كباش العيد في أقفاص الغلاء… وقلوب الأهالي في قبضة العجز!

الثورة – جهاد اصطيف:
في حلب، المدينة التي تتعانق فيها الأزقة القديمة مع ذكريات الأعياد، يسير المواطن اليوم محني الظهر، لا بثقل الأضحية كما في العادة، بل بثقل الهمّ المعيشي، قائلاً: “لا أضحية هذا العام”، كما عبّر أبو مصطفى (60 عامًا) بنظرة حسرة إلى واجهات محال القصابة، وكأنما يودع حلماً بسيطاً آخر. وبينما يقترب عيد الأضحى، تغيب البهجة خلف الغلاء، حيث الأضاحي أصبحت حلماً بعيد المنال، والجيوب فارغة، والقلوب مثقلة بالحزن.

واقع اقتصادي يخنق الطقوس

في مشهد يتكرر كل عام لكن بألم أشد، يغيب صوت الخراف وصورة التكبيرات عن كثير من بيوت حلب، فاللحوم باتت بعيدة عن موائد الفقراء، ناهيك عن الأضاحي. يقول أبو مصطفى: “كنت أعتقد أن مليون ليرة تكفي، لكن أقل خروف رأيته يتجاوز سعره مليونين ونصف، وراتبي السنوي لا يكفي لشراء ذيله!”.

أما محمد (55 عاماً)، الذي يعمل بأجر يومي ويعيل أربعة أطفال، فتغلبه دمعة وهو يروي: “كنت أحرص كل عام على ادخار مبلغ بسيط للأضحية، أما اليوم فلا أقدر حتى على شراء الخبز. اللحم غاب عن بيتنا، نراه في المنام فقط”.

الأضحية لمن استطاع إليها سبيلاً… أو مغترباً

في ظل هذا الواقع، لم يبق للأضحية مكان سوى في بيوت الميسورين، أو أولئك الذين يتلقون دعماً من أبناء مغتربين. أم صافي، موظفة حكومية وأم لخمسة، تقول: “لولا أبنائي في الخارج لما استطعت شراء الأضحية، بات ذلك مستحيلاً دون دعم”.

من الأعلاف إلى السوق… سلسلة غلاء تحاصر الأضاحي

في سوق المواشي بحلب، لا يتعلق الأمر فقط بارتفاع الأسعار، بل بتكاليف متراكمة تبدأ بالأعلاف وتنتهي بالتوزيع. يقول المربي “عزيز”: “سعر الكيلو الحي من الخراف يبلغ 50 ألف ليرة، أي أن خروفاً متوسط الوزن يكلف ما بين 3 إلى 4 ملايين ليرة. أما العجول والجمال، فأصبح الحديث عنها رفاهية لا تمس المواطن العادي”.

بين البائع والمشتري… من يلوم من؟
يرى بعض أصحاب المحال أن الأسعار ليست هي المشكلة، بل انهيار القوة الشرائية. أبو حسن، صاحب ملحمة في حي الفرقان، يقول: “الأسعار اليوم أقل من العام الماضي بقليل، لكن الناس لا تملك ما يكفي. نذبح رأساً أو اثنين في اليوم، وهذا رقم ضعيف جداً مقارنة بالسنوات السابقة”.

المغتربون يرون الصورة بشكل مختلف

عبدو عتك، مغترب سوري عاد مؤقتاً إلى حلب، يختصر المسألة قائلاً: “الأسعار ليست مرتفعة بمعايير العالم، لكنها قاتلة في ظل رواتب لا تتجاوز 300 ألف. كيف يشتري المواطن خروفاً بـ 3 ملايين؟”.

العيد يفقد روحه تحت وطأة الغلاء

في ظل غياب الأضاحي، تتلاشى مظاهر العيد. نورا، معلمة في إحدى المدارس، تصف المشهد قائلة: “العيد فقد نكهته؛ لا صوت خروف، لا ضحكة أطفال، لا حركة جيران. أصبح العيد إجازة ثقيلة نغرق فيها بالحزن”.

حلول جماعية… وتكافل اجتماعي بديل
رغم قسوة الظروف، برزت مبادرات تضامنية، تمثلت في الأضاحي الجماعية. إمام مسجد، الشيخ عبد المنعم، يقول: “نشجع على الشراكة في الأضاحي، فالمقصود منها هو التقوى والتكافل، لا الكثرة أو الاستعراض”، مصطفى عبد الغفور من ريف حلب الشمالي، شارك مع أشقائه وصهره في شراء خروف واحد: “أردنا أن تبقى شعيرة الأضحية حاضرة في بيتنا، ولو بشكل رمزي”.

الأمل يرافق من ينتظر

رغم الألم، لا تزال هناك فسحة للأمل. إسماعيل، موظف في الأربعين من عمره، يقول: “لم أستطع أن أضحي هذا العام، لكنني أرجو أن تتغير الظروف في العام القادم. نريد فقط رواتب منصفة وأسعاراً معقولة”.
كلمات إسماعيل تختصر المشهد في سوريا الجديدة، التي بدأت تتنفس بعد سقوط النظام البائد، وشرعت في محاسبة الفاسدين وبناء مؤسسات حقيقية على أنقاض الفساد والتهميش. وبينما تتسارع خطوات الإصلاح، قد يعود العيد في العام المقبل ضيفاً حقيقياً إلى بيوت السوريين، لا ذكرى مؤلمة يمر بها الفقراء بصمت.

آخر الأخبار
تغذية كهربائية للمستثمرين في "حسياء" استئناف العمل في أبراج ضاحية الوفاء بحماة وعود بلا حلول!! أزمة مياه خانقة بحي "الشرقطتلي" في سبينة دعم المستشفيات التعليمية مع منظمة الصحة العالمية باراك: سوريا أصبحت الآن مفتوحة أمام عالم الأعمال الباحثة الكردي لـ"الثورة": اتفاقية الطاقة تفتح باب الاستثمار وتعيد دوران العجلة الاقتصادية م. أبو دي لـ"الثورة": القدرة التوليدية سترتفع إلى 9000 ميغاواط بدء مهام وحدة تنسيق ثلاثية (تركية - سورية - أردنية) في سوريا لمكافحة داعش ماذا يعني توقيع مذكرة تفاهم استراتيجية بين وزارة الطاقة ومجموعة UCC العالمية.. المولوي لـ"الثورة": اتفاق الكهرباء يحسن تنافسية المنتج السوري ما مستقبل الموارد السورية في مناطق "قسد"؟ حصاد مياه الجريان السطحي والأمطار بحمص اتحاد الصحفيين ينظم ورشة عمل للصحافة الاستقصائية تعزيزاً للعلاقات بين البلدين.. مذكرة تفاهم بين "تجارة ريف دمشق" و"صناعة الأردن شراكة استراتيجية مع تركيا لتطوير قطاع السيارات تكامل اقتصادي واعد بين سوريا والأردن كسوة العيد تنهك الجيوب.. سليمان لـ"الثورة": توفير السيولة لتحريك السوق حين يعودون إلى الديار... وتنتظرهم الذكريات تحت الركام تجديد توءمة حلب وغازي عنتاب: تعاون تنموي وثقافي بعد قطيعة 13 عاماً بعد رفع القيود.. هل ستستخدم أوكرانيا أسلحة جديدة ضد أهداف داخل روسيا؟