بين التعثر والعقوبات.. المقاول السوري مستعد للإعمار وينتظر فك القيود

الثورة – ناديا سعود:

 

في قلب مشهدٍ عمراني تتقاذفه التحديات وتثقل كاهله تداعيات الحرب والأزمات الاقتصادية، تبرز نقابة المقاولين في سوريا كلاعب رئيسي في معادلة إعادة الإعمار والتنظيم المهني.بين محاولات النهوض بقطاع الإنشاءات وتنظيم شؤون آلاف العاملين فيه، تواجه النقابة اختبارات حقيقية تتراوح بين الحفاظ على المهنية، ومجاراة الواقع المتغير، وضمان العدالة في توزيع المشاريع وفرص العمل، فهل استطاعت النقابة أن تكون جسراً بين الدولة والمقاولين؟ أم إن الأعباء المتراكمة أعاقت قدرتها على مواكبة طموحات القطاع؟نقيب مقاولي الإنشاءات فواز جنيد كشف لـصحيفة الثورة عن جملة من التحديات الكبرى التي تعصف بالمهنة، مشيراً إلى احتمالية توقف عجلة مشاريع البناء والبنى التحتية، إذا لم يتم تدارك الأوضاع سريعاً، ومطالباً بإعادة النظر بالعديد من القوانين الناظمة للمهنة، وتسهيل الإجراءات المالية والإدارية للمقاولين.

سيولة مجمدة وعقود معلقة

أوضح أن أبرز ما يعانيه قطاع المقاولات حالياً هو تجميد صرف مستحقات المقاولين من قبل الجهات العامة، سواء أكانت عن العقود قيد التنفيذ، أم الكشوف النهائية للعقود المنتهية، أم حتى توقيفات العقود، وقد أدى هذا الأمر إلى استنزاف السيولة المالية المتاحة للمقاولين، ما جعلهم غير قادرين على استكمال الأعمال المتعاقد عليها، وبالتالي تعثرت المشاريع وتوقفت بشكل شبه كامل.وأشار جنيد إلى توقف تنفيذ العقود الجديدة، مما يزيد من تفاقم أزمة المقاولين، ويؤثر بشكل مباشر على مستحقاتهم من التأمينات النهائية وتوقيفات الأعمال المنفذة وفروقات الأسعار التي لم تُصرف بعد، لافتاً إلى أن وضع سقف يومي للسحب من المصارف حرم المقاولين من القدرة على تسديد التزاماتهم تجاه التجار والموردين والمهنيين، ما أعاق استكمال المشاريع، وأدى إلى مواجهة دعاوى قانونية ناجمة عن التأخير في التنفيذ.ودعا إلى ضرورة إلغاء ازدواجية الرسوم المفروضة من مؤسسة التأمينات الاجتماعية، والتي تُفرض مرة عند تبرئة ذمة عقد الأشغال، ومرة أخرى بموجب المادة /5/ فقرة /هـ/ من القانون رقم /8/ لعام 2020، مؤكداً أنها تشكل عبئاً مضاعفاً على المقاولين، مطالبا بإلغاء العمل بـ المرسوم رقم /30/ لعام 2023 المتعلق بضريبة الأرباح الحقيقية والرواتب والأجور، والعودة إلى القانون رقم /60/ لعام 2004 الذي حدد نسباً ضريبية واضحة وعادلة حسب نوع الأعمال.

حسم القضايا القضائية

وشدد جنيد على ضرورة الإسراع في الفصل بالدعاوى المسجلة لدى القضاء الإداري والمتعلقة بالعقود المبرمة مع الجهات العامة، نظراً لتضمنها مستحقات مالية كبيرة هي بمثابة شريان الحياة لاستمرار المقاولين في تنفيذ مشاريعهم.وفيما يخص الأثر الاقتصادي والعقوبات المفروضة، فقد أكد نقيب المقاولين أنها تؤثر على توفر المواد الأولية في السوق المحلية وعدم استقرار أسعارها، إضافة إلى صعوبة استيراد التجهيزات وقطع التبديل الخاصة بالآليات والمعدات الهندسية، الأمر الذي أدى إلى توقف العديد من المشاريع وعدم استفادة الدولة من استثمارها.وفي حديثه عن الإطار القانوني المنظم للمهنة، أشار جنيد إلى وجود تعارضات جوهرية بين القوانين والأنظمة الناظمة للمقاولات، وأبرزها: تعارض بين المادة /1/ والمادة /65/ من القانون رقم /9/ لعام 2014، حيث تستثني إحداها المهندسين المسجلين في نقابة المهندسين من التسجيل في نقابة المقاولين، خلافاً لأحكام مرسوم /84/ لعام 2005، وعدم اشتراط القانون رقم /9/ لعام 2014 التسجيل في غرف التجارة، على عكس المادة /11/ من قانون العقود رقم /51/ لعام 2004 التي تفرض هذا الشرط للمشاركة في المناقصات، إضافة لقصور في مرسوم خزانة التقاعد رقم /37/ لعام 2012، لعدم تضمينه مجلساً مركزياً يتولى إدارة القضايا الطارئة، وتضارب في مواعيد تسديد الرسوم والغرامات بين القوانين، إذ تختلف مدد السداد والغرامات بين قانون النقابة ومرسوم الخزانة، وتقييد استثمار الوفر المالي في المرسوم /37/، مما يمنع استخدامه بالكامل لتحسين معاشات التقاعد.

