الإرهاب العابر في الخطاب الغربي..

ثورة اون لاين – بقلم رئيس التحرير: علي قاسم

تشي الأصوات الغربية التي ارتفعت في الآونة الأخيرة بالرغبة في التبرؤ من الانعكاسات المتوقعة لتدحرج كرة الإرهاب وملامستها حدوداً وسقوفاً لم تكن مدرجة في الحسابات الغربية,
التي تعيد الاصطفاف على أساس المقاربات التفصيلية التي تظهر تبايناً واضحاً لا تخطئه العين، ولا تتوه في التقاطه الأذن، وهو يخرج على لسان مسؤولين وأكاديميين غربيين لاذوا بالصمت على مدى السنوات الماضية.‏

المقاربة تلك تبني افتراضاتها العملية على مشاهدات عينية وحسيّة ملموسة على عبور الإرهاب بطريقة ممنهجة للحدود الوطنية، وهو لا يخفي نيّاته في تخطّي الحدود الإقليمية للمنطقة، بما يعنيه ذلك من إعادة خلط للأوراق، وقلب للمعادلات التي طالما شكلت برأي الغرب واحداً من رهاناته الفاشلة على التمسك بتوظيف الإرهاب لتحقيق أطماعه ومصالحه.. قديمها وحديثها.‏

فالنفي الأميركي للارتباط بين تنظيم «داعش» والهجمات الإرهابية في اليمن مثلاً، لا يعني أن عبور الإرهاب سيظل محصوراً فقط بوجود «داعش»، لأن التنظيمات الإرهابية المشتقة أو الأصيلة لا تجد فارقاً كبيراً بين تلوّناتها، ولا هي معنية بتقديم شهادات براءة من صلاتها البينية الوثيقة، بدليل أن ما يجري على امتداد الحدود الوطنية يتقاطع مع النيّات المُسبقة بالتسلل إلى ما هو خارجها، ولو اختلفت التسمية أو المنظور.‏

مراكز البحوث الغربية لا تتوقف طويلاً عند مصطلح الإرهاب العابر للحدود، وتحاول أن تتجاهل عن إصرار مسبق ما قد يندرج تحت هذا العنوان من مقولات تقود إلى طرح عناوين التحديات الكبرى التي يواجهها العالم، رغم بعض الحالات الاستثنائية التي تؤكد القاعدة العامة أكثر مما تنفيها، بأن الرهان الغربي على الإرهاب يبقى القاسم المشترك بين الأجندات الفردية للأوروبيين والأميركيين على حدّ سواء.‏

على المنوال ذاته، تبدو السياسات الغربية أكثر ابتعاداً عن ملامسته أو الاعتراف بحضوره، ولا تنفك تشكك في المصطلح وما قد يؤول إليه لاحقاً، بحكم أن الحديث عنه قد يفتح ملفات المسؤولية التي جاهر الغرب في تملّصه منها، ورفض حتى التعليق على تداعياتها، بعد أن قادت سياساته إلى انحدار خطير في قيم الخطاب الغربي وبروز ذلك الإرهاب كواقع يقتضي إعادة برمجة الأولويات.‏

فالسياق الذي يصرّ عليه الخطاب الغربي بشقّه الأوروبي، لا يكتفي بما يملكه من فائض نفاق لكي يمارس سياسة التنصّل من المسؤولية، بل يضيف كمّاً إضافياً من المقولات الدارجة ليعود إلى اجترار معطيات فقدت قدرتها على التأثير، وعادت إلى التموضع في خانة التضليل السياسي والإعلامي، فيما يحاول الأميركي أن يرمي بحجره في المياه الراكدة تحت عناوين الرغبة في استدراج الواقعية السياسية، لتكون مفصلاً إضافياً في حركة التموّج الغربي بتناقضاته الظاهرة والمخفية.‏

