الثورة- نور جوخدار :
مع بداية المواجهات العسكرية الإسرائيلية- الإيرانية، وتحولها من حرب بالوكالة إلى حرب مباشرة ومفتوحة، تحولت السماء السورية إلى ممر لعبور الصواريخ والمسيرات المتبادلة، وسط تحذيرات أممية من انعكاسات هذا التصعيد على استقرار دولة تركز جهودها على شأنها الداخلي وتعزيز حضورها الدولي.
وخلال جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي عقدت يوم أمس، أكدت نائب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا، نجاة رشدي أن “سوريا ببساطة لا تستطيع تحمل موجة جديدة من عدم الاستقرار، محذرة من خطر التصعيد الإقليمي ليس أمراً افتراضياً، بل وشيك وشديد، وقد يقوض التقدم الهش نحو السلام والتعافي في سوريا”.
بدوره، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أكد في اتصال هاتفي مع الرئيس أحمد الشرع على ضرورة أن تبقى سوريا بعيدة عن الصراع الدائر بين إيران وإسرائيل.
يعكس هذا المشهد المتوتر، تحولًا لافتًا في موازين القوى الجيوسياسية في المنطقة، عقب سقوط نظام الأسد حليف طهران، وتبدل التموضع السياسي لسوريا لتصبح حليفا جديدا للولايات المتحدة، إذ أشارت صحيفة نيويورك تايمز إلى أن الحكومة السورية الجديدة، ومنذ تنصيبها، أعلنت بوضوح أن الوجود الإيراني داخل البلاد لم يعد مرحبا به، واعتبرت الصحيفة أن التصعيد الحالي بين إيران وإسرائيل منح الحكومة السورية فرصة لإثبات التزامها بالنهج الجديد، وكسب دعم دولي واسع.
وفي السياق ذاته، نشر موقع مركز المجلس الأطلسي في واشنطن تحليلًا للباحث تشارلس ليستر، رئيس المبادرة السورية في معهد الشرق الأوسط، أكد فيه أن “سوريا على مدى ما يقرب من نصف قرن، كانت جرحًا مفتوحًا في قلب الشرق الأوسط، ومصدرًا دائمًا لعدم الاستقرار، تُغذي الصراعات وتقمع شعبها بوحشية”، وهي رؤية تعكس الاحتضان الأميركي للقيادة السورية الجديدة في ظل التحولات المتسارعة في الشرق الأوسط، مع تراجع النفوذ الإيراني بعد سقوط نظام الأسد.
الحرب المفتوحة بين إسرائيل وإيران لاتزال تشكل تهديدا لاستقرار سوريا الجديدة، حيث شهدت الأجواء السورية خصوصاً في المناطق الجنوبية سلسلة عمليات عسكرية واختراقات متكررة من الجانبين، حيث اعترضت إسرائيل مسيرات وصواريخ قادمة من إيران، سقط معظمها في محافظتي درعا والسويداء بالإضافة إلى ريف طرطوس على الساحل السوري، ما أسفر عن وقوع إصابات بين المدنيين وأضرار مادية.
ويعد هذا التصعيد انتهاكًا صريحًا لمبادئ السيادة الوطنية وأحكام القانون الدولي، التي تضمن حرمة أراضي الدول وسلامتها وتجنيبها الانخراط في نزاعات الجوار.
ويرى خبراء ومحللون سياسيون أن التزام دمشق بالحياد الكامل عن هذا النزاع، وتركيزها على الشأن الداخلي وتعزيز حضورها الدولي، يعد الخيار الأمثل، مع ضرورة التحرك سياسيًا ودبلوماسيًا، من خلال اللجوء إلى مجلس الأمن وفق المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة المتعلقة بحق الدفاع عن النفس، والمادة 35 لطرح القضية دوليًا، وكذلك المطالبة بعقد جلسة طارئة لمجلس منظمة الطيران المدني الدولي لمناقشة عسكرة الأجواء السورية، والعمل على فتح ممرات جوية آمنة وإنسانية محايدة لحماية حركة الطيران.