الثورة – حسين صقر:
قبل عدة سنوات ولدت الفكرة، وسببها أحد الإخوة المواطنين من قرية بقعسم الواقعة في منطقة قطنا بريف دمشق، والذي رأى أن عدداً من أبناء وبنات القرية يدرسون فروعاً طبية مختلفة، وتساءل.. لماذا لا يكون لهؤلاء دور فاعل في المجتمع الذين يعيشون فيه، والفكرة أن يتم التعاون على إنشاء نقطة طبية يتناوب على العمل فيها هؤلاء الأطباء والطبيبات من مختلف الاختصاصات مع صيدلانيين وصيدلانيات، وذلك بتوجيه من الأطباء الخريجين الذين سبقوهم في القرية في هذا المجال وبالتعاون معهم.
الفكرة تحولت إلى واقع بعد تأييد الفعاليات الشعبية التي التقت آنذاك في منزل صاحبها بناء على دعوة منه، ومن سانده بالرأي، واتفقت على مبدأ العمل والمكان المناسب، وبقية المتطلبات اللازمة لإقامة المشروع الخيري المنشود، أي إنشاء نقطة طبية في القرية المذكورة، وذلك بدءاً من جمع التبرعات إلى البدء بالعمل.
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه
أحد المواطنين الذين سمع بالفكرة، ويعرفه أهل القرية، وعندما أخذ رأيه بذلك، سارع على الفور للتبرع بالعقار الكائن في محضر بناء كان ينشئه وأحد شركائه، وهكذا لا يذهب العرف بين الله والناس، وطوبى لمن يعيش حياته مرتين، ويترك أثراً طيباً نتيجة عمله وتقديمه العون والمساعدة للآخرين.
ونتيجة الظروف المادية والعامة التي مرت بها البلاد، حصل تأخير في استكمال العمل، حتى حصل التحرير وبدأت الأمور تسير نحو الأفضل والاستقرار، وأعيد إحياء فكرة متابعة العمل، والبدء بإكساء النقطة، واليوم يبدأ العمل على قدم وساق، للمساهمة في البناء والإعمار، بعد سنوات من الخراب تسبب بها النظام البائد.
صحيفة الثورة التقت بعض الفعاليات في القرية والتي عبرت عن فرحها بعودة العمل للمنشأة والتي من شأنها تقديم الخدمات الطبية والعلاج لأهالي المنطقة ولكل من يقصدها سواء عابر سبيل أو ضيف، ولاسيما أن المنطقة تعد مقصداً سياحياً، ويزورها أناس كثيرون.
أحد اعضاء لجنة الإكساء الشيخ فاضل صقر، قال: إن العقار بمساحة نحو ١٣٠ متراً مربعاً، قدمته الجهة المتبرعة دون أي مقابل، ليكون نقطة طبية تتبع للجمعية الخيرية في قرية بقعسم، بعد طرح الفكرة وتقديم مبلغ من المال ليكون نواة البدء في المشروع الخيري المذكور، وذلك بمساعدة الخيرين من أبناء القرية، والذين كانت أعدادهم تتزايد يوماً بعد آخر، حرصاً على توثيق العلاقات الاجتماعية وتوطيد أواصر المحبة والتعاون.
وأضاف علماً أن النقطة الطبية المشار إليها كان سبب الرغبة في إنجازها وجود عدد من الشباب والفتيات الذين منهم من يعمل في المجال الطبي، ومنهم مازال على مقاعد الدراسة، والذين سيشكلون كادر العمل الخيري، ونتمنى أن يلتحق بهم آخرون، وهؤلاء من يعول عليهم أهل القرية ليكونوا أركان المشروع، حيث ستتألف النقطة من ثلاث عيادات سنية وتوليد وأمراض داخلية.
لفتة طيبة
من جهته قال رئيس الجمعية الخيرية في القرية مهنا عماد: إنه بمبادرة طيبة و لفتة كريمة من المجتمع المحلي المتمثل بإخوتنا وأبنائنا في المغتربات، وأهلنا الغيارى، وأصحاب الأيادي البيضاء، يُستأنف العمل لإكساء النقطة الطبية التي تم تأسيسها في القرية قبل عدة سنوات بهمة الخيرين، وذلك بجهود ومتابعة من اللجنة المكلفة من مشايخ ووجهاء القرية والمختصة بمتابعة أعمال الإكساء.
وأضاف : إن مساعدة المتبرعين لاستئناف العمل في النقطة الطبية، يعكس محبة هؤلاء لعمل الخير والمصلحة العامة، ورغبتهم بمشاركة ذويهم بأي عمل من شأنه أن يعود بالفائدة للقرية بشكل خاص والمنطقة بشكل عام وكل من يحتاج المساعدة في هذا المجال، فضلاً عن أنه يشجع على تنويع وإقامة الأعمال الخيرية في المجالات الأخرى، وما يساهم في زرع بذور البناء والرجاء.
هذه الأعمال الخيرية والمبادرات وغيرها، ليست بجديدة على هؤلاء الأشخاص أينما وجدوا، وقد لمس الجميع وقوفهم في الظروف الطارئة والصعبة التي مرت، وكانوا سباقين لتقديم ما أمكن وضمن الظروف المتاحة لهم.
الشكر لأهل الخير
أهالي القرية عبروا عن شكرهم وامتنانهم لكل من ساهم بإحياء فكرة النقطة الطبية منذ التأسيس، وكل من ساهم ولو بأي مبلغ مهما كان متواضعاً، ومن قدم البناء لهذا المشروع الخيري الرائد، والجميع اليوم مدعوون لمتابعة العمل بالرأي والنصح والمال والعمل، وأي خدمة يمكن تقديمها حتى تصبح النقطة جاهزة لتقديم الخدمات الطبية وتستقبل المرضى والمحتاجين للعلاج، وهي اليوم بحاجة الناس كائناً من كانوا حتى ترى النور، وغداً نحن بحاجتها.