الواضح.. أن ما شهدته تونس وبعدها اليمن وقبلها ليبيا، يؤشر إلى أن عبور الإرهاب لم يعد افتراضياً، رغم النفي الغربي والأميركي، بل بات واحدة من الحقائق التي تفتح الباب عملياً على سياقات الحديث عن انتقاله خارج المنطقة، باعتباره منتجاً ابن بيئته، فالإرهابي البريطاني والفرنسي والاسترالي هو إرهابي بهوية غربية، بما يعنيه من عبور اتوماتيكي لضفة المتوسط بحكم سياسة توطين الإرهاب، التي دفعت السيناتور «ريتشارد بلاك» إلى التحذير من تداعيات ما يجري على أوروبا تحديداً، وعن دور سورية المركزي والفعّال في محاربة «داعش».‏

لا نعتقد بأن ثمّة أوهاماً حقيقية حول دوافع انفتاح الشهية الغربية والأميركية تحديداً على الحديث بهذا التلوّن بأوجهه المتعددة والقابلة للتأويل والتفسير المزدوج، لكنه قد يكون ناقوس خطر في وقت بَدَت فيه حالات التطابق بين أجندة الإرهاب والمصالح الغربية عرضة لتناقضات واضحة، تدفع إلى الجزم بأن المسألة ليست بوارد التحوّل، بقدر ما تعني انغماساً أكبر في تقديم مقاربات تبريرية وذرائعية في الاتجاهين، بحيث يكون التحوّل ضرورة تقتضيها الحاجة للدفاع عن الأطماع الغربية.‏

لكن هذا لا يعني أن الغربي بات معنياً فقط بالدفاع عن مطامعه عبر العلاقة المشبوهة مع الإرهاب وداعميه الإقليميين، بل عن أمنه الذاتي، حيث لا ينفك الأمن الفردي عن الجماعي، والنزوع الفردي للخلاص يبدو نزوعاً محكوماً عليه بالفشل مسبقاً، وحتى تقتنع أوروبا بأن أمن المنطقة امتداد طبيعي لأمنها الذاتي، ثمة مسافة زمنية فاصلة ستكون لها تداعياتها الخطيرة، بحكم ما ينتظرها من تحديات، وفي مقدمتها وصول الإرهاب العابر لملامسة حدود الأوروبي وربما كان في الاتجاه المعاكس ومن الداخل الأوروبي ذاته.!!‏

a.ka667@yahoo.com ‏

آخر الأخبار
معرض دمشق الدولي.. انطلاقة وطنية بعد التحرير وتنظيم رقمي للدخول برنامج الأغذية العالمي: المساعدات المقدمة لغزة لا تزال "قطرة في محيط" "المعارض".. أحد أهم ملامح الترويج والعرض وإظهار قدرات الدولة العقول الذهبية الخارقة.. رحلة تنمية الذكاء وتعزيز الثقة للأطفال وصول أول باخرة من أميركا الجنوبية وأوروبا إلى مرفأ طرطوس شهرة واسعة..الراحة الحورانية.. تراث شعبي ونكهات ومكونات جديدة محطات الوقود بحلب تحت عين الرقابة البنوك السورية جاهزة للربط بنظام "سويفت" ومصارف أجنبية بدأت بالتعامل وسط دعوات للعدالة وعدم النسيان.. إحياء الذكرى الثالثة عشرة لمجزرة داريا الكبرى  هيئة ضمان الودائع... خطوة لإعادة بناء الثقة بالقطاع المصرفي السوري مجدداً اليوم..معرض دمشق الدولي يفتح أبوابه ونوافذه إلى العالم "سويفت" ليست مجرد خطوة تقنية - مصرفية.. بل تحول استراتيجي على حركة التجارة من الوعي إلى التطبيق..البلوك تشين في خدمة التحول الرقمي الحكومي أموال "البوابة الذهبية".. عقود بيع لا ودائع مجمدة (2-2) المعارض الذكية لتبادل المعلومات والخبرات المهندس حسن الحموي: فضاء واسع للمشاركين تركيا: الاعتداءات الإسرائيلية تقوض مساعي إرساء الاستقرار في سوريا والمنطقة معرض دمشق الدولي .. انطلاقة وطنية بعد التحرير وتنظيم رقمي للدخول  الأمم المتحدة: مقتل الصحفيين في غزة غير مقبول ويجب تحقيق المساءلة والعدالة المعامل العلفية في حلب تحت مجهر رقابة الزراعة محمد الحلاق لـ"الثورة": ما يهمنا إظهار معرض دمشق الدولي كقوة اقتصادية جاذبة للاستثمارات