المصارف المشتركة بين الإيجابية والسلبية..د. حسن حزوري لـ”الثورة”: نجاحها يتوقف على قدرة التكيف والتطوير
الثورة – ميساء العلي:
بعد الحديث عن تأسيس بنك مشترك جديد بين المصرف المركزي السعودي والمصرف المركزي السوري من أجل إدارة حركة أموال المستثمرين السعوديين، وبما يتعلق بالاستيراد والتصدير كون ذلك بات ضرورة لحجم الاستثمارات السعودية التي تتجاوز مليارات الدولارات، يأتي الحديث عن تأسيس مصارف مشتركة بين سوريا وبعض الدول الصديقة.
والسؤال ما هي إيجابيات المصارف المشتركة السورية العربية – والسورية الأجنبية؟
إيجابيات
يجيب عن هذا السؤال أستاذ الاقتصاد في جامعة حلب الدكتور حسن حزوري في حديث خاص لصحيفة الثورة: إن من إيجابيات المصارف المشتركة نقل الخبرات والتكنولوجيا المالية، إذ إن دخول شركاء عرب أو أجانب يساهم بنقل المعرفة وأحدث الأساليب في الإدارة، والتقنيات المصرفية الحديثة (الرقمنة، إدارة المخاطر، خدمات الزبائن…)، إضافة إلى جذب رؤوس الأموال الأجنبية، فالشراكات المصرفية تساهم في إدخال العملة الصعبة إلى سوريا، وتساعد في تمويل مشاريع التنمية، وخاصة في مرحلة إعادة الإعمار.
ومن الإيجابيات، يضيف حزوري: تعزيز التنافسية في السوق المصرفية وأن وجود هذه المصارف يفرض على المصارف الحكومية تحسين خدماتها وأساليب عملها لمواكبة السوق، إضافة إلى توسيع الخدمات المصرفية، فالمصارف المشتركة، غالباً ما تقدم منتجات حديثة مثل التمويل العقاري، البطاقات المصرفية، الخدمات الإلكترونية، والتي كانت أقل انتشاراً في المصارف الحكومية.
منعكسات
وحول الانعكاسات على المصارف الحكومية السورية، فهي تظهر من خلال التحفيز على التطوير والإصلاح، وأن وجود منافس مشترك يدفع المصارف الحكومية إلى إعادة النظر في أنظمتها وتطوير البنية التحتية والخدمات، إضافة إلى إمكانية التعاون والتكامل، فيمكن أن تنشأ شراكات بين المصارف الحكومية والمشتركة في مجالات التمويل أو الخدمات.
سلبيات
وفيما يتعلق بالسلبيات لإنشاء مصارف مشتركة يقول الدكتور حسن حزوري: يظهر ذلك من خلال تراجع الحصة السوقية للمصارف الحكومية إذا لم تقم المصارف الحكومية بإصلاح جذري، قد تخسر شريحة كبيرة من العملاء لمصلحة المصارف المشتركة، إضافة إلى الفوراق في الكفاءة الإدارية، إذ إن المصارف الحكومية تعاني أحياناً من البيروقراطية، مقارنة بإدارة مرنة وسريعة للمصارف المشتركة مع احتمال تركز الاستثمارات في المصارف الخاصة أو المشتركة، فقد يُفضّل المستثمرون التعامل مع مصارف مرنة وحديثة، ما يؤثر على دور المصارف الحكومية في تمويل المشاريع التنموية.
