كيف تواجه سوريا سلاح الشائعات الإلكتروني؟

الثورة – بسام مهدي:
في زمن التحوّل الرقمي والانفتاح الإعلامي اللامحدود، أصبحت الشائعات واحدة من أخطر أدوات الحرب النفسية التي تهدد استقرار الدول، وتضرب تماسك المجتمعات، وتستنزف ثقة الناس في مؤسساتهم. وسوريا، في ظل ظروفها السياسية والاجتماعية والاقتصادية المعقدة، ليست بمنأى عن هذا التحدي المتفاقم. بل إن خطر الشائعات، خصوصاً عبر الإنترنت، يزداد تأثيراً مع تراجع الثقة بالمصادر التقليدية، وتزايد الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي كمصدر رئيسي للمعلومة، ما يفتح الباب واسعاً أمام موجات من الأكاذيب والتضليل.

متى تصبح الشائعة سلاحاً؟

الشائعة ليست مجرد “كلام عابر”، بل في حالات كثيرة تتحول إلى سلاح ممنهج، تُطلقه جهات داخلية أو خارجية بهدف التأثير في الرأي العام، وخلق حالة من البلبلة والهلع، أو التشكيك في مؤسسات الدولة، أو استغلال الأزمات لتوسيع الهوة بين المواطن والدولة.
وتنتشر الشائعة الرقمية كالنار في الهشيم لأنها: سريعة الوصول، ولا تخضع للتحقق المسبق، وتستغل ضعف الوعي الرقمي، وتلعب على أوتار عاطفية (الخوف – الغضب – الفضول).

رؤية استراتيجية سورية لمواجهة الشائعات

لمواجهة هذا الخطر المتفاقم، لا بد من تبني استراتيجية وطنية شاملة تقوم على ثلاث ركائز: الوعي – الرد – الردع، وذلك على النحو التالي:
أولاً: نشر الوعي الإعلامي الرقمي
“لا تُحارب الشائعة بشائعة… بل بالمعرفة”
إطلاق حملات وطنية للتوعية بمخاطر إعادة نشر الأخبار الكاذبة، واستهداف مختلف الفئات العمرية، وخاصة الشباب، بلغة مبسطة وواقعية.
تضمين “التربية الإعلامية” ضمن المناهج الدراسية لتعليم الطلاب كيفية التحقق من الأخبار، والتعامل مع المحتوى الرقمي.
تدريب الإعلاميين والناشطين والمؤثرين على أدوات التحقق من المعلومات (مثل: Google Fact Check, InVID, TinEye، وغيرها).
إشراك المجتمع المحلي (المدارس، النقابات، الجمعيات الأهلية) في جهود التوعية، عبر ورشات وندوات وجلسات حوار.
ثانياً: تطوير آليات الاستجابة السريعة
“أخطر من الشائعة: التأخر في الرد عليها”
تفعيل وحدات رصد إعلامي في المؤسسات الحكومية لمتابعة الشائعات لحظة صدورها، وتقديم رد فوري ومدروس قبل تفاقمها.
وإطلاق منصات رسمية عبر السوشيال ميديا متخصصة بتفنيد الأخبار الكاذبة بأسلوب احترافي يجمع بين المعلومة الدقيقة واللغة الشعبية.
والاعتماد على الشفافية والوضوح في التعامل مع القضايا المثارة، وتزويد الجمهور بالمعلومة الصحيحة فوراً، بدل التعتيم الذي يفتح الباب للتكهنات.
وإشراك الإعلام الوطني في منظومة الردع لا عبر التلقين، بل من خلال إعلام تحليلي يشرح خلفيات الخبر المزيف وسياقه وأهدافه
ثالثاً: الردع القانوني والتقني
“من ينشر شائعة مدمّرة، يجب أن يحاسب كما لو أنه ارتكب فعلاً تخريبياً”
يجب تحديث التشريعات القانونية لتجريم الترويج المتعمد للأخبار الكاذبة التي تضر بأمن الدولة أو السلم المجتمعي.
وإنشاء وحدة “جرائم المعلومات المضللة” ضمن إدارة الأمن الجنائي تتولى ملاحقة مروجي الشائعات عبر تتبع حساباتهم الإلكترونية.
والتعاون مع منصات التواصل العالمية (مثل فيسبوك، تويتر، تيك توك) لتعطيل الحسابات المشبوهة التي تروج لمحتوى مضلل أو تحريضي ضد سوريا.
وتوفير أدوات تحقق إلكترونية وطنية مثل بوابة “الخبر الصحيح” على موقع وزارة الإعلام، تتيح التحقق من الأخبار الواردة من مصادر غير رسمية.

الخلاصة:

مواجهة الشائعات ليست مسؤولية الدولة فقط، بل هي مسؤولية مشتركة تبدأ من الفرد وتنتهي عند المؤسسات.
وفي ظل التحديات التي تواجهها سوريا، فإن الحرب على الشائعة لا تقل أهمية عن الحرب ضد الإرهاب والفساد. لن نستطيع إسكات الأكاذيب، ولكن يمكننا بكل يقين تحصين العقول ضدها.
لنُعد بناء الثقة عبر الإعلام المهني، والتعليم الواعي، والتقنيات الذكية، والقانون الرادع.
الشائعة لا تعيش إلا في بيئة الجهل والتأخر… فلنخنقها بالوعي.

آخر الأخبار
"أطباء بلا حدود": نوسّع تدخلاتنا في سوريا استجابة لاحتياجات متزايدة  حصرية: الاستثمارات السعودية ستنعكس مباشرة على سعر الصرف  ماكرون يبحث مع الرئيس الشرع ملف الجنوب ويشدد على استئناف الحوار بين الحكومة و"قسد"  وزير الداخلية يبحث مع المحافظين سبل تعزيز الأمن والاستقرار في ظل التحديات الراهنة اتفاق سوري سعودي لتأهيل الكوادر وتحديث قطاع الإسمنت في سوريا دمشق تؤكد انعقاد لقاء سوري – إسرائيلي في باريس بوساطة أميركية لبحث التصعيد جنوب سوريا مشاركون في "روميكس وكيم أكسبو وسيريا بلاست": تحويل الأموال والدعم اللوجستي تحديات القطاع الصناعي سوريا.. من الاعتماد على المساعدات إلى انتعاش يقوده الاستثمار متابعة واقع المهجرين في مركز إيواء جباب "كن عونا "  و "المعرفة للتنمية" تقدمان خدمات متعددة لمهجري السويداء مفردة الكهرباء مبهمة وغائبة عن قدسيا والهامة.. أهالٍ  لـ"الثورة": لم نلمس أي تحسن حتى اليوم الأمم المتحدة: نزوح 176 ألف شخص من جنوب سوريا والوضع الإنساني "بالغ السوء" السلم الأهلي الطريق الوحيد لبناء سوريا قوية وصمام الأمان للمجتمع   "صحة درعا" تحذّر من التعرض لأشعة الشمس   صندوق الأمم المتحدة للسكان: كارثة إنسانية على الأمهات والولادات بقطاع غزة  العمل من المنزل بين الراحة المأمولة والعبء الخفي.. قراءة في الفرص والتحديات  فواز تللو لـ "الثورة": مساحة مفتوحة للحريات والعمل السياسي والتعبير عن الرأي  تأهيل آبار وإزالة تعديات على خطوط مياه الشرب في درعا   وزير المالية: منحة سعودية تصل إلى 60 بالمئة ضمن تمويلات الصندوق للتنمية في سوريا  تمديد ساعات عمل باصات النقل الداخلي في اللاذقية