الثورة – ميساء العلي:
يقول أستاذ الاقتصاد السياسي بكلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور إلياس نجمة، ماذا يعني اتخاذ القرار برفع العقوبات عن سوريا؟، ليجيب: إنه أصبح بإمكان سوريا أن تتصرف في حركة مستقلة كبقية بلدان العالم من دون أي عوائق.
ويضيف خلال حديثه في ورشة عمل أقامتها كلية الاقتصاد بجامعة دمشق اليوم: إن الأهم عودة حيوية الاقتصاد من خلال عودته إلى المقاعد الأممية والمؤسسات الدولية ولاسيما على الصعيد المالي.
وقال: حتى نستطيع أن نبدأ مرحلة التعافي لابد من وجود ثلاثة عناصر للانطلاقة، بمعنى أن يتوفر للاقتصاد الوطني الطاقة الرخيصة من كهرباء ومشتقات نفطية، بحيث تكون بأسعار تنافسية مع العالم قادرة أن يتحملها الاقتصاد الوطني، في حين يذهب العنصر الثاني إلى أهمية توفر نقود رخيصة، خاصة وأن الفوائد المرتفعة نوع من العقوبة على الاستثمار، بينما العنصر الثالث يتعلق بالعمالة الماهرة، خاصة وأن هذه العمالة لأسباب مأساوية وتاريخية أصبحت في الخارج.
نجمة يرى أهمية قيام الحكومة الجديدة بإجراءات هامة وجذرية من خلال سياسات، أولها التعليم، فلا نستطيع بناء اقتصاد مزدهر من دون أن يكون لدينا تعليم مزدهر، وللأسف قطاع التعليم لدينا في أدنى مستوياته من المرحلة الابتدائية للجامعة.
ما نريده بالفعل- كما يقول نجمة، أن يكون لدينا إدارة اقتصادية تدير الأمور بعقل اقتصادي وليس بعقل الساعة “12 ونص” منتصف الليل، وما نراه من مستشارين كثر يخرجون لنا بنظريات وأفكار ليس لها أثر اقتصادي، كما أننا بحاجة لرجال أعمال وليس رجال مصالح.
بحاجة لنافذة زمنية أطول
نائب عميد كلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور عبد الرزاق الحساني قال: إن العقوبات على سوريا بدأت منذ العام 1971، ومن ثم كان هناك عقوبات في العام 1986 و2003 و2004 و2006، وبعد العام 2011، بدأت حملة عقوبات كبيرة ومركزة، وخاصة على المؤسسات المالية شملت مصرف سوريا المركزي، والمصارف العامة وبعض الكيانات والمؤسسات.
وأضاف: إن قرار وزارة الخزانة الأميركية ومع إصدار الرخصة رقم 25، إلا أن الفترة الزمنية المحددة بـ180 يوماً غير كافية للبدء برفع تلك العقوبات، وخاصة بالنسبة لنظام السويفت العالمي الخاص بالتحويلات المالية، مشيراً إلى بقاء قانون قيصر الذي سيؤثر على المؤسسات المالية.
وقال الحساني: إن التعافي الجزئي لقطاع المصارف لا يمكن أن ينجز خلال فترة السماح وفق الرخصة الأميركية، مضيفاً: هناك تحديات كثيرة، منها انهيار قيمة العملة والتضخم والاحتياطي من العملات الأجنبية وعجز الموازنة العامة، لذلك نحن بحاجة لسنتين على الأقل كفترة سماح للاستفادة من رفع العقوبات وقرار وزارة الخزانة الأميركية، فنحن لدينا أزمة سيولة وحبس سيولة، إضافة إلى تقلبات سعر الصرف وهذا لن يعزز الثقة بالقطاع المصرفي، وبالتالي حتى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لن يمنحنا قروضا ومساعدات إلا وفق شروط تعليق العقوبات وخطاب النوايا، ولكن ورغم ذلك تبقى خطوة رفع العقوبات إيجابية لكنها غير كافية وبحاجة لنافذة زمنية طويلة ترافقها إصلاحات بنيوية في المصارف وترشيد الانفاق العام.
لا نريد اقتصاد سوق الجمعة
أستاذ الطاقة الدكتور زياد عربش قال: إن اقتصادنا متهالك ويجب العمل وفق رؤية اقتصادية مختلفة وليس وفق اقتصاد “سوق الجمعة”.
واقترح أن يتم تقديم خطة اقتصادية من صفحتين لوزير الاقتصاد نضال الشعار للمرحلة القادمة وكيف يجب أن تدار السياسة الاقتصادية، وأبدى عدم تفاؤله حيال رفع العقوبات نتيجة الواقع الاقتصادي الحالي.
فرصة أم ماذا؟!
عميد المعهد العالي للبحوث السكانية جمعة حجازي تساءل كيف يمكن للاقتصاد والمجتمع السوري تلقف رفع العقوبات عن سوريا اقتصادياً واجتماعياً، خاصة مع وجود تحولات جيوسياسية وتكتلات اقليمية جديدة.
ما نريده بحسب حجازي اقتصاد قائم على التعاون بدلاً من الاقتصاد القائم على القهر، لذلك يجب علينا كحكومة أن ننتقل إلى النموذج المرن في الإدارة وتعزيز الشفافية والمساءلة والكفاءة والفاعلية لمؤسساتنا الحكومية من خلال إجراءات مالية أكثر شفافية.
وأضاف: هل نحن بحاجة لبناء اقتصاد من أجل الدولة يخفف من العجز الحالي أو اقتصاد يحقق العدالة الاجتماعية ويدعم المجتمع ويخفف الفقر.
ويعود ليسأل هل رفع العقوبات فرصة أم ماذا ؟ يجب ألا نضيع الفرصة كما ضيعنا آلاف الفرص.
عميد كلية الاقتصاد الدكتور علي كنعان قال: إن مشكلتنا هي في السيولة قبل الثورة وبعدها، فنحن نعاني من تجفيف منابع السيولة لدينا نقص حقيقي لذلك نحن بحاجة إلى إعادة طباعة العملة “نقود بلاستيكة” وإجراء إصلاح نقدي.
وأضاف: إنه لكي نتخلص من نقص السيولة يجب أن نطبع عملة جديدة لنتحكم بالاقتصاد الوطني.
وتابع: إن سعر الصرف القوي لا يفيد في سوريا وتجربة تركيا خير دليل جراء التضخم الكبير بالليرة التركية، مشيراً إلى أنه يجب ألا نكون متفائلين برفع قيمة الليرة من 15 ألف إلى 5000 آلاف ليرة، مضيفاً: لدينا مشكلات بالاقتصاد من توفر الطاقة والعمالة الماهرة والإدارة، كما أننا نريد عودة المستثمرين السوريين وتأمين البيئة المناسبة للاستثمار.
وقال : اليوم هو عصر الحرية الاقتصادية والتطورات العالمية للدخول بشراكات عالمية.
شاطر الدكتور رسلان خضور زميله كنعان بأهمية التعويل على المستثمر السوري وأنه يجب أن يكون لدينا رؤية محلية للاستثمار.
الدكتور غسان إبراهيم كان متشائماً حيال رفع العقوبات وسيكون الأمر لا شيء، بحسب تعبيره، أو أنه سيكون بحده الأقصى، وعرج إلى مسألة تدفق السلع والبضائع والقطاع المصرفي، وبحسب كلامه، الاقتصاد لا ينهض بالمال بل بالعلم.