ما الذي يحمله المستقبل للمياه؟ مطرح استثماري مضمون.. أم لكسر الاحتكار وخفض الأسعار؟!

 

الثورة – جاك وهبه:

تواجه سوريا تحديات متزايدة في قطاع الموارد المائية نتيجة التغير المناخي، والأضرار الواسعة التي لحقت بالبنى التحتية خلال السنوات الماضية، ما أدى إلى اعتماد جزء كبير من السكان على المياه المعبأة كمصدر رئيسي للشرب.

فجوة بين الحاجة والإنتاج المحلي

تشير تقديرات غير رسمية، استناداً إلى بيانات استهلاك فردي يومي متوسط تتراوح بين 1 إلى 1.5 لتر، إلى أن حاجة سوريا السنوية من المياه المعبأة تتجاوز 1.2 مليار لتر، أي ما يعادل نحو 100 مليون لتر شهرياً، في بلد يقدر عدد سكانه بنحو 17 إلى 18 مليون نسمة.

ويستند هذا التقدير إلى معدل استهلاك يومي للفرد بحسب “منظمة الصحة العالمية” التي تحدد الحد الأدنى لمياه الشرب الأساسية للفرد بـ1.5 لتر يومياً، مع الأخذ بعين الاعتبار عدم توفر هذه الكمية لجميع السكان من خلال مياه الشبكات العامة، خاصة في المناطق التي تعاني من ضعف التغطية أو تلوث مصادر المياه.

ويعكس هذا الرقم وجود فجوة واضحة بين حجم الطلب وحجم الإنتاج المحلي الذي لا يتجاوز حالياً 750 إلى 800 مليون لتر سنوياً، وفق تصريحات لمسؤولين في وزارة الصناعة نُشرت في تقارير إعلامية محلية، ما يدفع إلى الاعتماد جزئياً على الواردات أو مصادر بديلة غير رسمية قد لا تخضع لرقابة صحية كافية.

استراتيجية حكومية

وفي محاولة لسد هذه الفجوة، أعلنت وزارة الاقتصاد والصناعة عن السماح بإنشاء معامل فلترة وتعبئة المياه في مختلف المحافظات، إذ جاء القرار نتيجة مشاورات مكثفة مع وزارة الطاقة، بهدف تلبية احتياجات المواطنين من مياه الشرب النقية، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد، حسبما بينه مدير المواصفات والجودة في الإدارة العامة للصناعة بوزارة الاقتصاد والصناعة المهندس محمد عبدو الليكو، في تصريح خاص لصحيفة الثورة.

وأشار إلى أن السماح بإنشاء هذه المعامل يشكل خطوة استراتيجية تهدف إلى تحسين جودة الحياة، ويسهم في ضمان توفر مياه شرب آمنة تتوافق مع المعايير الصحية العالمية، وفي الوقت ذاته يفتح المجال أمام استثمارات جديدة تسهم في دعم الاقتصاد المحلي وتحريك عجلة الإنتاج.

المخزون المائي

المهندس الليكو أكد أن القرار يراعي أهمية عدم التأثير على المخزون المائي في البلاد، إذ سيتم اختيار مواقع المعامل بعناية، بحيث تُقام في المناطق الغنية بالمياه فقط، ولفت إلى أن الحكومة تسعى من خلال هذه الخطوة إلى كسر احتكار عدد محدود من المعامل للسوق، ما سيساهم في خلق منافسة حقيقية بين الشركات المنتجة، وبالتالي تخفيض أسعار المياه المعبأة وجعلها في متناول جميع شرائح المجتمع، ولاسيما الفئات الضعيفة وكبار السن والأطفال الذين هم الأكثر عرضة للأمراض الناتجة عن شرب المياه الملوثة.

وفيما يتعلق بضمان جودة المياه المنتجة، أشار م. الليكو إلى أن الوزارة ستعتمد معايير صارمة مستندة إلى المواصفات الدولية، وتشمل الالتزام بتطبيق ممارسات التصنيع الجيدة، وإجراء فحوصات دورية للمياه المنتجة، فضلاً عن تشكيل لجان فنية متخصصة لمراقبة التزام المعامل بتلك المعايير من خلال زيارات تفتيشية دورية، وتطبيق العقوبات بحق المخالفين، وأكد أن المعامل الجديدة ستكون ملزمة بالحصول على شهادات جودة من مراكز وطنية معتمدة لضمان سلامة المنتج.

