العدالة الانتقالية.. تجميد جراح الماضي.. خبراء قانونيون لـ”الثورة”: استعادة سيادة القانون لمحاسبة منصفة بروح المصالحة

الثورة – مريم إبراهيم:
العدالة الانتقالية حاجة ملحة لتحقيق السلم الأهلي والمجتمعي، مع تعدد مفاهيمها وتشعب ملفاتها، لكن بالطبع الوصول إليها يحتاج لوقت طويل ويتطلب إجراءات وآليات وفق قوانين ناظمة من شأنها أن تؤدي الهدف والغاية وتنصف الضحايا وتبلسم الجراح وتحقق استقرار المجتمع ما أمكن وصولاً للمصالحة الوطنية المنشودة.

وفي هذا الشأن وصف خبراء وقانونيون في لقاءات لـ”الثورة” المرسوم رقم 20 لعام 2025الذي أصدره السيد الرئيس أحمد الشرع، والقاضي بتشكيل الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية، أنه خطوة مهمة في طريق تحقيق العدالة الانتقالية، وجاء ذلك إيماناً بضرورة تحقيق هذه العدالة كركيزة أساسية لبناء دولة القانون وضماناً لحقوق الضحايا وتطبيقاً للمصلحة الوطنية الشاملة التي ينشدها الشعب السوري بجميع أطيافه ومكوناته.

قيمة إنسانية

رئيس القسم الجزائي بكلية الحقوق الدكتور يوسف الرفاعي، أوضح أهمية صدور المرسوم فالعدالة الانتقالية قيمة إنسانية، وليست آليات، لكن هناك عدة إجراءات وآليات للوصول لهذه العدالة، وهي حالياً جزئية لها أربعة محاور، منها معرفة الحقيقة والمساءلة الجزائية وجبر الضرر والمصالحة، وكل محور يحتاج لإجراءات معينة، ومن المهم أيضاً وضع اللبنات والخطوات الأولى حتى نصل إلى هذه المعادلة، ودراسة الواقع السوري من نظرة قانونية ستكون اللبنة الأولى لقانون العدالة الانتقالية.

ولفت الدكتور الرفاعي إلى أن العدالة الانتقالية لها معوقات عدة كجبر الضرر وتعويض الضحايا، فضلاً عن موضوع التدريب، كما أن قانون العدالة الانتقالية يقر من مجلس الشعب ونحن ليس لدينا حالياً مجلس شعب، وهناك كبر حجم القضايا وسيكون أحد العوامل التي تؤخر الوصول لهذه العدالة حتى النهاية، لأنها مرحلة مؤقتة ليست دائمة وهي مرحلة ممكن أن تأخذ الوقت الكثير بسبب المعوقات، وكل الأمل أن لا يطول تحقيقها، فهناك وسائل قانونية ومادية لنصل بها للمطلوب، وحتى المعوقات المادية يمكن تذليلها، مضيفاً: “شعبنا طيب وبمجرد أن يطلب منه السماح يسامح، فالمسامحة متوفرة ولكن بشروط، وتتطلب حركة أولى، كأن يطلب أحد ما المسامحة لأسامح، وهي موجودة بثقافتنا الدينية، وبثقافتنا المجتمعية، وبجميع شرائح وأطياف المجتمع، وفي مرحلة ما تحدث مشاكل فردية وأمر طبيعي أن تنحل بطلب العفو والمسامحة.

المحاسبة المنصفة

الدكتور أحمد عجاج- دكتوراة في القانون الدولي الجنائي، بين أن إصدار مرسوم رئاسي بتشكيل هيئة العدالة الانتقالية في سوريا اعتمد على مبدأ أساسي، وهو ضرورة تحقيق العدالة كخطوة نحو بناء مستقبل أكثر استقراراً لتحقيق العدالة والمصالحة، وهناك تحديات كبيرة تواجه مشروع للعدالة الانتقالية في سوريا، مثل ضمان شمولية التحقيقات وعدم تسييسها، إضافة إلى تأمين الدعم القانوني والإنساني للضحايا، كما أن مسألة المحاسبة يجب أن تكون عادلة ومنصفة، بحيث تشمل جميع الأطراف التي ارتكبت انتهاكات، سواء من النظام البائد أشركائه الدوليين وليس فقط طرف واحد.

