الثورة – جاك وهبه:
انطلقت صباح اليوم، في قاعة رضا سعيد بجامعة دمشق، أعمال الندوة العلمية التي تنظمها هيئة المواصفات والمقاييس العربية السورية، برعاية وزارة الاقتصاد والصناعة، وبالتعاون مع جامعة دمشق والجمعية العلمية السورية للجودة، بمناسبة اليوم العالمي للقياس (المترولوجيا).
وتأتي الندوة هذا العام تحت شعار: “150 عاماً على اتفاقية المتر: القياسات لجميع الأوقات لجميع الناس”، احتفاءً بالذكرى الـ150 لتوقيع اتفاقية المتر عام 1875، التي أسست لتوحيد وحدات القياس حول العالم، ومثّلت نقطة انطلاق نحو لغة عالمية واحدة في مجال المقاييس والمعايير.
أداة للعدالة الاقتصادية
وفي كلمته خلال الندوة، أكد نائب وزير الاقتصاد والصناعة المهندس باسل عبد الحنان، أن احتفال سوريا بهذه المناسبة يأتي في وقت تستعيد فيه البلاد مكانتها وتبني اقتصاداً جديداً على أسس من المعرفة والدقة والعدالة، بعيداً عن الممارسات السابقة التي شهدت تزوير الأرقام وتحريف المقاييس وإهمال الجودة.
وقال: “القياس ليس مجرد عملية فنية، بل هو مسألة عدالة، لأنه حين تكون المقاييس صحيحة، يكون السوق منصفا، والمنافسة نزيهة، والمستهلك مطمئناً”.
وأوضح عبد الحنان أن الوزارة تعمل على ثلاثة مسارات متكاملة تتمثل بتطوير البنية التحتية للمقاييس والمعايرة لدعم الصناعة الوطنية والتعليم التقني، تحديث التشريعات بما يتماشى مع المعايير الدولية، ويُشجّع الاستثمار، إضافة إلى تعزيز ثقافة القياس في التعليم المهني والمنشآت الصغيرة والمتوسطة، لرفع سوية المنتج السوري وتأكيد جدارته في الأسواق العالمية.
وختم بالتأكيد على أن العدالة في القياس هي وجه من وجوه العدالة الاجتماعية، وجزء من الكرامة الإنسانية، موجهاً شكره للجهات المنظمة والداعمة للندوة.
ركيزة لحماية الاقتصاد والمجتمع
من جانبها، أكدت مدير عام هيئة المواصفات والمقاييس العربية السورية المهندسة إيمان صالح، أن شعار الميزان الذي يرمز للعدالة هو خير تجسيد لأهمية القياس في حياة الإنسان. وقالت: “شعار هذا العام، القياسات لجميع الأوقات ولكل الناس، هو مبدأ جوهري يعكس الدور الحيوي لعلم القياس في جميع مناحي الحياة”.
وأوضحت صالح أن علم القياس لا يقتصر على الصناعة، بل يشمل كل تفاصيل الحياة اليومية، من الأجهزة المنزلية إلى الأبحاث الطبية، مؤكدة أن المعايرة الدقيقة تضمن موثوقية القياسات وصحة نتائج الاختبارات حول العالم.
وسلّطت الضوء على أهمية القانون الوطني للقياس، بوصفه الأساس لنظام القياس الوطني في سوريا، والذي يهدف إلى حماية الاقتصاد الوطني، وأشارت إلى الدور الفعال الذي تقوم به اللجنة الدائمة للقياس في تطبيق هذا القانون، وهي اللجنة الوحيدة في الهيئة التي يترأسها الوزير مباشرة، ما يعكس أهميتها الاستراتيجية.
بدوره، عبّر عامر البسيط، رئيس الجمعية العلمية السورية للجودة، عن شكره للجهات المنظمة، مؤكداً أن المترولوجيا والجودة يشكّلان معاً ركيزة لضمان التنمية المستدامة، وتعزيز الثقة في المنتجات والخدمات.
وقال البسيط: “في عالم يتسم بالتسارع التكنولوجي والتنافسية العالمية، لم تعد الجودة خياراً، بل ضرورة لتحقيق النجاح والرضا، ولا يمكن تحقيقها دون أنظمة قياس دقيقة وموثوقة”.
وأشار إلى أن الجمعية تعمل منذ سنوات على تعزيز الشراكات مع المؤسسات الوطنية، ونشر ثقافة التحسين المستمر، موضحاً أن الجودة ليست هدفاً نصل إليه، بل رحلة دائمة من التطوير.
هذا وتتضمن الندوة على مدار اليوم سلسلة من العروض العلمية والمداخلات المتخصصة، بمشاركة باحثين وأكاديميين وممثلي الجهات الرقابية والصناعية، لمناقشة تحديات المترولوجيا وآفاق تطوير أنظمة القياس الوطنية، بما يخدم الابتكار الصناعي ويحسّن أداء القطاعات الخدمية.
وتؤكد هذه الندوة، التي أصبحت محطة سنوية مهمة، على التزام سوريا بالسير على خطا العلم والمعايير الدولية، كخيار استراتيجي لإعادة بناء الثقة والارتقاء بجودة الحياة والمنتج والخدمة.