الثورة – خاص :
كشف نائب رئيس الهيئة العامة للرقابة والتفتيش الدكتور عصام الخليف عن خفايا فساد وزير سابق في حكومة النظام المخلوع والذي تسبب بحرمان المواطنين من الغاز الطبيعي.
وقال في حديث خاص لصحيفة الثورة: في أوائل عام 2017، شهدت منطقة بادية حمص الشرقية في سوريا تطورات ميدانية بعد المعارك العنيفة بين تنظيم “داعش” وقوات النظام البائد، حيث تمكَّنت قوات النظام من السيطرة على المنطقة.
وأضاف أن تلك المنطقة تحتوي على حقل غاز وشركة للغاز ومعمل رئيسي تابع لهذا القطاع، وتعرضت منشآت الغاز والشركة المنتجة لأضرار جسيمة نتيجة تمركز قوات داعش وقوات النظام البائد في المنطقة، مما أسفر عن دمار هائل في البنية التحتية.
تعطيل العمليات وتراكم الأضرار
ويشير الخليف إلى أنه بعد استعادة قوات النظام للمنطقة، تم تجميد العمليات في شركة الغاز والمعمل، وهو ما أدى إلى توقف الإنتاج لفترة طويلة، كما كشفت الخبرات الفنية للشركة عن وجود تسرب هائل من الغاز داخل خزان الضغط في المحطة، حيث تجاوزت كمية الغاز المهدور 150 ألف متر مكعب يومياً، وهي كمية كبيرة كان بالإمكان استخدامها في تلبية احتياجات المواطنين.
وتابع: بغية إصلاح الأضرار الناتجة عن فترة النزاع، قامت شركة الغاز بمحاولة إعادة تأهيل المحطة والتعاقد مع شركة متخصصة في الأعمال الفنية لإصلاح الخزان والمرافق المتضررة.
لكن هذه المحاولات اصطدمت بـخلافات شخصية بين بعض المسؤولين في الشركة مع مسؤولي القطاع الفني المسؤولين عن تنفيذ العقد، وفقاً للخليف، وأدى ذلك إلى إيقاف أعمال الصيانة وتجميد المشاريع التي كانت في مراحل التنفيذ، رغم وجود مراسلات رسمية تؤكد ضرورة الاستمرار في الإصلاحات، هذا التوقف كان له أثر بالغ في استمرار الهدر في الغاز.
التأثيرات الاقتصادية الكبيرة
ولفت إلى أنه ترتبط هذه الأحداث في وقت لاحق بالوزير السابق الذي كان يقود الملف في تلك الفترة، حيث تسبَّب تعطيل العمليات في تأجيل تنفيذ الإصلاحات الضرورية في المحطة، مما أدى إلى استمرار الهدر والضرر الذي كان يمكن تداركه لو تم تنفيذ الإجراءات اللازمة، وكانت نتيجة هذه الإدارة السيئة هي تراكم الخسائر المالية، التي بلغت أكثر من مليون متر مكعب من الغاز، وهو ما يعادل 46 مليون متر مكعب من الغاز على مدار فترة التعطيل التي امتدت لمدة عام ونصف.
التداعيات الاقتصادية والمالية
وبين أن الأضرار الناتجة عن هذه الفترة العصيبة لم تكن فقط على مستوى الغاز المهدور، بل امتدت إلى الخسائر المالية الفادحة التي قدرت بـ 4 مليون و654 ألف دولار أمريكي نتيجة للخلل في الإنتاج، بالإضافة إلى خسائر إضافية بلغت 138 مليون ليرة سورية نتيجة لتقلبات سعر الصرف وقتها، هذه الخسائر المالية الضخمة كانت جزءاً من هدر الموارد الطبيعية التي كان من الممكن استغلالها لتلبية احتياجات المواطنين من الغاز والكهرباء والغاز المنزلي مما أدى لحرمانهم منها.
الإحالة للقضاء والمحاسبة
وأشار الدكتور الخليف إلى أنه نتيجة لهذه الاختلالات في أداء القطاع، قررت الهيئة العامة للرقابة والتفتيش إحالة الملف إلى القضاء المختص لمحاسبة المسؤولين، خصوصاً الوزير السابق الذي تمت إحالته للقضاء المختص بـجرائم الامتناع عن تنفيذ الالتزامات الاقتصادية و هدر المال العام، استنادًا إلى قانون العقوبات الاقتصادية لعام 2013، تم اتخاذ الإجراءات القانونية ضد الوزير السابق، حيث تم الحجز على أملاكه وأموال زوجته، مشيرا إلى أن تلك الإجراءات تأتي في سياق محاولة الهيئة العامة للرقابة والتفتيش مكافحة الفساد واسترداد الحقوق المنهوبة.
مكافحة الفساد
ونوه إلى أن الهيئة العامة للرقابة والتفتيش تلعب دوراً محورياً في مكافحة الفساد وهدر المال العام، فهي لا تقتصر على الكشف عن الإهدار الحاصل في كميات الإنتاج وحسب، بل تعمل أيضاً على تسليط الضوء على المؤسسات التي تُظهر زيادة في الإنتاج بهدف مكافأتها.
أخيراً.. تكشف هذه القضية عن فساد وهدر غير مسبوق في مادة أساسية عانى المواطنون من فقدانها الأمرين خلال فترة حكم النظام المخلوع، وتم التعتيم عليها في الدروج الرقابية وتستراً على الممارسات الخاطئة.
كما تبرز أهمية الدور الرقابي الذي تلعبه الهيئات الحكومية في مكافحة الفساد وضمان الشفافية في إدارة الموارد الطبيعية.
أيضاً إحالة مثل هذه الملفات إلى القضاء يمثل خطوة هامة نحو محاسبة المسؤولين عن هذا الإهدار، وتحقيق العدالة للمواطنين الذين تم حرمانهم من الغاز والكهرباء بسبب الإهمال والتواطؤ في القطاع العام.
إن الوضع الراهن يتطلب معالجة جذرية للأزمات، وتطبيق آليات رقابية فعالة لضمان الحفاظ على الموارد الطبيعية، وعدم استغلالها لأغراض شخصية أو مصالح فردية.