سيادة القانون

أنس جديعو- دكتوراه في القانون الدولي، أكد أن إحداث هيئة العدالة الانتقالية يشكل حدثاً مهماً بتاريخ سوريا، فهذه الخطوة تعد ضرورة ملحة للمرحلة الحالية وجاءت بعد فترة من القمع والظلم، إذ إن الوصول إلى العدالة يتطلب توفير نظام قانوني يكون عادلاً وموثوقاً به، ويتم تطبيق القوانين بشكل عادل ومتساوٍ على الجميع دون تمييز، لافتاً إلى أن عمليات العدالة الانتقالية تساهم في كسر دوّامة العنف والجرائم الوحشية، واستعادة سيادة القانون والثقة في المؤسسات، وبناء مجتمعات قوية وقادرة على الوقوف أمام الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان قبل وقوعها.

 

المرسوم 25

وكان المرسوم 25 قد نص على أن تشكل هيئة باسم الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية تعنى بكشف الحقيقة حول الانتهاكات الجسيمة التي تسبب فيها النظام البائد، ومساءلة ومحاسبة المسؤولين عنها بالتنسيق مع الجهات المعنية، وجبر الضرر الواقع على الضحايا، وترسيخ مبادئ عدم التكرار والمصالحة الوطنية.

وبموجب المرسوم الصادر يعين عبد الباسط عبد الصمد رئيساً ويكلف بتشكيل فريق العمل ووضع نظام داخلي خلال مدة 30 يوماً من تاريخ الإعلان، وتتمتع الهيئة بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري وتمارس مهامها في جميع الأراضي السورية.

رهينو الأمل

كثر هم الضحايا ممن ينتظرون تحقيق العدالة وإنصافهم وجبر خواطرهم ليس في بقعة جغرافية واحدة، بل في مختلف البقاع السورية، فهناك المعتقلين وذوي الشهداء والمهجرين، وغيرهم الكثير، وقصص الألم والمعاناة، وجراح أليمة بانتظار الضماد.

فاليوم الكثيرون يترقبون وبأمل كبير بعد صدور الهيئة محاسبة مرتكبي الجرائم والانتهاكات بحق كل سوري، وأن تتحقق لهم العدالة، وأن لا يطول انتظارهم، فالسوريون عانوا الكثير خلال السنوات الماضية، ويستحقون الواقع الأفضل والعدالة المنصفة للجميع من دون تهميش أو إقصاء لطرف من دون آخر.

وكون العدالة الانتقالية ليست مجرد مفهوم قانوني كما يؤكد كثيرون، بل هي تجسيد لإرادة الدولة السورية في تحقيق العدالة وتضميد جراح الماضي الأليم، والسعي لبناء مستقبل يتسع للجميع، ويعزز الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة على أساس المواطنة، وكواجب وطني وأخلاقي تتأكد ضرورة تضافر جهود مؤسسات الدولة والمجتمع المدني والمنظمات الإنسانية، والحوار والتشاركية والتشاورية بين جميع الأطراف لتحقيق عدالة انتقالية تليق بشعب سوريا.

آخر الأخبار
ماذا لو عاد معتذراً ..؟  هيكلة نظامه المالي  مدير البريد ل " الثورة ": آلية مالية لضبط الصناديق    خط ساخن للحالات الصحية أثناء الامتحانات  حريق يلتهم معمل إسفنج بحوش بلاس وجهود الإطفاء مستمرة "الأوروبي" يرحب بتشكيل هيئتَي العدالة الانتقالية والمفقودين في سوريا  إعادة هيكلة لا توقف.. كابلات دمشق تواصل استعداداتها زيوت حماة تستأنف عمليات تشغيل الأقسام الإنتاجية للمرة الأولى.. سوريا في "منتدى التربية العالمية EWF 2025" بدائل للتدفئة باستخدام المخلفات النباتية  45 يوماً وريف القرداحة من دون مياه شرب  المنطقة الصناعية بالقنيطرة  بلا مدير منذ شهور   مركز خدمة الموارد البشرية بالخدمة  تصدير 12 باخرة غنم وماعز ولا تأثير محلياً    9 آلاف طن قمح طرطوس المتوقع   مخالفات نقص وزن في أفران ريف طرطوس  المجتمع الأهلي في إزرع يؤهل غرفة تبريد اللقاح إحصاء المنازل المتضررة في درعا مسير توعوي في اليوم العالمي لضغط الدم هل يعود الخط الحديدي "حلب – غازي عنتاب" ؟  النساء المعيلات: بين عبء الضرورة وصمت المجتمع