خلاصة الكلام- بحسب حزوري- فإن إنشاء مصارف مشتركة بين سوريا والدول العربية أو الأجنبية هو خطوة استراتيجية مهمة لتعزيز الانفتاح المالي، ونقل التكنولوجيا، وجذب الاستثمارات.. ولكن نجاح هذه الخطوة يتوقف على قدرة المصارف الحكومية على التكيف، والتطوير، والانفتاح على الشراكة بدلاً من المنافسة فقط، إذا تم استغلال هذه الفرصة بشكل ذكي، ستكون عامل تحفيز للإصلاح المالي والمصرفي داخل سوريا. > Qusay: تأثير السياسة النقدية
ورداً عن سؤالنا حول تأثير السياسة النقدية على المصارف المشتركة يجيب: إن السياسة النقدية هي أدوات المصرف المركزي (مصرف سوريا المركزي) للتحكم بالكتلة النقدية، سعر الصرف، التضخم، أسعار الفائدة ، في حين أن المصارف المشتركة هي مصارف يملكها مستثمرون سوريون وشركاء عرب أو أجانب، وتخضع للقوانين السورية ولكن بأسلوب إدارة وموارد مختلفة عن المصارف الحكومية.
ولذلك فإن تأثير المصارف المشتركة على السياسة النقدية، يتمثل بالتأثير على عرض النقود والكتلة النقدية فالمصارف المشتركة قد تزيد من حجم القروض والاستثمارات في السوق، وبالتالي ترفع حجم الكتلة النقدية المتداولة، وهذا قد يؤدي إلى ضغوط تضخمية إذا لم يكن هناك ضبط جيد من المصرف المركزي إضافة إلى صعوبة التحكم الكامل من قبل المصرف المركزي، فكلما زاد عدد الفاعلين غير الحكوميين (وخاصة بأجندات خارجية أو استراتيجيات مستقلة)، تقل قدرة المركزي على التحكم الكامل بالأدوات النقدية، على حد قول الأستاذ الجامعي.
ليطرح مثالاً مفاده.. إذا المصارف المشتركة تقدم أسعار فائدة مختلفة عن توجهات المركزي، قد تؤثر على فعالية السياسة النقدية، ومن التأثيرات الأخرى- بحسب حزوري- زيادة الحاجة لتنسيق السياسات، فعلى المصرف المركزي تطوير أدوات رقابية وتشريعية تضمن أن المصارف المشتركة تنسجم مع الإطار العام للسياسة النقدية ولا تعمل خارجها، فمثلاً ضبط الإقراض بالعملات الأجنبية، تنظيم حركة رؤوس الأموال، الالتزام بنسبة الاحتياطي الإلزامي.
سعر الصرف والسيولة
كما أن هناك أثراً على سعر الصرف والسيولة الأجنبية، ودخول المصارف المشتركة قد يجذب العملة الصعبة، ما يساعد المركزي على دعم سعر الصرف واستقرار الليرة السورية، ولكن بالمقابل، قد يُضعف قدرة المركزي على التحكم التام بالطلب والعرض على الدولار في حال لم تكن هناك رقابة صارمة على التحويلات الخارجية.
وحول علاقة المصارف المشتركة مع مصرف سوريا المركزي تتحدد من خلال الرقابة والإشراف فجميع المصارف العاملة في سوريا، سواء حكومية أو خاصة أو مشتركة، يجب أن تخضع لإشراف المصرف المركزي حيث أن الأخير يصدر التعليمات الخاصة بنسبة السيولة، الاحتياطي الإلزامي، قواعد الإقراض، السقوف الائتمانية.كما أن هناك علاقة تنظيمية فالمصارف المشتركة تُعامل كمصارف خاصة ولكن تخضع لقوانين التمويل والنقد السورية فالمركزي يراقب سلامة تعاملها مع النقد الأجنبي، ويضبط حركتها داخل النظام المالي الرسمي.
التحدي في الرقابة الفعالة هو عنصر هام- كما يقول حزوري- فقد يكون لدى بعض المصارف المشتركة شبكات خارجية أو شركاء خارجيين، ما يزيد من تعقيد الرقابة، وأن المركزي بحاجة لتطوير أنظمة مراقبة فنية ومعلوماتية لضمان الشفافية وتفادي غسل الأموال أو التلاعب بالسيولة.