العدالة ليست خياراً سياسياً بل ضرورة أخلاقية وإنسانية

الثورة- منذر عيد

لا يرتبط تحقيق العدالة والمساءلة عن استخدام النظام السابق الأسلحة الكيميائية بمحاسبة الجناة فقط، بل يمثل رسالة واضحة مفادها أن الجرائم الكبرى لا تسقط بالتقادم، وأن المجتمع الدولي لا يتسامح مع من يخرق القانون الدولي الإنساني، والسير في طريق المحاسبة أمر ضروري لبناء مستقبل أكثر عدلاً للشعب السوري، ولمنع تكرار هذه الجرائم في وقت آخر وفي أماكن أخرى من العالم، وغياب المحاسبة لا يشكّل فقط ظلماً لضحايا تلك الهجمات، بل يفتح الباب أمام تكرارها.

فالإفلات من العقاب يشجع الأنظمة الاستبدادية على ارتكاب المزيد من الجرائم دون خشية من عواقب قانونية أو سياسية، لذلك فإن العدالة ليست خياراً سياسياً، بل ضرورة أخلاقية وإنسانية لحماية المدنيين ومنع تكرار هذه الفظائع.

أثبتت عدة تحقيقات دولية تورط النظام السابق في سوريا في عدد من الهجمات بالأسلحة الكيميائية على المدنيين، ليكون أبرزها في الغوطة الشرقية في الـ 21 من آب 2013، التي راح ضحيتها أكثر من 1400 مدني، معظمهم من النساء والأطفال، جراء استخدام غاز السارين، ورغم أن الأمم المتحدة خلصت إلى أن السارين قد استُخدم، فإن مجلس الأمن فشل في تحميل النظام السوري المسؤولية المباشرة، بسبب تعقيدات المشهد الدولي واستخدام الفيتو من قبل روسيا.

وفي السنوات التالية، رُصدت هجمات متكررة في خان شيخون 2017، دوما 2018، وسراقب 2018، وغيرها من البلدات السورية، باستخدام غازات مثل السارين والكلور، بحسب تقارير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وأشارت لجنة التحقيق المستقلة التابعة للأمم المتحدة مراراً إلى أن النظام السوري هو الجهة المسؤولة عن تلك الهجمات.

ورغم الضجة الإعلامية والإدانات الواسعة آنذاك، ووجود أدلة دامغة، من شهادات ناجين، وتحقيقات ميدانية، وصور الأقمار الصناعية، وتحليلات المختبرات، فإن الإجراءات الدولية أقتصرت غالباً على التصريحات والضغوط الدبلوماسية، ونفذت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا ضربات عسكرية محدودة بعد هجوم دوما عام 2018، لكنها لم تُغير ميزان القوى أو توقف الانتهاكات، كما فشلت الجهود القانونية في مجلس الأمن مراراً بسبب الحماية الروسية للنظام السابق.

استخدام النظام السابق الأسلحة الكيميائية جاء عبر تأكيد منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW) في عدة تقارير رسمية مسؤولية النظام السوري عن عدد من الهجمات الكيميائية، أبرزها في سراقب وخان شيخون ودوما، وقال المدير العام للمنظمة، فرناندو أرياس في تقرير صادر عام 2021 : “استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا يمثل خرقاً واضحاً للقانون الدولي، ويجب محاسبة مرتكبيه دون استثناء”، كما عبّر وزير الخارجية الأميركي آنذاك، أنتوني بلينكن عن موقف بلاده بقوله: “نحن مصممون على محاسبة نظام الأسد على الجرائم المروعة، بما في ذلك استخدامه للأسلحة الكيميائية ضد شعبه”، كما قالت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت: “إن الإفلات من العقاب في سوريا، خاصة فيما يتعلق باستخدام الأسلحة المحرّمة دولياً، يقوّض مصداقية القانون الدولي ويغذي دوامة العنف”.

رغم توثيق الفعل عبر تقارير دولية ومنظمات أممية مختصة، فإن المحاكم الأممية مازالت غائبة عن محاسبة المتورطين، لتبقى المحاسبات فردية، حيث فرض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عقوبات على شخصيات ومؤسسات متورطة باستخدام الأسلحة الكيميائية، لتشمل العقوبات تجميد أصول ومنع سفر وغيرها من الإجراءات.

ومع غياب إنشاء محكمة دولية خاصة بسوريا، يمكن اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية (ICC) إذا أحيل الملف من مجلس الأمن، وإلى المحاكم الوطنية عبر مبدأ “الولاية القضائية العالمية” (كما حدث في ألمانيا وفرنسا)، أو عبر محاكم مختلطة مستقبلاً، يجري التخطيط لها بالتعاون مع منظمات دولية.

آخر الأخبار
السيطرة الكاملة على حرائق ريف اللاذقية الشمالي ..واستمرار التبريد والمراقبة وزير الطوارئ: 1875 متراً من الشجاعة.. رجال الإطفاء يروّضون النيران في حرائق المشيرفة الشرع يبحث مع مساعد وزير الاستثمار السعودي التعاون المشترك إجراء نوعي للعيادة القلبية بمستشفى حماة الوطني وزير الدفاع لرجال الجيش: أوصيكم بحماية أهلكم المواطنين في السويداء نقاشات اقتصادية إيجابية بين سوريا والأردن ..  فتح آفاق جديدة للتعاون والاستثمار الداخلية: دورنا حفظ الأمن وحماية المدنيين في السويداء الشيباني يبحث مع كالاس تعزيز العلاقات بين سوريا و"الأوروبي" تفعيل التعاون بين حسياء الصناعية ومؤسسة الخبراء الألمان بين الشرق والغرب.. مفاجأة لوجستية في قلب الساحل السوري العمل الحكومي المؤسساتي.. ضرورة تنموية في ظل التحديات خارطة طريق لتعزيز التشارك بين الوزارات الغابات رئة سوريا .. كيف نحميها؟ أحدث الطرق لاكتشاف الحرائق لحظة حدوثها تراجعت زراعته إلى النصف.. التبغ هل سيبقى محصولاً استراتيجياً ؟ الظروف المناخية وصعوبة ترحيل الخلايا تخفض إنتاج العسل بطرطوس فيرشينين: الاتصالات بين دمشق وموسكو حول القواعد الروسية مستمرة المملكة المتحدة: سوريا تلتزم بشكل كامل بتدمير بقايا برنامج "الكيميائي" "مجازر الكيميائي".. جرائم لا تسقط بالتقادم.. هبوط حاد بالأسعار وانتعاش لقطاع الموبايلات بطرطوس الثروة الحيوانية في طرطوس.. تحصينات وقائية ضد الأمراض وصعوبات تواجه المربين اقتصاد سوريا الأزرق.. القبطان محمد جمال عثمان لـ"الثورة": استثمار "موانئ دبي" مقدمة لنهضة في صناعة ...