المتحدث باسم وزارة الرياضة والشباب مجد حاج أحمد: شكل الوزارة استند لتجارب متقدمة.. وللجمهور دور في العمل والتطوير تأهيل المنشآت والاستثمارات والأندية والحظر أولوية.. وندرس الخصخصة والاحتراف
الثورة – هشام اللحام:
لقي الإعلان عن ولادة أول وزارة للرياضة والشباب في سورية ارتياحاً وتفاولاً لدى الرياضيين والمهتمين المتفائلين مع هذه الولادة أن تنهض الرياضة السورية بقوة، وتمضي على طريق التطور والمنافسة عربياً وقارياً ودولياً.
لكن المولود الجديد (الوزارة) بدا مجهول الملامح وهو بحاجة إلى بيان وتبيين، حول شكله وخططه وتطلعاته، ولهذا كان لابد من حديث مع المقربين والمطلعين، فكان هذا اللقاء والحوار مع المتحدث الرسمي باسم الوزارة الأستاذ مجد حاج أحمد..
الإعلام صانع قرار
في بداية الحديث رحّب السيد مجد بالإعلام مؤكداً أنه لن يكون مجرد ناقل للخبر، بل هو شريك في صناعة التغيير والتقدم، سواء في القطاع الرياضي أم في مختلف المجالات، ومن خلال الإعلام تبنى جسور الثقة مع الرياضيين والجماهير، ونعزز المشاركة المجتمعية في صياغة واقعنا الرياضي، وتحويل الأفكار والمقترحات إلى مبادرات ملموسة على أرض الواقع، أهلاً بكم فأنتم منبرنا الحقيقي أمام الناس والجمهور.
* هل لنا بفكرة حول الوزارة شكلاً وتصوراً لعملها المنتظر؟
– استحداث وزارة للرياضة والشباب لم يكن مجرد إجراء شكلي، بل هو تلبية لمتطلبات المرحلة ورغبة جماهيرية طال انتظارها، خاصة أن الرياضة لم تعد مجرد وسيلة ترفيه أو نشاط تقليدي، بل رافع من روافع التنمية المستدامة، وهي بصراحة ذات أثر بالغ في المجتمع، والاقتصاد والثقافة، وحتى في السياسة، كما هو الحال في الدول المتقدمة.
الوزارة الجديدة ستُعنى بالسياسات العامة والإشراف على المنظومتين الرياضية والشبابية ضمن إطار مؤسساتي حديث ومنظم، يضمن تقاطع المسارين وتكاملهما في خدمة التنمية الوطنية، وسيتم خلال الفترة القريبة القادمة الإعلان رسمياً عن الهيكلية الإدارية للوزارة، بالتعاون والتنسيق مع وزارة التنمية الإدارية، وبتوصيات واستشراف نخبة من الخبراء والقانونيين، وطبعاً بعد الاطلاع على تجارب نموذجية دولية رياضية متقدمة، مثل قطر والسعودية وتركيا ومصر.
والهيكلية المقترحة تتضمن مديريات مركزية متخصصة، تُعنى بتطوير الأنشطة الرياضية، وتعزيز الرياضة المدرسية والنسائية، وتأهيل المنشآت والبنى التحتية واستثمارها، إلى جانب مديريات الشؤون القانونية والمالية.
وفيما يتعلق بالإعلام ننسق مع وزارة الإعلام ليكون الإعلام الرياضي أكثر مهنية وفاعلية وتأثيراً بين الوزارة والجمهور.
وعلى صعيد العمل الشبابي سنطلق مديرية تُعنى بتمكين الشباب، اجتماعياً واقتصادياً، ودعم ابتكاراته ومبادراته وتوفير بيئة خصبة لصقل المواهب واستقطاب المبدعين، مع التركيز على توسيع العلاقات الدولية وتبادل الخبرات بما يتناسب مع خصوصية الواقع السوري.
الجمهور والإعلام
* وعلى من ستعتمد الوزارة وهي مولود جديد؟
– ستنطلق وزارة الرياضة والشباب، وهي وزارة فتية، من رؤية وطنية واضحة المعالم، تترجم من خلال خطط عملية ضمن أطر زمنية محددة، مع توفير الوسائل والإمكانات الضرورية لتنفيذها. لكن الأهم في وضع الخطط متابعة تنفيذها وتقييمها بشكل دوري ومرحلي، بهدف الوقوف على التحديات ومعالجتها أولاً بأول، إلى جانب تعزيز نقاط القوة، وستعتمد الوزارة على إشراك الجمهور بشكل فعّال من خلال عرض نتائج الخطط والسياسات على الرأي العام، وتلقي الملاحظات والمقترحات، بما يضمن شراكة مجتمعية حقيقية في عملية البناء والتطوير، وهنا يأتي دور الإعلام المهني كشريك محوري في إيصال هذه الجهود للمجتمع، بأسلوب مباشر وشفاف وعصري، وفي سبيل تنفيذ هذه الرؤية تسعى الوزارة إلى الاعتماد على الكوادر الوطنية المؤهلة، وأيضاً الاعتماد على شراكات ذكية مع القطاع الخاص، والجهات المانحة، وتعزيز العلاقات مع المنظمات الدولية ذات الصلة، وقد بدأت الوزارة فعلياً باستقطاب شخصيات لها تاريخها وخبرتها في المجال الرياضي، وعلى رأسها الكابتن جمال الشريف الذي باشر مهامه رسمياً، وهناك تواصل مع أسماء أخرى لديها رصيدها الرياضي التراكمي الكبير وسيتم الإعلان عنها في وقتها.
