الثورة – إيمان زرزور:
قضى طفل صباح اليوم الأربعاء، 6 آب، جراء انفجار لغم أرضي من مخلفات الحرب أثناء رعيه الأغنام في قرية أم رجيم بريف إدلب الشرقي، في حادثة جديدة تضاف إلى سجل الضحايا المتزايد بسبب الذخائر غير المنفجرة في شمال غربي سوريا.
وأفادت فرق الطوارئ في الدفاع المدني السوري بأن هذه المخلفات تُشكّل تهديدا دائما لحياة المدنيين، وتعوق عودة النازحين وتعافي المجتمعات، مشيرة إلى أن خطرها لا يقل عن العمليات العسكرية، بل يمتد بلا نهاية زمنية، طالما بقيت تلك القنابل والذخائر مخبّأة بين الركام أو تحت التراب.
صمت المدافع لا يعني نهاية الحرب
ورغم تراجع أصوات القصف، فإن الحرب لم تغادر سوريا بعد، ما زالت شظاياها حاضرة في البيوت المدمرة، وفي الحقول التي عاد إليها المزارعون، وبين ألعاب الأطفال، في شكل قذائف لم تنفجر، وصواريخ تالفة، وعبوات ناسفة نائمة تنتظر شرارة أو لمسة عفوية لتتحول إلى فاجعة.
وتنتشر هذه المواد الخطرة في أماكن مأهولة بالمدنيين، كأنها أفخاخ للموت مزروعة تحت أنقاض المنازل أو قرب المدارس والمزارع. وتُظهر البيانات الميدانية تزايدا في عدد الانفجارات “المجهولة” التي تنجم عن مخلفات الحرب، لا سيما في إدلب وحماة، ما أدى إلى وقوع قتلى وجرحى معظمهم من الأطفال والنساء والمزارعين العائدين.
غياب التوعية والتقاعس عن الإزالة
وتُظهر تقارير وشهادات ميدانية أن المشكلة لا تكمن فقط في وجود هذه المخلفات، بل في ضعف الإجراءات الجدية للتعامل معها، فلا تزال عمليات إزالة الألغام محدودة الإمكانيات، مع غياب مسح شامل للأراضي الملوثة، وافتقار السكان للتوعية المجتمعية الكافية. كما أن غياب الضوابط في تجارة الحديد والخردة يزيد من مخاطر نقل القذائف غير المنفجرة إلى الأسواق والمنازل.
دعوات عاجلة لإجراءات فورية
ويرى خبراء محليون أن مواجهة هذا الخطر لا تتطلب معجزات، بل خطوات واقعية وعاجلة، منها تكثيف حملات التوعية، ودمج مبادئ السلامة من مخلفات الحرب في المناهج الدراسية، ودعم فرق إزالة الألغام بالتقنيات الحديثة، إضافة إلى تفريغ المستودعات العسكرية القريبة من الأحياء السكنية، وتأسيس خطوط ساخنة للإبلاغ عن الأجسام المشبوهة.
موت متربص بظل غياب المعالجة
وفيما تتراجع العمليات العسكرية، تظل مخلفات الحرب تتربص بخطوات الأبرياء، إذ لا تكاد تمرّ أيام دون تسجيل إصابة أو وفاة جديدة نتيجة انفجار لغم أو قذيفة، في وقت تحوّلت فيه بقايا الحرب إلى عبء مزمن يهدد حياة المدنيين ويقوّض فرص إعادة الإعمار والاستقرار.
ورغم انقضاء الحرب فعليا، إلا أن مفاعيلها لا تزال تفتك بضحايا لم يحملوا سلاحا، بل وقعوا فريسة إرثها المتفجر. ويؤكد ناشطون أن الاستمرار في تجاهل هذا الملف سيُبقي الدماء تنزف من أجساد المدنيين، ما لم يُتخذ قرار وطني ودولي حاسم بتطهير التراب السوري من كل ما خلّفته الحرب.