المنتدى الاستثماري السوري السعودي في دمشق.. دلالات سياسية واقتصادية في لحظة فارقة

الثورة :

في خطوة وُصفت بأنها تاريخية، شهدت العاصمة السورية دمشق انطلاق أعمال المنتدى الاستثماري السوري السعودي، بحضور الرئيس أحمد الشرع، ومشاركة واسعة من الوفدين الرسميين والاقتصاديين من الجانبين، وسط أجواء احتفالية ومؤشرات على تحوّل سياسي واقتصادي عميق في مسار العلاقات بين البلدين.

يعكس هذا المنتدى في جوهره “إعادة ترميم العلاقات العربية – السورية” بعد عقود من القطيعة والعزلة، وخاصة من قبل دول الخليج، ولعل مشاركة وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح، وما حمله من رسائل دعم مباشرة من الملك سلمان وولي العهد محمد بن سلمان، يُعتبر تأكيداً على عودة سوريا إلى الحاضنة العربية.

ويُعد هذا المنتدى أيضاً ترجمة عملية للتقارب السعودي السوري الذي تجلّى خلال الأشهر الأخيرة، خاصة في أعقاب التحول الإقليمي نحو سياسة خفض التصعيد وإعادة الانخراط مع الدول التي خرجت عن الإجماع العربي بفعل الحرب، وهو ما ينسجم مع مواقف الرياض الجديدة الرامية إلى لعب دور قيادي في ملفات إعادة الإعمار وتحقيق الاستقرار الإقليمي.

تأتي هذه الخطوة في وقت حساس تمر به سوريا، إذ تشهد البلاد مرحلة انتقالية حساسة تتسم بمحاولات ترسيخ الأمن وبسط مؤسسات الدولة تدريجياً في ظل الانهيار المؤسسي الذي خلّفه نظام الأسد البائد.

كما أن حضور الرئيس أحمد الشرع شخصياً في افتتاح المنتدى، يُظهر رغبة الحكومة في إعادة تقديم سوريا كدولة آمنة وجاذبة للاستثمار، وإثبات قدرتها على استعادة دورها السياسي والاقتصادي في الإقليم.

التوقيت كذلك يحمل دلالات واضحة مرتبطة بتهدئة النزاع في الجنوب السوري، وخاصة في السويداء، ما يجعل المنتدى بمثابة بيان نوايا دولي – عربي بأن سوريا تدخل مرحلة إعادة البناء بدعم إقليمي مباشر.

شهد المنتدى الإعلان عن توقيع 47 اتفاقية ومذكرة تفاهم بقيمة تقارب 24 مليار ريال سعودي(نحو 6.4 مليار دولار أميركي)، تغطي قطاعات واسعة منها الطاقة والبنية التحتية (أكثر من 11 مليار ريال، بما يشمل إنشاء 3 مصانع إسمنت)، والاتصالات وتقنية المعلومات (بقيمة 4 مليارات ريال، لتعزيز الأمن السيبراني والتحديث الرقمي)، كذلك الزراعة والصناعات التحويلية والتعليم والخدمات المالية.

يمثل هذا المستوى من الاستثمار دفعة نوعية للاقتصاد السوري المنهك، إذ يسهم في “خلق فرص عمل واسعة النطاق، خصوصاً في القطاعات الإنتاجية، وتعزيز الثقة الخارجية بمناخ الاستثمار السوري، وتحريك عجلة إعادة الإعمار بأدوات غير مشروطة سياسياً، وجذب مزيد من الاستثمارات الدولية عبر البوابة السعودية”.

كما أن دعوة المستثمرين السوريين في السعودية للانخراط في السوق المحلية، يؤسس لمرحلة عودة رؤوس الأموال السورية المهاجرة، وهو عنصر حاسم في تعافي الاقتصاد الوطني.

ويحمل المنتدى الاستثماري السوري السعودي في دمشق يتجاوز كونه فعالية اقتصادية، في طياته رسائل سياسية بليغة تتعلق بترسيخ الاعتراف الإقليمي بالحكومة السورية الجديدة، وإنهاء العزلة، والانطلاق نحو مرحلة إعادة الإعمار.

وفي ظل الانقسامات الدولية بشأن الملف السوري، يشكل هذا المنتدى اختباراً حقيقياً لجدية التحول الاقتصادي والسياسي في البلاد، ومدى قدرة الحكومة على تهيئة بيئة مستقرة وجاذبة لمثل هذا النوع من الشراكات الاستراتيجية.

آخر الأخبار
إعزاز تحيي الذكرى السنوية لاستشهاد القائد عبد القادر الصالح  ولي العهد السعودي في واشنطن.. وترامب يخاطب الرئيس الشرع  أنامل سيدات حلب ترسم قصص النجاح   "تجارة ريف دمشق" تسعى لتعزيز تنافسية قطاع الأدوات الكهربائية آليات تسجيل وشروط قبول محدّثة في امتحانات الشهادة الثانوية العامة  سوريا توقّع مذكرة تفاهم مع "اللجنة الدولية" في لاهاي  إجراء غير مسبوق.. "القرض الحسن" مشروع حكومي لدعم وتمويل زراعة القمح ملتقى سوري أردني لتكنولوجيا المعلومات في دمشق الوزير المصطفى يبحث مع السفير السعودي تطوير التعاون الإعلامي اجتماع سوري أردني لبناني مرتقب في عمّان لبحث الربط الكهربائي القطع الجائر للأشجار.. نزيف بيئي يهدد التوازن الطبيعي سوريا على طريق النمو.. مؤشرات واضحة للتعافي الاقتصادي العلاقات السورية – الصينية.. من حرير القوافل إلى دبلوماسية الإعمار بين الرواية الرسمية والسرديات المضللة.. قراءة في زيارة الوزير الشيباني إلى الصين حملات مستمرة لإزالة البسطات في شوارع حلب وفد روسي تركي سوري في الجنوب.. خطوة نحو استقرار حدودي وسحب الذرائع من تل أبيب مدرسة أبي بكر الرازي بحلب تعود لتصنع المستقبل بلا ترخيص .. ضبط 3 صيدليات مخالفة بالقنيطرة المعارض.. جسر لجذب الاستثمارات الأجنبية ومنصة لترويج المنتج الوطني المضادات الحيوية ومخاطر الاستخدام العشوائي لها