* ما أهم الملاحظات المسجلة على عمل الاتحاد الرياضي في المرحلة السابقة؟
– بصراحة كان الملفت مركزية القرار وانحصاره في الغرف المغلقة، ما حرم الاتحادات والأندية من المساحة التي تحتاجها لتطوير نشاطاتها، سواء في إنشاء منشآتها الخاصة أم في الانفتاح على الاستثمار، وبناء شراكات مع القطاع الخاص، هذا التقييد أفقد الحركة الرياضية حيويتها، وأضعف قدرتها على النمو الذاتي، كذلك كان ملاحظاً غياب الخطط الاستراتيجية بعيدة المدى ذات الأطر الزمنية الواضحة، وغياب المتابعة والتقييم، ما أسهم في تكرار الإخفاقات.
ومن أهم الملاحظات تهميش الإعلام، ومحاولة جعله أداة تلميع للأشخاص والعمل، رغم وجود أسماء إعلامية ذات خبرة، لكن لم تُعط الفرصة ليكون لها دور فاعل في العمل الرياضي.
وكان ملاحظاً التداخل الكبير في الأدوار التنفيذية والإشرافية والانتخابية داخل المنظومة الرياضية، ما أدى إلى إرباك المسؤوليات واستمرار بعض الشخصيات في مواقعها رغم غياب الإنجازات (فشلها) ما شكل حالة من الجمود.
الاستثمار والخصخصة أولوية
* ما الأولويات على جدول أعمال الوزارة؟
– لا يمكن الحديث عن أولويات الوزارة دون الوقوف عند الواقع الذي ورثناه، والذي اتسم بمنشآت مُدمّرة وديون متراكمة، نتيجة عقود من السياسات الخاطئة، لنظام لم يتورّع عن تدمير كل شيء، في سبيل الحفاظ على سلطته، ونحن هنا نصف الواقع بدقة، لوضع الخطط العملية التي تأخذ بعين الاعتبار الإمكانات المتاحة، وتعقيدات المرحلة.
والخطوة الأولى على خريطة الطريق، كانت إنشاء وزارة الرياضة والشباب، كحاجة وطنية تتماشى مع متطلبات المرحلة الجديدة، وستكون هذه الوزارة مسؤولة عن صياغة السياسات، وإطلاق الخطط المتتالية والمترابطة زمنياً، بهدف إعادة بناء القطاع الرياضي والشبابي على أسس سليمة.
ونعمل حالياً على تفعيل قنوات الاستثمار الرياضي، بالتشارك مع القطاع الخاص، وبما يسهم في معالجة التراكمات المالية المزمنة، وقد فتحت الأبواب بعد رفع العقوبات في هذا المجال.
كما سنبدأ بإعادة تأهيل المنشآت، والبنى التحتية الرياضية المدمرة، لتصبح قادرة على احتضان البطولات والمنتديات والفعاليات التي نطمح إلى تنظيمها، وفي موازاة ذلك نسعى لدعم الأندية من الناحيتين الإدارية والقانونية، كما ندرس مشروع الخصخصة كخيار استراتيجي دقيق، وربما يتم تطبيقه قريباً بشكل تجريبي على بعض الأندية الكبرى قبل التوسع فيه، كما نضع في مخيلتنا تمكين الشباب وتنظيم طاقاتهم، ونعمل على تنسيق الجهود مع عدد من الوزارات المعنية، لتعزيز الانسجام والتكامل بين المؤسسات.
وبالطبع من الأولويات استعادة ثقة الداخل والخارج بالمؤسسة الرياضية السورية.
