الثورة – رولا عيسى:
مع التوجه الحكومي الأخير لدعم قطاعي المعارض والسياحة في سوريا، تبرز أهمية المعارض الصناعية والترويجية باعتبارها تمثل جزءاً أساسياً من صناعة السياحة والتجارة في جميع أنحاء العالم.
وتعتبر أحد المحركات الرئيسة للاقتصاد العالمي في السنوات الأخيرة، فشهدت هذه الفعاليات تزايداً ملحوظاً في عدد المشاركين والإيرادات الناتجة عنها، سواء في مجال السياحة أو في الصناعات ذات الصلة.
وفقاً لتقرير التحالف العالمي للمعارض (UFI)، يعتبر قطاع المعارض واحداً من أكبر القطاعات الاقتصادية في العالم، إذ يُقدر أن حجم السوق العالمي للمعارض التجارية والصناعية بلغ حوالي 250 مليار دولار سنوياً، و يشارك في هذه المعارض ملايين الأشخاص سنوياً، سواء كانوا زواراً أو عارضين.
أثر على الناتج المحلي
تقول الخبيرة الاقتصادية والتنموية الدكتورة زيبدة القبلان: إن صناعة المعارض لها أثرها على الناتج المحلي والاقتصادي، وتعتبر صناعة المعارض واحدة من القطاعات المهمة التي تؤثر بشكل إيجابي في الاقتصاد المحلي والدولي على حد سواء، وعلى الرغم من الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها سوريا، فإن معارض مثل “معرض دمشق الدولي” له تأثيرات اقتصادية متعددة تشمل دعم القطاعات الاقتصادية المختلفة منها التجارة والصناعة، وهي توفر منصة للمنتجات المحلية والعالمية، ما يساهم في زيادة الفرص التجارية ويساعد على توسيع أسواق التصدير، كذلك الشركات المحلية قد تجد أسواقاً جديدة لصادراتها، ما يعزز من الطلب على المنتجات السورية.
وبالنسبة للسياحة -بحسب الدكتورة القبلان- هنالك العديد من الزوار الأجانب الذين يأتون لحضور المعارض يساهمون في دعم قطاع السياحة في البلاد، وهذا يشمل إنفاقهم على الفنادق والمطاعم والنقل، ما يساعد على انتعاش السياحة الداخلية والخارجية.
أيضاً، تضيف الخبيرة التنموية، هنالك جانب مهم في الاستثمار والتنمية، فالمعارض الكبيرة تتيح للشركات المحلية والأجنبية فرصة للاطلاع على الفرص الاستثمارية، ما قد يحفز الاستثمارات في مجالات متعددة، مثل البنية التحتية، القطاع الصناعي، الزراعة، والتكنولوجيا.
من ناحية التأثير على الناتج المحلي الإجمالي، يرى الخبير الاقتصادي فاخر قربي أنه من خلال دعم التجارة والتصدير، يمكن لصناعة المعارض أن تسهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي، وهذه الزيادة لا تقتصر فقط على القطاعات المباشرة مثل التنظيمات والتسويق، بل تشمل أيضاً الصناعات الأخرى مثل النقل، الضيافة، والخدمات.
ويقول: إقامة المعارض تتطلب تشغيل العديد من الأشخاص في مجالات مختلفة مثل التنظيم، الإشراف، الأمن، النقل، وبيع التذاكر، وهذا يوفر فرص عمل بشكل مؤقت ودائم للعديد من المواطنين، ومع زيادة النشاط التجاري، قد تخلق المعارض بيئة ملائمة لفتح شركات صغيرة ومتوسطة، ما يساهم في تقليل البطالة.
بدورها الخبيرة التنموية ميرنا السفكون تقول: ثمة ترحيب بالمعارض من شرائح معينة، وفي ذات الوقت ثمة من يعارض فكرة تنظيم المعارض في وقت الأزمة الاقتصادية، ويشعرون أن الإنفاق على تنظيم المعارض يجب أن يكون موجهاً أكثر نحو دعم القطاعات الأكثر حاجة مثل الصحة، التعليم، والبنية التحتية.
وتشير إلى أنه من وجهة نظر أخرى فإن ثمة من يجد عدم تأثير المعرض على تحسين الحياة اليومية باعتبار أن المعارض قد توفر فرصاً للتجارة، لكنها لا تعالج القضايا الملحة مثل ارتفاع الأسعار أو البطالة أو تحسين مستوى معيشة المواطن.
هناك من يعتقد أن المعارض لا تجلب فائدة حقيقية للمواطنين العاديين، فهي تركز على الاستثمارات الكبرى والمستثمرين الدوليين، من دون أن يشعر المواطن البسيط بتأثير ملموس، كما أن البعض يشكك في جدوى المعرض إذا كانت الفرص التجارية لا تصل إليهم مباشرة.
وفيما يتعلق بالقطاع السياحي، تشير الخبيرة السفكون، إلى أن الفعاليات الاقتصادية تركز أيضاً على القطاع السياحي، إذ إن المعرض يساهم في جذب السياح من الدول المجاورة وغير المجاورة، وهذا لا يوفر فقط إيرادات مباشرة، بل يساعد في تحسين صورة سوريا على الصعيدين الإقليمي والدولي.
استراتيجية اقتصادية
وبالعودة إلى الدكتورة القبلان، فإنها تعتبر أن المعارض جزءاً من الاستراتيجية الاقتصادية التي تهدف إلى تحسين التصنيع المحلي، وزيادة التصدير، وجذب الاستثمارات.
وتقول: تشير تقديرات الرابطة العالمية للمعارض (UFI) إلى أن صناعة المعارض العالمية تساهم بحوالي 250 مليار دولار أميركي في الناتج المحلي الإجمالي العالمي سنوياً.
وتشير إلى أنه في العديد من البلدان، يعد الإنفاق السياحي المرتبط بالمعارض من العوامل الرئيسية التي تؤثر في الاقتصاد المحلي، ويشمل هذا الإنفاق الإقامة في الفنادق، التنقل، المطاعم، والخدمات الأخرى.
على سبيل المثال، في دبي، تُعد المعارض أحد العوامل الرئيسية التي تجذب الزوار الدوليين.
ويشير تقرير من Dubai World Trade Centre إلى أن معرضاً واحداً يمكن أن يُسهم بما يصل إلى مليار دولار في الاقتصاد المحلي بفضل العوائد الناتجة عن السياحة.
تُعتبر صناعة المعارض واحدة من الصناعات التي تساهم بشكل كبير في تحفيز الاقتصاد من خلال زيادة التبادل التجاري، تعزيز الاستثمارات، ودعم السياحة.
وتساهم المعارض الكبيرة في خلق مئات الملايين من الدولارات في الإيرادات، كما أنه يعزز من الفرص التجارية والاستثمارات الأجنبية، وبالنسبة لبعض الدول، تعد المعارض جزءاً أساسياً من الاقتصاد المحلي والناتج المحلي الإجمالي، وقد تسهم بنسبة 1-5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي الوطني.