الثورة – فريال زهرة:
كيف نواجه الغلو والتطرف في المجتمع، ومن سيتولى المهمة، وهل بالإمكان التخفيف منه مع تعدد مصادره وتنوع أشكاله.. أسئلة تطرح اليوم كثيراً في ظل ما نشاهده من مظاهر لدى البعض، أجاب عليها الشيخ الأستاذ ممدوح العسس في حديث طيب لـ”الثورة”، وهو إمام وخطيب مسجد في المليحة، ومدرس لغة عربية وجميع المواد الشرعية في جامع المليحة الكبير، قائلاً:
من المصطلحات التي تطرق أسماعنا مصطلح الغلو، وهو مصطلح قديم، ولقد ذكره ربنا تبارك وتعالى في القرآن الكريم “يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم”، ومنذ مئتي عام تقريباً انتشر مصطلح آخر ألا وهو التطرف، ولسنا الآن بصدد تاريخهما وأسبابهما بقدر ما نحن بحاجه إلى معرفة التعامل معهما.
إذ إننا اليوم ومع وجود وسائل التواصل وانتشار الأفكار دونما حسيب أو رقيب يجب علينا أن نكون واعين، لما قد يتسبب بفساد عريض في مجتمعاتنا، ومعرفه أسباب الغلو والتطرف، وهي كثيرة جداً، ولكن أهمها وأخطرها أمران اثنان، أولهما الجهل في الدين وعدم تلقيه من مصادره الموثوقة، وثانيهما: محاربه الدين من بعض الجهات العالمية والتي ولدت ردة فعل عند الشاب المتحمس.
لقد عمد كثير من الدعاة إلى التأثير على الناس بالعواطف أكثر من العلم الراسخ والتأصيل الصحيح للمسائل الشرعية، فبدأ كثير من الناس يأخذون العلم عمن هب ودب من دون النظر إلى توثيقه عند أهل العلم، ومن هنا بدأت المخالفة، فشأن السلف ما كانوا يأخذون العلم إلا عمن وثق بدينه وإيمانه.
ويا للأسف هذا الشاب في زماننا، الشاب المتحمس المندفع أخذ يصقل أفكاره بشكل يصادم مقاصد الشريعة، ومن دون الرجوع إلى فهم العلماء الإثبات في المسائل الجسام، وأخذه الحماس أبعد من ذلك إلى أن بدأ يكفر أو يبدع أو يفسق بغير علم ويسقط الأحكام على الأشخاص من دون بينة وحجة ومحجة، ومن دون النظر إلى الموانع الشرعية التي أصلها العلماء والتي تمنع من إسقاط الأحكام على المعينين.
وأضاف الشيخ العسس: وبنفس الاتجاه يوجد جهات إعلامية وجهات فكرية وجهات دولية أخذت تحارب هذا الفكر بالحديد والنار فلم تزد الطين إلا بله وأخذ هذا الغلو يفرخ وينتشر، وأخذ هذا التطرف يكبر وينتفخ حتى غدا معضلة العصر وأصبح واجباً علينا أن ننهج المنهج الصحيح حتى نقف عند حدود الله عز وجل في كل أحوالنا.
من أهم ما نواجه به الغلو والتطرف العلم الصحيح للدين الحنيف وتلقيه من مصادره الموثوقة والأخذ من الوحيين الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبين الشيخ العسس أنه حين أكون أباً أو معلماً أو مدرساً يجب عليّ أن أضع طلابي وأبنائي على الطريق السليم والجادة الصحيحة دون أن أميل إلى هوى نفس أو تأثر بأشخاص آخرين.
الجادة الصحيحة هي في كتاب الله وسنه نبيه صلى الله عليه وسلم، يجب أن نتعامل مع التطرف من جذوره فنحافظ على أبنائنا في المساجد والمدارس وجميع دور التعليم بل ووسائل التواصل الاجتماعي أيضاً، وفي ذلك نفوت على من حمل فكراً مغالياً أن يميل إليه أبناؤنا ويتأثر به ويميل إليه وينجرف معه.
ولا بد من التربية السليمة وشدد الشيخ العسس على أن مهمة الآباء والمعلمين توجيه الشباب إلى الفهم الصحيح للدين، وغرس القيم الإسلامية القائمة على الرحمة والتسامح. كما أنه لا بد من المتابعة الإعلامية والتربوية و لا بد من التعامل بحكمة مع المخالفين فبدل أن نواجه الغلو بالقمع فقط، علينا أن نصحح المفاهيم ونحاور بالحسنى لإقناع المتأثرين بالفكر المتطرف. والحديث في هذا المجال يطول ويطول وعلى الجميع تحمل مسؤولياته تجاه النشء.