* متى يمكن أن تصبح المنشآت في أفضل حال؟
– القول بأن تصبح الرياضة على أحسن حال، فهذا يعني قدرة الوزارة على استيعاب وتنظيم جميع الأنشطة المحلية والدولية، وللأمانة هذا ليس طموحاً بل واجب وطني نعمل على تحقيقه، لكن لا يخفى على أحد الحال الذي عليه المنشآت اليوم، والتي تحوّل بعضها إلى ثكنات عسكرية أو مراكز إيواء، ومنها ما تأثر بما أصابه من دمار بفعل الحرب، وهذا يعني أن عدداً منها خارج الخدمة جزئياً أو كلياً، ولهذا قمنا بدراسة واقع المنشآت في معظم المحافظات، وتبين أن هناك (19) منشأة فقط جاهزة، و (56) مدمّرة جزئياً، والبقية مدمرة تماماً، وقد وضعنا دراسة، لصيانتها وإعادتها للخدمة دريجياً، كما نعمل على صيانة وتأهيل عدد من ملاعب دمشق، بالإضافة إلى ملاعب جبلة واللاذقية وبابا عمرو في حمص، ونعمل على إعادة تأهيل فندق الهدف، ومقر مديرية الرياضة في حلب.
وفضلاً على ذلك، نعمل على إيجاد أطر قانونية لوضع المنشآت في الاستثمار، بما يعود بالمنفعة على الرياضة، وهنا أحب أن أشير إلى أننا وصلنا إلى مراحل متقدمة من المفاوضات والتنسيق مع أكثر من دولة، للدعم في إعادة تأهيل المنشآت، بدءاً من البنية التحتية، لتكون هذه الملاعب والمنشآت بمواصفات عالمية.
نظام للأندية واحتراف نموذجي
* الأندية وهي حجر الزاوية تفتقد للنظام الداخلي والمنشأة التي تجعل منها أندية بمعنى الكلمة؟
– لاشك في أن الأندية الرياضية هي حجر الأساس في البناء الرياضي، وهي الرافد للمنتخبات الوطنية، ونجاحها مرتبط بقدرتها على التمويل الذاتي، وهذا للأسف مفقود في الأندية السورية التي تفتقد لأنظمة داخلية متطورة، ومنشآت حضارية متكاملة، تمكنها من أداء دورها الحقيقي، لذلك نعمل حالياً على وضع نظام داخلي نموذجي، يتلاءم مع خصوصية كل نادٍ، ويعطيه المرونة اللازمة لتأمين مصادر دخل واستثمارات مستدامة، وكل ذلك ضمن أطر قانونية، ووجود جمعية عمومية، وهذا بالتوازي مع العمل على تأهيل البنى التحتية في الأندية، وتوفير حوافز لجذب المستثمرين من القطاع الخاص، ليساهموا في إعادة بناء وتطوير الأندية والرياضة عموماً.
وهناك عمل على تجريب الخصخصة من خلال عدد من الأندية الكبيرة والجماهيرية، وذلك ضمن إطار ونظام مالي صارم، يحفظ هوية الأندية والروح الوطنية، ويضمن المشاركة في المنافسات الرياضية بكل نزاهة وشرف، مع الاستفادة من تجارب الدول التي طبّقت الخصخصة، لنتلافى السلبيات والأخطاء التي وقعت فيها، والتأكيد على الإيجابيات، كما هو الحال مع الأندية في المملكة العربية السعودية التي تطورت كثيراً مع تطبيق الخصخصة.
* في زمن الاحتراف كيف سيتم التعامل مع الأندية واتحادات الألعاب؟
– نظام الاحتراف في الرياضة ليس مجرد حالة قانونية أو مالية، بل هو مسار متكامل، يحتاج إلى ثقافة، وبنية تحتية وتشريعات، وبيئة إدارية سليمة، ونحن في الوزارة نسعى لتحقيق هذا المفهوم، وإيجاد حالة من التنافس الشريف مع ضمان حقوق اللاعبين، ضمن الإطار المؤسساتي ليحافظ على القيم الرياضية، ومن أجل ذلك يجب أن تكون الأندية قادرة إدارياً وقانونياً ومالياً على تطبيق الاحتراف، وهذا مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالاستثمارات، وقدرة المنشآت وجاهزيتها، بالإضافة إلى وجود عقلية رياضية، تبتعد عن المصالح الضيقة، وتفرغ الاحتراف من مضمونه الحقيقي.
ويجب أن يكون هناك إعلام مهني، ينشر ثقافة الاحتراف، كما سنقيم دورات وندوات وورشات عمل للمعنيين، يتم خلالها شرح كيفية تطبيق الاحتراف وأصوله، والأهم من ذلك الاتجاه إلى البناء من أساساته، أي الرياضة المدرسية، بالتنسيق مع وزارة التربية، لتنشئة جيل يفهم الاحتراف، كقيمة وأسلوب حياة، وليس كهدف مادي فقط، وبذلك نضمن منتجاً احترافياً ناجحاً نجني ثماره في وقت قريب إن شاء الله.
