الثورة – فؤاد مسعد:
الترقب الحذر بدا واضحاً مع صوت دقات عقارب الساعة التي انعكست نبضاً على المشهد، وصورة المنزل بجدرانه البائسة الرطِبة وبابه الحديدي، والظروف الصعبة التي تئن تحت وطأة حياة مُتعثرة لا ترحم، تُظهر واقع الحالة المعيشية للزوجين الشابين بعد تردي وضعهما المادي نحو الأسوأ، كلها دلالات تُشكل في مجموعها مبررات لتمسكهما بأمل الحصول على الموافقة للهجرة خارج البلد زمن النظام المخلوع، سعياً لتغيير جذري مُنتظر في حياتهما.
هي ملامح ومؤشرات أولية عن الفيلم القصير “إيجابي” سيناريو وإخراج رامي نضال، الذي جمع في أحداثه مفارقات مؤلمة يعيشها زوجان يحاولان التشبث بطوق النجاة.. هذه المفارقات التي تُعرّي ما طرأ من تغير على المفاهيم، فما كان يُفرحهما بات يشكل عامل ضغط عليهما، فعندما أجرت الزوجة اختبار الحمل وظهر إيجابياً، كان وقع الخبر أشبه بالصاعقة، وعوضاً من أن يفرحا خافا من أن يشكل عائقاً أمام سفرهما، ويتعارض مع شروط البلد التي سيهاجران إليها، ولم يجدا حلاً إلا اللجوء إلى الإجهاض، ولكن المفارقة المؤلمة اكتشافهما أن الحمل لم يكن عائقاً، لا بل البلد الذي سيهاجران إليه يُقدم امتيازات لأبوين لديهما طفل.
هي حالة تخبط يعيشانها أفرزتها ضغوطات الحياة، انعكست على طريقة التفكير والتصرفات التي كثيراً ما بدت عصبية وغاضبة إلى حد بعيد، وللإمعان في الواقعية المُقدمة سعت الكاميرا إلى تقديم صورة هي أقرب إلى التوثيق، وكأنها تلتقط مسيرة حياة بكل ما فيها من ألم، بدت واضحة المعالم من خلال نبرة الصوت ووجوم الوجوه، حركة الجسد، والسيجارة التي تدخنها الزوجة بتوتر أكثر من مرة.
كلها تفاصيل تدفع نحو الخروج من الخاص إلى الحالة الأعم لجيل من الشباب عاش قهر الحياة.
“إيجابي” يُنافس ضمن مسابقة الفيلم الروائي القصير، لمهرجان سوس الدولي للفيلم القصير في دورته الـ17 التي تقام في المغرب، وتستمر حتى السابع من الشهر الحالي، وموعد عرضه الساعة التاسعة من مساء اليوم بمدينة “أيت ملول”، ويؤدي دوري البطولة فيه كل من الفنانين أليانا سعد وجبريل الحسام.
والمهرجان الذي يحتفي بـ “سينما وقضايا الأسرة” في هذه الدورة ويركز على دور الأسرة، جاء محور الفيلم متماشياً معه في طرح قضية اجتماعية وإنسانية، ضمن رؤية فنية مبتكرة.
ويشارك ضمن مسابقتي المهرجان 21 فيلماً من 16 دولة، هي “سوريا، المغرب، تونس، مصر، فلسطين، الأردن، السعودية، لبنان، السودان، سلطنة عمان، العراق، فرنسا، السويد، بلجيكا، ألمانيا، إيطاليا”. ويشارك 13 فيلماً ضمن مسابقة الفيلم الروائي القصير و8 أفلام في مسابقة الفيلم الوثائقي القصير.