رفاه الدروبي
كل تجريد حنين، يكشف عن مشاعر وأفكار وتداعيات ترصد المرئي في اللامرئي بعد تعريته وجرده من الزيادات، ومنه عطفُ حالةٍ خاصةٍ على حالةٍ عامة “شكلاً أو مضموناً”؛ والعمل بصمت، أكثر التجليات حدة لتجربة الفنان عبد الله مراد ولتأملاته، وفي السياق ذاته ليس من المصادفة أنْ يصف نفسه على النَّحو الذي يراه ذاته مستنداً إلى نص من كتاب “هسهسة اللغة” للكاتب رولان بارت قال فيه: “أنا مجرد رسام ينحو نحو الصمت قدر الإمكان”.
كلماته تضمنت في “برشور” المعرض الذي أقيم في صالة مشوار للتشكيلي عبد الله مراد، وضمُّ ٢٨ لوحة، رسمها بأسلوب التجريد ولوَّنها بألوان الإكريليك. رئيس اتحاد الفنانين التشكيليين محمد صبحي السيد يحيى أشار إلى أنَّ مراد قدَّم تجربة جميلة، ولا يمكن الوصول إليها إلا للمتذوقين في عالم الفن.
إنَّها فريدة من نوعها ولها وقع خاص لدى التشكيليين، وهو فنان له بصمته الفنية الخاصة. ولفتت مديرة الصالة ميادة كليسلي إلى أنَّ المعرض لفنان حساس بتفكيره قدَّم فناً تجريدياً؛ والفرق بين الفن والعشوائية يتجلى في خصوصية الفنان وشخصيته وعمقه وفلسفته وقراءته للواقع.
بدوره التشكيلي محمود جوابرة اعتبر الفنان من أهمِّ رموز التشكيلي السوري، وصاحب تجربة عمرها ستة عقود تقريباً، واتبع في لوحاته أسلوباً تجريدياً تعبيرياً، ومجموعة أعماله عبارة عن عوالم ليست في حسباننا ولا نعرفها مسبقاً، وتمثل كائنات معمارية بنائية مشبعة بالألوان والجمال لفنان حر بما يقول، ولكن استمتعنا بمعظم الأعمال، ولا يمكن أن نجد لوحة تشبه الأخرى.. فكل واحدة لها عالمها وروحها، وأثناء مشاهدتنا لها نسمع حثيث أصوات كائنات غير مرئية تسكن في عالم لوني حيث يتبع الفنان حالة نفسية لها علاقة بالزمان والمكان.
من جهتها التشكيلية عفاف خرما أوضحت أنَّ المعرض لفنان مخضرم، ويعتبر الأول بالتجريد في سوريا. في حين أكَّد التشكيلي عدنان حميدة أنَّ الفنان مراد ينتمي إلى المدرسة التجريدية وأحياناً التعبيرية الرمزية، ويحمل الكثير من الصدق والعفوية.
وذكر التشكيلي نعيم شلش أنَّ المعرض يبدو فيه إضافة جديدة بالتشكيل والتكوين وولوج إلى الأنسنة أكثر من معارضه القديمة
.