معالجة أسباب الحظر لرفعه
* هناك حظر أثّر معنوياً في إقامة الكثير من النشاطات داخلياً ومادياً، في عدم وصول الأموال المخصصة كما يجب.. ماذا ستفعلون؟
– هذا الملف، المفروض على الرياضة السورية منذ عام (2011) يشكل حجر عثرة في وجه تنفيذ الخطط والرؤى القريبة والبعيدة، خاصة أن الرياضة باتت اليوم أحد أعمدة التنمية، ومحركاً فاعلاً في مختلف المجالات، طبعاً من المهم دراسة أسباب الحظر بشكل عميق، للعمل على حل هذه الأسباب وعلاجها، ومن أهم الأسباب العامل الأمني، حيث تم تعليق النشاطات في سوريا بسبب المخاوف التي فرضتها الظروف، ولهذا لابد من التنسيق مع وزارة الداخلية، لضمان سلامة وأمن أي فاعلية تقام في سوريا، وهناك تعاون كبير من وزارة الداخلية في هذا المجال، كما نعمل على تنظيم فعاليات داخلية متنوعة، تعكس حالة الاستقرار والجاهزية، وتهدف إلى إيصال رسالة واضحة للعالم، بأن سوريا قادرة على احتضان الأحداث الرياضية بأمان وكفاءة.
وأيضاً ومع إصدار هيكلية جديدة، تتضمن إحداث مديرية العلاقات الدولية، تتولى مسؤولية صياغة خطاب عصري ومهني موجّه للاتحادات الدولية، يعتمد على الشفافية والمصداقية في عرض الواقع السوري، والجهود المبذولة لإعادة تأهيل البنى التحتية، والتأكيد على ضمان المعايير الفنية والتنظيمية المطلوبة، وذلك بما يواكب ويتلاءم مع المعايير الدولية، وطبعاً البنى التحتية وواقع المنشآت من أهم أسباب فرض الحظر، ولدينا خطة زمنية نعمل من خلالها للوصول إلى منشآت حضارية بمواصفات عالمية.
ومن أجل فك الحظر هناك تنسيق مع وزارة الخارجية، لبناء علاقات دولية تسعى جاهدة لدعمنا، ووصلنا لمراحل متقدمة في هذا المجال، وستكون النتائج جيدة إن شاء الله.
اللجنة الأولمبية
* هل سيكون هناك انتخابات للجنة الأولمبية السورية، وهل تكون مستقلة أم مرتبطة بكم مباشرة ؟
– اللجنة الأولمبية تعد مفصلاً مهماً في الرياضة، فهي المعنية، ومن خلال الميثاق الأولمبي، بالمشاركة في أي نشاط عالمي، والإشراف على البعثات واستعداداتها، ونشر وتعزيز القيم الرياضية التي تقوم من خلال المنافسة من خلال الروح الرياضية والمنافسة الشريفة ومكافحة المنشطات، ومن مبادئها الحرص على استقلالية العمل الرياضي بعيداً عن أي تدخل سياسي وحكومي، وهذا يتماشى مع الميثاق الأولمبي والتوجهات الحكومية.
ومن هنا نؤكد أنه سيتم إجراء انتخابات للجنة الأولمبية بعد الانتهاء من انتخابات جميع الاتحادات الرياضية، والتي يتوقع أن تستكمل خلال ثلاثة أشهر، وسيتم أولاً عرض النظام الداخلي على اللجنة الأولمبية، خلال الجمعية العمومية لمناقشته واعتماده، أو تعديله بما يتوافق مع متطلبات المرحلة، والسياق السوري والمعايير الدولية، ومن ثم تُجرى الانتخابات التي ستفضي إلى اختيار لجنة أولمبية فاعلة، تؤدي مهامها وفق أعلى المعايير.
آثار الوزارة
* متى سيرى الجمهور الرياضي الأثر الإيجابي لوزارة الشباب؟
– نحن اليوم نقف على أعتاب مرحلة مفصلية فارقة، والإطار الزمني عنصر أساسي في أي خطة تنفيذية، كي يمنحها المصداقية والشفافية، والتي تجعل من الممكن تقييم عملها ومدى تقدمها ومعالجة الصعوبات والتحديات، وسيتم خلال الأيام القادمة الإعلان عن الهيكلية الجديدة للوزارة، والتي ستشكل نقطة انطلاق للعمل المؤسسي المنظم، للقطاعين الرياضي والشبابي، وعليه يمكن القول إن النصف الثاني من عام (2025) هو بداية ظهور ملامحه الرياضة السورية الجديدة، من حيث الأداء الإداري، والبنى التحتية والأنشطة، وسنطلق قريباً خطة زمنية معلنة وواضحة لكل تفصيل رياضي، يتيح للمتابع الرياضي لأن يكون شريكاً في المتابعة، والتفاعل والتقييم، ويعزز من ثقة الجمهور بمسار الإصلاح والتطوير الرياضي إن شاء الله.