق على ضرب إيران مشروع قانون أميركي جديد لإلغاء " قيصر" جورجيا تطالب أنقرة بالتوسط لدى دمشق للتراجع عن الاعتراف بأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية توقيع بروتوكول تعاون بين وزارتي الصحة في سوريا وتركيا الصفدي يؤكد أهمية توفير ظروف إعادة بناء سوريا المستقرة انسحاب القوات الأميركية من سوريا..بين هواجس "قسد" وآمال دمشق مشروع منتجات طبيعية.. يؤمن فرص عمل وطموح بتوسيع التسويق السوريون واللبنانيون يلتزمون الحياد بعد أعوام من الحروب 2000 طن خوخ ودراق إنتاج درعا فتح المعابر.. تنشيط للاقتصاد وجذب الاستثمارات خبيران لـ"الثورة": فرصة للترانزيت الدولي وفتح مناطق ح... مطار دمشق الدولي يستقبل 331 حاجاً