الثورة – سيرين المصطفى
تُعدّ مشكلة الألغام ومخلفات الحرب أحد أبرز التحديات التي تهدّد حياة المدنيين العائدين إلى قراهم في ريف إدلب الجنوبي، ولا سيما في المناطق التي كانت مسرحاً للعمليات العسكرية والنزاعات المسلحة خلال السنوات الماضية.
ورغم عودة العديد من العائلات بعد سنوات من النزوح، إلا أن خطر هذه المتفجرات ما زال يخيّم على حياتهم اليومية، متسبباً بسقوط قتلى وجرحى، بعضهم من الأطفال الذين أصيبوا بإعاقات دائمة.
وكانت آخر هذه الحوادث قد وقعت في 15 تموز/يوليو الجاري، حيث أدى انفجار لغم من مخلفات قوات النظام السابق إلى مقتل طفلين وإصابة ثلاثة آخرين، وذلك أثناء قيامهم بجني نبات “الشفلح” (القبّار) في محيط بلدة حيش بريف إدلب الجنوبي.
ويُعد هذا النوع من العمل مصدر دخل رئيسي للعديد من العائلات الفقيرة، ما يدفعهم إلى المخاطرة بإرسال أطفالهم إلى الحقول، رغم المخاطر المستمرة الناجمة عن الذخائر غير المنفجرة المنتشرة في المنطقة.
بيئة قاتلة وأطفال في مواجهة الخطر
تُظهر هذه الحادثة – وغيرها – واقعاً مأساوياً تعيشه القرى في ريف إدلب، حيث لم تعد عودة السكان كافية لاستعادة الإحساس بالأمان، في ظل غياب حلول عملية لإزالة مخلفات الحرب.
ولا تقتصر خطورة الألغام على مواقع القتال السابقة، بل تمتد إلى المنازل المهدّمة، الطرقات غير المأهولة، والثكنات العسكرية القديمة، وكلها مناطق لا تزال تشكّل بيئة قاتلة خاصة للأطفال.
الدفاع المدني يحذّر
من جهتها دعت مؤسسة الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) المدنيين مراراً إلى توخي الحذر وعدم دخول الأماكن التي كانت مسرحاً للاشتباكات، بما في ذلك المناطق السكنية المهجورة، والمواقع العسكرية السابقة، والسواتر الترابية.
وأكدت المؤسسة أن بقايا المتفجرات والذخائر غير المنفجرة يمكن أن تبقى نشطة لعشرات السنين، ما يجعلها تهديداً دائماً لحياة المدنيين، خاصة في المناطق الزراعية التي يعتمد عليها السكان في معيشتهم.
مطالبات بتحرّك عاجل
مع تكرار هذه الحوادث المؤلمة، يطالب الأهالي في ريف إدلب الجنوبي ومعهم منظمات مدنية وحقوقية الجهات الحكومية والهيئات الإنسانية بالإسراع في تنفيذ برامج شاملة لإزالة الألغام، وتكثيف حملات التوعية للحد من وقوع المزيد من الضحايا. فاستمرار هذا الوضع يعني أن المدنيين – وفي مقدمتهم الأطفال – سيبقون في مواجهة دائمة مع خطر الموت أثناء محاولتهم تأمين لقمة العيش في أرضٍ لا تزال ملوثة بإرث القتل والدمار.