الثورة- منهل إبراهيم:
كبقية العديد من دول العالم المهمة، التي فتحت علاقات سياسية واقتصادية مع سوريا الجديدة، تعمل الهند على إحياء علاقاتها مع دمشق وإعطائها زخماً جديداً، وضخ شريان الحيوية في العلاقات الثنائية بين شعبي البلدين.
وفي سياق اهتمامها بالتواصل مع الحكومة السورية الجديدة، أرسلت الحكومة الهندية أول وفد دبلوماسي رسمي لها إلى دمشق في أواخر تموز لمناقشة خطط الحكومة السورية وأولوياتها.
وقد اجتمع سوريش كومار مدير إدارة غرب آسيا وشمال أفريقيا في وزارة الشؤون الخارجية الهندية، مع كبار المسؤولين السوريين، بمن فيهم وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني بهدف تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وركزت الاجتماعات إلى جانب قضايا أخرى، على تعزيز التعاون الصحي، والفني والتعليمي ووضع الأساس للمساعدات الإنسانية وجهود إعادة الإعمار المستقبلية في سوريا.
وجاءت زيارة الوفد الدبلوماسي الهندي، ضمن زيارات أخرى لدول عدّة توافدت إلى سوريا لبحث مستقبل العلاقات مع الحكومة الجديدة، وذلك بعد سقوط نظام الأسد في 8 كانون الأول الماضي.
وتساعد خطوة الهند هذه على دعم الحكومة السورية في جهود إعادة إعمار الدولة السورية التي أنهكتها الحرب وسياسات النظام المخلوع، وتُظهر جرأة الهند في علاقاتها الدولية.
وقال مركز دراسات غرب آسيا بجامعة جواهر لال نهرو في دلهي: “إن تواصل الهند يعزز صورتها كقوة غير منحازة مستعدة للتعامل مع أنظمة متنوعة لتعزيز الاستقرار”، مؤكداً أن تقديم أصدقاء الهند الإقليميين، المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، دعمهم لسوريا في هذه المرحلة الانتقالية الحاسمة، يساعد الهند في تعاملاتها أيضاً.
كما أن بروز سوريا الجديدة كقوة لها حضورها يشكل أهمية استراتيجية لمصالح الهند الإقليمية بحسب المركز، وأضاف أيضاً: “للهند مصلحة في مستقبل سوريا فيما يتعلق بالطاقة والعوامل الاقتصادية والاستراتيجية، ومن المهم بالفعل تطوير التعامل مع الحكومة الجديدة”.
كما أن استقرار سوريا يضمن للهند طرقاً تجارية آمنة وممرات طاقة حيوية لاقتصادها، وخاصة إذا عملت على توثيق علاقاتها مع دول الخليج، بالإضافة إلى مصالح استراتيجية متعددة، بما في ذلك رعاية مصالح الهنود في سوريا، بحسب تصريح شانتي مارييت ديسوزا، المديرة التنفيذية لمنتدى مانترايا البحثي المستقل، وهذا ما لا يمكن تحقيقه إلا من خلال الحفاظ على علاقات جيدة مع الحكومة السورية.
وقالت ديسوزا لـ موقع DW الإخباري: “لا تزال الحكومة الجديدة تواجه الكثير من التحديات، وأي مساعدة في شكل إعادة إعمار ومساعدات إنسانية ستكون موضع ترحيب منها”، مضيفة أن التعاون بين الهند والحكومة السورية الجديدة سيكون خطوة مهمة نحو تعزيز الاستقرار الإقليمي، وتمكين الهند من حماية مصالحها.
وليست الهند وحدها، بل دول عديدة عربية وغربية أخذت الواقع السياسي السوري الجديد بعين الاعتبار، وبدأت تعدّل في سياساتها الخارجية، بهدف الحفاظ على مصالحها المتمثلة في الاستقرار والأمن الإقليمي.
وبهذا الصدد قالت ديسوزا: “تمثل الزيارة اعترافاً من الهند بأن حقبة نظام الأسد في سوريا قد انتهت، وأنها بحاجة إلى إعادة صياغة سياسة التعامل مع القيادة الجديدة، التي تمثل مركز قوة.
وقال أنيل تريغونايات، الدبلوماسي الهندي السابق لـ DW: “لطالما تمتعت الهند بعلاقات جيدة مع سوريا وشعبها حتى في سياقها التاريخي والحضاري، ولطالما دعمت الهند سوريا من خلال الحوار والدبلوماسية”، مضيفاً “أن علاقة الهند مع سوريا هي جزء من علاقة ثنائية كأي علاقة أخرى تسعى إليها الهند”.
وبصفته رئيساً لمجموعة خبراء غرب آسيا في مؤسسة فيفيكاناندا الدولية وهي مؤسسة بحثية مقرها نيودلهي، أوضح تريغونايات بأن نفوذ إيران في سوريا ضعيف اليوم، واصفاً السيد الرئيس أحمد الشرع، بأنه يتصرف بذكاء من خلال محاولة الانخراط مع قوى أخرى، بما في ذلك الهند، إلى جانب الدول الغربية والعربية.
وشدد تريغونايات على ضرورة أن تتواصل الهند مع جميع الشركاء في غرب آسيا، بما في ذلك الحكومة السورية الجديدة. وأصبحت الهند قوة إقليمية مهمة بفضل اقتصادها المتنامي وقوتها النووية، ومن المتوقع أن تكون ثالث أكبر اقتصاد في العالم بحلول 2030.