الثورة – همسة زغيب:
افتتح معرض فني “دولة فارماكون”- سمّ لا حياة، في مقر فرع مكافحة المخدرات “سابقاً'” في جرمانا، مكان غالباً ما كنا نعتبره أسود عاتماً، وتحول المكان من أسود إلى أبيض، نعم، وبيد فنانين كبار، بالتعاون مع الملتقى الفني والثقافي والمشروع المجتمعي والحقوقي للمجتمع الأهلي والمدني في جرمانا بخطوة متميزة وبمشاركة من أعضاء “تجمع تراكم”.
من أول الأنشطة الفنية التي يطلقها “التجمع الفني في جرمانا” وهو أحد التجمعات المهنية المنبثقة من سوريا الصغرى، هو تفكيك بصري وسياسي واجتماعي للعلاقة المعقدة، والتناقضات القاتلة بين الحروب وتجارة المخدرات واستخدام الإدمان كأداة للقمع والسيطرة، حيث يُعاقَب الضحايا ويظلّ المستفيدون بلا مساءلة.
“فارماكون” في اليونانية تعني الدواء والسمّ في آنٍ معاً. ويهدف المعرض إلى إيصال رسائل توعوية حول مخاطر تعاطي وإدمان المخدرات وما تسببه من مشكلات اجتماعية خطيرة تهدد أمن الفرد والمجتمع، فكانت قضية المخدرات واحدة من القضايا التي تستوجب المعالجة بمنظور الوعي والعقل والفن.
وفي تصريح لـ”الثورة” تحدث مدير منطقة الغوطة الشرقية في محافظة ريف دمشق محمد علي عامر: إننا لأول مرة بعد تحرير سوريا نرى إبداعاً مشتركاً للفنانين، وبرؤية خاصة لمشاهد مدروسة بدقة وخطة عملية صحيحة لمكافحة المخدرات، وما قدمه الفنانون يبشر بالتعاون المشترك لمكافحة الإدمان المدمر للإنسان والعائلة والمجتمع، لكن ليس كما كان يتبناها النظام البائد بشكل ظاهري، وبالحقيقة كان يروج لها على مستوى العالم، ففي العقد الأخير تحولت سوريا تحت حكم ديكتاتورية آل الأسد الفار إلى إمبراطورية مخدرات عالمية تستخدم الكبتاغون كعملة منشطة لاقتصادات الحرب، ومصدر لتمويل الميليشيات، ووسيلة لتخدير الجنود وإطالة قدرتهم على القتال، وبينما كانت الشحنات الضخمة تُهرّب عبر الحدود، ويزج بالمواطنين في السجون، ويخضعهم للتعذيب الوحشي بتهمة استهلاك نفس المادة التي كان يصدّرها بالملايين.
كما تحدث المشرف العام على المعرض الفنان التشكيلي خالد بركة- وهو مؤسس ومدير منظمة ثقافة مشتركة، “نحن نقف بفخر على موعد مع العطاء والإبداع بعد غياب طويل عن البلد بوقت البلد بحاجه للأفكار الخلاقة للنهوض بالمجتمع من آثار نظام الكبتاغون، ونحن هنا لنكشف هذا التناقض، ونحوّله إلى مساحة للفن والوعي، وللبوح والتعافي، بهدف استنهاض المجتمع نظراً لأهمية دور المجتمع المدني والأهلي من خلال تأسيس فضاءات تشاركية جديدة تستند على التمكين المهني وتطور القدرات وإبراز إبداعات الفنانين من رسوم ونحت وتصاميم ومشغولات يدوية”.
وأضاف: “استطعنا جمع الصور والوثائق ووسائل التعذيب والإبادة، لإقامة معرض فني باعتباره شاهداً تاريخياً على أكبر وأفظع أنظمة التعذيب، وضمّ المكان ملفات بأسماء السجناء الضحايا، كما تشتمل على صور بعضهم، وأدوات التعذيب ونماذج من خراطيش الرصاص، فضلاً عن أسرّة حديدية، كانت تُستخدم لتقييد المعتقلين في أثناء استجوابهم أو تعذيبهم، بما يشي بالظروف القاسية التي كان يعاني منها السجناء”.
معرض “دولة فارماكون” الفني مستمر حتى 10/5/2025، يومياً من الساعة 5 مساءً حتى 9 مساءً.