الثورة – متابعة جاك وهبه:
شهدت أسعار الذهب العالمية تراجعاً ملحوظاً خلال الأيام الماضية، وانخفض سعر الأوقية إلى 3,034 دولاراً، مسجلًا أدنى مستوى له منذ أكثر من ثلاثة أسابيع.
يأتي هذا الانخفاض في ظل موجة بيع واسعة شملت مختلف الأسواق العالمية، في وقت يصف فيه خبراء اقتصاديون التراجع بأنه مؤقت في ظل استمرار جاذبية الذهب كأداة للتحوط ضد الأزمات.
عوامل التراجع
ويعزى هذا التراجع إلى عدد من العوامل، من بينها عمليات تصحيح في الأسواق المالية عقب ارتفاعات سابقة، بالإضافة إلى تصاعد المخاوف بشأن تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، ولاسيما مع تزايد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، واستمرار النزاعات في مناطق مثل أوكرانيا والشرق الأوسط.
وفي الوقت الذي أقدمت فيه بعض الصناديق الاستثمارية على بيع الذهب لجني الأرباح أو لتغطية خسائر في أصول أخرى، حافظت مؤسسات مالية كبرى على نظرة متفائلة تجاه مستقبل أسعار الذهب، وفي هذا السياق، رفعت مؤسسة HSBC توقعاتها للذهب في عام 2025 إلى متوسط 3,015 دولارا للأوقية، بزيادة ملحوظة عن تقديراتها السابقة، كما توقعت سعراً متوسطاً قدره 2,915 دولارا في عام 2026.
وأشارت المؤسسة إلى أن التوترات الجيوسياسية وتزايد عدم اليقين بشأن السياسات النقدية العالمية، فضلاً عن تنامي مشتريات البنوك المركزية، تشكل عوامل رئيسة في دعم أسعار الذهب على المدى الطويل، وتعد الصين والهند من أبرز المشترين للذهب خلال الفترة الأخيرة، في إطار توجهات استراتيجية لتنويع الاحتياطيات النقدية بعيداً عن العملات التقليدية.
انخفاض طفيف
وفي سياق متصل، أفاد تقرير صادر عن مجلس الذهب العالمي بأن إجمالي الطلب على الذهب في عام 2023 بلغ نحو 4,448 طناً، مسجلاً انخفاضاً طفيفاً بنسبة 5% مقارنة بعام 2022. ومع ذلك، أظهر التقرير أن الطلب الفعلي، عند احتساب التعاملات خارج البورصات، ارتفع إلى مستوى قياسي بلغ 4,899 طنا، كما بلغ إجمالي مشتريات البنوك المركزية 1,037 طنا، وهو ثاني أعلى رقم سنوي يتم تسجيله تاريخياً.
الذهب والاقتصاد
ويؤكد خبراء اقتصاديون أن العلاقة بين الذهب والاقتصاد العالمي تزداد تعقيدا، مع تداخل العوامل المؤثرة في السعر، بين مؤشرات الاقتصاد الكلي، وأسعار الفائدة، وتحركات العملات، والتقلبات الجيوسياسية، وبينما يعتبره البعض ملاذا آمنا خلال الأزمات، يرى فيه آخرون وسيلة استراتيجية للتحوط بعيد المدى.
وفي ظل استمرار الغموض الاقتصادي العالمي، خاصة في النصف الثاني من عام 2025، ويتوقع أن يظل الذهب خياراً مفضلا لدى المستثمرين، مدعوماً بالطلب المؤسسي والمخاوف المستمرة بشأن الاستقرار المالي والجيوسياسي.