توجهات نحو التصدير

وعن حاجة سوريا الفعلية من مياه الشرب المعبأة، أوضح م. الليكو أنها ترتبط بعدة عوامل، أبرزها عدد السكان والطلب الموسمي وتفاوت التوزيع الجغرافي، مشيراً إلى أن الطاقة الإنتاجية الحالية للمعامل الحكومية غير كافية لتلبية هذه الاحتياجات.

من هنا، فإن التوسع في إنشاء المعامل يعد ضرورة وليس مجرد خيار، خاصة في المناطق الريفية والنائية التي تعاني من ضعف في البنية التحتية، وأكد أن الوزارة تعمل على تسهيل الاستثمار في هذه المناطق بالتوازي مع تطوير شبكات التوزيع وتحسين سلاسل الإمداد، بما يضمن إيصال المياه المعبأة إلى كل منزل وبجودة متساوية.

أما على الصعيد الاقتصادي، فقد أكد م. الليكو أن هذا المشروع لا يقتصر على تلبية الحاجات المحلية، بل يتعداها نحو التصدير، حيث تمتلك سوريا موارد طبيعية من المياه المعدنية تُعد من الأفضل في المنطقة، وأوضح أن الأسواق المجاورة والعالمية أبدت اهتماماً كبيراً بهذه المنتجات، ما يفتح المجال أمام صادرات قادرة على جلب عوائد مجزية، سواء من خلال الرسوم المفروضة على التراخيص أو من خلال عائدات التصدير المباشر، ما يرفد خزينة الدولة ويخفف العبء على القطاعات الأخرى.

أسعار مناسبة

وأشار م. الليكو إلى أن العوائد لن تكون فقط مالية، بل ستنعكس مباشرة على المواطن الذي سيحصل على منتج صحي بسعر مناسب، وعلى الاقتصاد الوطني من خلال خلق فرص عمل جديدة، وتنشيط الصناعات المرتبطة بقطاع المياه، وأضاف أن الحكومة مصممة على إنجاح هذه الخطوة من خلال مراقبة صارمة، وتعاون حقيقي بين الجهات الرسمية والمستثمرين.

آخر الأخبار
بعد قرار الخزانة الأميركية.. أكريم لـ"الثورة": ننتظر فزعة من الأشقاء العرب محمد قبلاوي ينال جائزة الثقافة لمدينة مالمو "سوريا في عيوننا".. تحتفي بالشباب المُبدع انفتاح على الاستثمار السياحي.. وزير السياحة لـ " الثورة ": فتح آفاق جديدة وتسهيلات أكثر مرونة الوزيرة "قبوات" من إسطنبول: نطوي صفحة المخيمات ونبني سوريا الكرامة البيطار لـ"الثوة": العدالة الانتقالية.. إنصاف للضحايا والحفاظ على استقرار المجتمع اللاجئون السوريون بين ضياع الهوية وأمل التكيّف رئيس غرفة التجارة الأردنية: جاهزون للعمل والمساهمة في بناء اقتصاد سوريا الجديدة " التربية " تستجيب لاحتجاجات الطلاب وتُعلن إعادة تنظيم مراكز الامتحان في حلب وفد حكومي يُجري أول زيارة إلى مخيم "الهول" لحل أعقد وأخطر ملف أمني شرقي سوريا دين ودنيا.. سكر ل" الثورة ": دور للعلماء بغرس قيم الحوار والاحترام من يضمن سلامتها ونقاءها.. صهاريج المياه تدخل إلى الخط دين ودنيا.. عقوق الوالدين وأثره السيئ على الفرد نفط سوريا ... إرث الماضي ورهان المستقبل بيئة حكومية وتشريعات متكاملة لمواجهة تحديات جمّة العدالة الانتقالية..بوابة المصالحة الوطنية خبراء قانونيون لـ"الثورة": تحديد الفعل الجنائي ومرتكبه ب... تعيينات جديدة في وزارة الداخلية ضمن خطة إعادة بناء المؤسسة الأمنية "رئاسة الجمهورية" تنشر تفاصيل لقاء الشرع وتوماس باراك في إسطنبول ما الذي يحمله المستقبل للمياه؟ مطرح استثماري مضمون.. أم لكسر الاحتكار وخفض الأسعار؟! The New York Times السوريون يسارعون إلى حفظ ذكريات الثورة المؤلمة خطة طوارئ لمواجهة حرائق الصيف في سوريا الدفاع المدني والطوارئ تعلنان الجاهزية الكاملة