ضبط الأسعار ومنع العشوائية

وأكد نقيب المقاولين على دور النقابة في دراسة وتحليل أضابير المشاريع المعلن عنها، لضمان تقديم عروض أسعار مدروسة تعكس الكلفة الحقيقية. كما دعا إلى إشراك النقابة في لجان تحديد الأسعار الرائجة التي تعتمدها مجالس المدن، لضمان الشفافية ومنع التقديرات العشوائية، مشيراً إلى وجود تنسيق دائم مع وزارة الأشغال العامة والإسكان، يتم خلاله طرح جميع المعوقات والصعوبات، والمشاركة في اللجان التي تعنى بتصنيف المقاولين وفق الإمكانيات، إضافة إلى تذليل العقبات أمام التعامل مع الجهات العامة.

ونوه بجهوزية المقاولين السوريين الكاملة للمشاركة في مشاريع إعادة الإعمار، بعد أن أسسوا شركات متخصصة ذات رأسمال كبير وكفاءة فنية عالية، قادرة على منافسة قوية في هذه المرحلة الوطنية الحساسة.

دعم نقابي متكامل

وحول دور النقابة في دعم أعضائها، أوضح النقيب جديد أنها تسعى لحماية حقوق المقاولين والتدخل لحل المشكلات عبر وزارة الأشغال العامة والإسكان، كما تستثمر أموال النقابة وخزانة التقاعد لتوفير موارد مالية تدعم نشاطها وتؤمن معاشات تقاعدية محترمة، وتصنف المقاولين حسب اختصاصاتهم وإمكاناتهم، لضمان تكليفهم بالمشاريع المناسبة، إضافة للتنسيق مع وزارة الأشغال لإقامة دورات تدريبية وتأهيلية، خاصة لفئة الشباب، وتفرض شرط الخبرة العملية كجزء من شروط الانتساب.وختم نقيب المقاولين بالإشارة إلى أن القطاع يعاني من نقص حاد في اليد العاملة المؤهلة نتيجة الهجرة القسرية بفعل بطش النظام السابق، داعياً إلى تشجيع الكفاءات والشباب على العودة إلى الوطن للمشاركة في عملية إعادة البناء بعد انتصار الثورة والتحرير.

آخر الأخبار
ويتكوف في موسكو.. سباق الأربعة أيام مع تهديدات ترامب من يصل أولاً ؟ نزيه شموط لـ"الثورة": الأسواق المجاورة لا تزال مغلقة أمام المنتجات السورية بائعو الخبز.. من الحاجة إلى الكسب وأطفال من التحصيل العلمي إلى المادي دعم الأبناء في مواجهة نتائج الشهادة الإعدادية.. توجيهات للأهالي تحسين بيئة السوق والبنية التحتية بسوق الهال في حلب  ماذا قد يعني انتهاء العقوبات الأميركية على قطاع التراث في سوريا؟  هل تستطيع سوريا إعادة بناء اقتصادها من رماد الحرب؟ إلغاء شرط الإيداع الإلزامي خطوة لتعزيز الثقة بالقطاع المصرفي "فوربس" الأميركية: التدخلات الخارجية تعرقل مستقبل سوريا "شفاء 2".. عمليات جراحية نوعية بمستشفى الرازي في حلب نتنياهو قرر احتلال قطاع غزة بالكامل الرئيس الروسي يجدد تأكيد أهمية دعم وحدة وسيادة سوريا 10 اتفاقيات جديدة تعزز العلاقات الاقتصادية السورية التركية توفير الأجواء المثلى لامتحانات طلبة المعاهد التقانية بحلب تطوير واقع خدمة الركاب والنقل بدرعا بحث إقامة مراكز إيواء لمهجري عرب السويداء في درعا إزالة الركام من طريق الجمرك القديم بدرعا البلد بين التعثر والعقوبات.. المقاول السوري مستعد للإعمار وينتظر فك القيود أحمد منصور.. صديق الغزلان و الطيور الشرع لـ مستشار الأمن القومي البريطاني: سوريا منفتحة على أي مبادرات تدعم أمن المنطقة واستقرارها