الثورة – وعد ديب:
اعتبر قرار وزارة الخزانة الأميركية بتخفيف فوري للعقوبات المفروضة على سوريا، خطوة بالاتجاه الصحيح من قبل المهتمين بالشؤون السياسية والاقتصادية، وذلك نحو ما هو مأمول لدورة عجلة الإنتاج، وإعادة تأهيل الاقتصاد.
وفي هذا السياق يقول الخبير المالي والمصرفي الدكتور علي محمد لـ”الثورة”: يجب التوجه والاستفادة الجادة لاستغلال هذه الميزة الجديدة التي منحت لسوريا، وبأقصى درجة ممكنة من العمل الدؤوب المنظم المحكم كي يتم تفعيل هذه المزايا بشكل سريع، وذلك بعد القرار الجدي بالتخفيف الفوري للعقوبات التي كانت مفروضة على سوريا.
وأشار إلى أن هذا الاستثمار يجب أن يكون منظماً، وأن يكون لدى الحكومة أولويات للفترة الحالية من عمر سوريا الجديدة في بداية وإعادة تأسيس الاقتصاد السوري وترميمه، بكل ماله علاقة بالعمل المؤسساتي الشفاف، وتفعيل الحوكمة في مفاصل الاقتصاد كي تؤتي هذه القرارات المصيرية ثمارها للشعب السوري الذي تضرر كثيراً بسبب العقوبات، والذي يجب أن يكون المستفيد الأول من رفع هذه العقوبات وتعليقها إن جاز التعبير.
دعم العمليات الإنسانية
الدكتور محمد لفت إلى أن إصدار ترخيص عام يقضي بتخفيف فوري للعقوبات المفروضة على سوريا الآن من شأنه بكل تأكيد أن تتسارع فيه دعم العمليات الإنسانية، وسيشجع على زيادة الحوالات والتحويلات لبعض الشركات التي كانت قد تفكر بالعمل في سوريا وبدء التأسيس بطبيعة الحال مهم جداً ويرى أنه من ضمن البنود قطاعات أخرى سيسمح بها لسوريا باستيراد بعض المعدات والتجهيزات والأدوات الأوروبية والأمريكية المنشأ لتفعيل الاقتصاد السوري، ماينعكس وبشكل إيجابي على مصانع القطاع الصناعي السوري والقطاع الإنتاجي والخدمي أيضاً.
وبين الخبير المالي والمصرفي أن سوريا كانت بحاجة جداً إلى أن تحل نقطة العقوبات المالية والمصرفية عليها كونها تؤثر بشكل كبير في مرحلة إعادة الاعمار، وإعادة تدفق الأموال إليها بسلاسة سواء من الاستثمار أو المغتربين أو الجهات المانحة، والتي قد تساعد الاقتصاد السوري.
على منحى موازٍ، إن رفع العقوبات الاقتصادية عن دولة ما يمكن أن يكون له أثر مباشر وغير مباشر على السيولة المصرفية، خاصة في البلدان التي كانت تعاني من قيود على التعاملات المالية والمصرفية الدولية.
وعن رفع العقوبات وتأثيرها على السيولة المصرفية بشكل خاص في سوريا، قال لـ “الثورة “دكتور العلوم المالية والمصرفية في جامعة القلمون نهاد حيدر: من أبرز الآثار المحتملة، على الحالة السورية أو السياق الحالي للسيولة المصرفية في سوريا، ضعف الثقة بالمصارف بسبب القيود على السحب وغياب الثقة باسترجاع الودائع، وتقلص الودائع المصرفية.
وأيضاً تقلص مصادر العملات الأجنبية نتيجة العقوبات، الحصار، وانخفاض التحويلات من الخارج، إضافةً إلى عزلة عن النظام المالي الدولي، فالمصارف السورية محرومة من خدمات التحويلات الدولية المباشرة مثل SWIFT)) وارتفاع الكتلة النقدية خارج النظام المصرفي، بسبب ضعف الثقة في البنوك، وتدهور القوة الشرائية.
وبرأي أستاذ العلوم المالية والمصرفية، من الآثار الايجابية المتوقعة لرفع العقوبات على السيولة المصرفية، تعزيز الثقة بالنظام المصرفي، ويجب أن يعمل المصرف على استعادة الثقة من المستثمرين والمودعين، مما يؤدي إلى زيادة حجم الودائع، وتقليل عمليات السحب المكثف أو ما يُعرف بالـ bank run، وتنشيط العمليات البنكية مثل الإقراض والتمويل.
كذلك زيادة التحويلات من الخارج، إذ تعتمد سوريا بشكل كبير على تحويلات المغتربين، وإن رفع العقوبات قد يسمح بإعادة تشغيل القنوات الرسمية للتحويل (بدلاً من السوق السوداء)، وهذا يعزز السيولة بالعملات الأجنبية ويقوّي المراكز المالية للمصارف. ومن الآثار الإيجابية أيضاً تحرير، والكلام للدكتور حيدر، الأصول المجمدة من حيث أن بعض المصارف السورية قد تتمكن من استرجاع أموال مجمدة أو إعادة تكوين احتياطيات نقدية في الخارج، مما يحسّن ميزانياتها ويزيد السيولة، ويدعم قدرتها على الإقراض. وكذلك عودة الودائع إلى النظام المصرفي مع تحسن الثقة وتيسير المعاملات، قد يُقبل الأفراد والشركات على إعادة أموالهم إلى البنوك، مما يحسن السيولة المحلية، إضافة لانخفاض تكاليف المعاملات الدولية- بحسب الخبير المالي والمصرفي.
ويقول: في ظل العقوبات، كانت البنوك تستخدم طرقاً غير مباشرة ومكلفة لتحويل الأموال (مثل الوسطاء)، لكن رفع العقوبات يقلل الاعتماد على السوق السوداء، يسمح بالتحويلات المباشرة عبر نظام SWIFT وغيره، مما يحسن السيولة ويقلل التكاليف.
ولفت إلى أنه من الآثار الإيجابية أيضاً تنشيط العلاقات المصرفية الخارجية يمكن للمصارف السورية إعادة فتح حسابات مراسلة مع بنوك أجنبية، مما يسهل التجارة والاستيراد، ويزيد التدفقات المالية.
ناهيك عن تشجيع الاستثمارات الخارجية والمحلية وتعزيز النشاط الاقتصادي وإن تحسن السيولة المصرفية يترافق غالباً مع زيادة تمويل المشاريع والاستثمارات، وهذا بدوره يزيد من دوران الأموال داخل النظام المصرفي ما يؤدي إلى تنشيط النشاط الاقتصادي.
ورداً على سؤالنا عن المعوقات التي قد تحدّ من الأثر الإيجابي، رد حيدر أنه مع رفع العقوبات، الأثر لن يكون تلقائياً وكاملاً وفورياً ما لم يتحقق الاستقرار السياسي والأمني لخلق بيئة مناسبة لعودة الاستثمارات.
كذلك إصلاحات هيكلية في النظام المالي والمصرفي السوري من حيث الشفافية، الحوكمة، وأدوات الرقابة لتعزيز جاهزية القطاع المصرفي، وكذلك ضبط سعر الصرف والتضخم، لأن التضخم المرتفع يُهدر أي تحسن بالسيولة.
إضافة إلى التدرج في رفع العقوبات، وأن العقوبات لا ترفع كلياً ودفعة واحدة مما يُبقي بعض القيود جزئياً.