الثورة – فادية مجد
تعتبر الزراعات المحمية من الزراعات الرئيسة في محافظة طرطوس، والتي تشكل مصدر رزق وعمل للكثيرين من أبناء المحافظة، إضافة لإمدادها السوق المحلية في طرطوس وبقية المحافظات، بالسلة الغذائية من الخضار المحمية.
مناشدات من جدوى
رغم تعالي الأصوات والمناشدات أيام النظام البائد لدعم تلك الزراعة ومزارعيها، الذين يتعرضون لخسائر فادحة، من جراء ارتفاع تكاليف الإنتاج الكبيرة، مقابل أسعار خجولة هي حصيلة بيع محاصيلهم المحمية، لم تجد أصواتهم الٱذان الصاغية، ولتتراكم الديون عليهم ويفكر الأغلبية منهم بهجر تلك الزراعة إلى غير رجعة.
المعاناة تتكرر
لنقل معاناة مزارعي البيوت المحمية ومطالبهم تواصلنا مع عدد من المزارعين، حيث أفاد المزارع حسن عبدالله من قرية بحوزي قائلاً: بالنسبة لارتفاع أسعار المواد الزراعية، فالمشكلة بدأت منذ العام الماضي، حيث إن الفلاح جهز محصوله أيام الغلاء بسعر صرف 15 ألف للدولار، وجراء ذلك، تراكمت الديون للصيدليات الزراعية، بعد انخفاض أسعار الخضار لأقل من سعر التكلفة.
غياب الدعم الحكومي
ويضيف عبدالله: واليوم الأسعار لاتزال مرتفعة، فلفة النايلون 225 دولاراً، وسعر ظرف البذار حوالي 90 دولاراً، أما المبيد والأسمدة فيحتاج البيت البلاستيكي كل أسبوع كمية لايستهان بها، إضافة لمعاناتنا من غلاء المازوت والبنزين في ظل تقنين الكهرباء، وانخفاض منسوب المياه في السدود الذي ينذر بكارثة حقيقية، مع غياب كامل للدعم الحكومي دور الجمعيات الفلاحية.
وكل ماسبق أدى لخسائر فادحة، حيث كانت الأسعار منخفضة جداً، وأغلب الموسم الربيعي للبيوت المحمية من مادة البندورة مثلاً تم بيعها بسعر ألف ليرة للكيلو، ومؤخراً بسعر 400 ليرة للكيلو مع كمسيون 8 بالمئة، يتم قطع نسبة 3 بالمئة من الوزن ، عدا عن العبوات الفارغة والتي نشكو ارتفاع سعرها الذي وصل إلى 6000 للعبوة المستعملة.
مطالب محقة
وطالب عبدالله بحماية هذه الزراعة من الهجرة من قبل مزارعيها الذين يتعرضون لخسائر كبيرة، من خلال دعم حكومي، وترخيص العبوات، وإلغاء خصم 3 بالمئة من الوزن وتخفيض نسبة الكمسيون، وفتح باب التصدير حتى يتمكن الفلاح من متابعة الزراعة دون خسارة.
إيقاف الاستيراد
عدد من مزارعي تلسنون قالوا: إن الخضار المستوردة هي السبب الرئيسي لانخفاض أسعار الزراعات المحمية، وخاصة البطاطا والبندورة المستوردة من مصر والأردن، إضافة لإغلاق الحدود أمام تصدير الخضار المحلية، الأمر الذي أدى الى كساد في السوق وتراكمها بلا أسعار منصفة، تتناسب مع ارتفاع تكاليف إنتاجها، وجهدنا المبذول.
المزارع أحمد أسعد قال: تجهيز البيوت المحمية هذا الموسم، كان بأسعار مرتفعة جداً، لنتفاجأ وعند التسويق بالأسعار المتدنية جداً، والتي لا تغطي نصف التكلفة، فالبيت المحمي الواحد من محصول البندورة، قدرت تكلفة زراعته حتى يصل الى مرحلة الإنتاج هذا الموسم الى 12000000 ليرة ، وقد تم بيع 90% من المحصول بين 1000 الى 1500 ليرة .
ديون وخسائر
ولفت أسعد إلى أن نسبة كبيرة من الفلاحين لن يستطيعوا هذا العام زراعة بيوتهم المحمية، بسبب الخسائر التي تعرضوا لها نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج وانخفاض أسعار منتجاتهم، وتراكم ديونهم للصيدليات الزراعية، مشيراً إلى أنه حتى الآن لم نشهد تدخلٱ حكومياً لدعم مزارع البيوت المحمية، مطالباً الجهات المعنية بدعم المزارع بشكل عام، ومزارع البيوت المحمية بشكل خاص، وتأمين الكهرباء ومستلزمات الإنتاج، مع وضع خطط مدروسة لتسويق المحاصيل، وإيجاد أسواق خارجية لتصدير الفائض من المحاصيل، وعدم السماح بإدخال محاصيل زراعية من الخارج في أوقات الإنتاج داخل القطر.
تفعيل مؤسسات الدولة
وطالب عدد من مزارعي قرية كرتو في منطقة سهل عكار بإزالة كافة معوقات الزراعة المحمية، وتأمين البذار من مصادر موثوقة، أو من مؤسسات الدولة، ومراقبة أسواق الهال، وعدم ترك الفلاحين عرضة لجشع تجار سوق الهال وفرض الرسوم التي تناسبهم، وتفعيل دور مؤسسات الدولة المتعلقة بالمسألة الزراعية وأن يقع على عاتقها تأمين كافة أنواع البذار والأسمدة، وجميع مستلرمات الإنتاج، والإشراف على عملية التسويق، والتدخل الإيجابي في أسواق الهال، لأن الفلاحين يشترون مستلزمات الإنتاج بأسعار عالية، ليتم بيع الإنتاج بعد مرحلة متأخرة، وهذا يؤدي الى خساره كبيرة للفلاحين وبالتالي هجرة الزراعة، وضعف أحوال المجتمع الاقتصادية.
وأجمع مزارعو البيوت المحمية في ختام حديثهم أنهم ليسوا بحاجة لحلول بسيطة، فمشكلاتهم كبيرة ، وهم بحاجة قرارات مصيرية لرفع الظلم عنهم، هم من جبلت أيديهم بالتراب والعرق يستحقون الإنصاف، ولا يطالبون بأكثر من ذلك، فهل يعقل- والكلام لهم، أن تكون التكاليف والتعب عليهم، والربح للقائمين على الشحن والسماسرة والشركات!؟
١٣٩١١٣ بيتاً محمياً
بدوره أكد مدير زراعة طرطوس المهندس حسن حماده أن عدد البيوت المحمية بطرطوس لموسم ٢٠٢٤ _ ٢٠٢٥ تبلغ حوالي ١٣٩١١٣ بيتاً من أصل ١٤٦٩٤٩ بيتاً محمياً، حيث تشغل منطقة طرطوس، (سهل عكار) وبانياس المساحة الرئيسة المزروعة بهذه الزراعات.
و بين حماده أن الزراعة المحمية تتغير بشكل طفيف بين عام وآخر، لافتاً إلى أن إجراءات دعمهم للزراعة المحمية تقتصر على الإرشاد الزراعي، وتعويض أضرار الصقيع والكوارث الطبيعية، من صندوق الجفاف والكوارث ( سيول – أعاصير ) .