تكاتف الأهالي والحكومة.. الخدمات العامة تستعيد أنفاسها بعد التحرير

الثورة – هنادة سمير:

تعاني محافظتا دمشق وريف دمشق منذ سنوات من ضغوط متكررة على البنى التحتية والخدمات الأساسية، نتيجة سنوات الحرب خاصة فيما يتعلق بالمياه والكهرباء والنظافة، مع محدودية قدرة الدولة على تلبية كل الاحتياجات بسرعة، من هنا ظهر نموذج الشراكة العملية بين المجتمع الأهلي والجهات الحكومية لتجاوز الاختناقات، مؤسّسات عامة تقدم الدعم الفني واللوجستي، إلى جانب مبادرات أهلية تتكفل بجزء من التمويل والعمل التطوعي.
هذه الصيغة المختلطة لم تعد استثناءً بل تتكرّس كأداة واقعية لتعجيل حلول المياه والكهرباء والنظافة والصيانة المدرسية، مع بقاء الحاجة لتخطيط مؤسسي يضمن الاستدامة والعدالة.

نموذج حيّ

في المزة القديمة، تكاتفت لجنة الحيّ مع مؤسسة مياه عين الفيجة، ومؤسسة الصرف الصحي ومحافظة دمشق، وهندسة المرور لإنجاز ربط خط مياه بقطر 100مم على الخط الرئيسي 300 مم، لتغذية الشبكة داخل الحي وتحسين ضغط الضخ، وقدمت المؤسسة العامة للمياه الأنابيب والوصلات مجاناً، فيما تحمل متبرعون محليون كلفة الحفر والردم والمواد الملحقة. مما سمح بإنجاز سريع نسبياً، وخفض كلفة انتظار مشروع مركزي كبير.
يقول أبو سامر، أحد سكان المزة القديمة: كنا ننتظر أياما طويلة حتى يمتلئ خزان المنزل الذي لا يكفي احتياجاتنا ليوم واحد، والآن أصبح بمقدورنا أن نحصل على كمية تكفي لسد حاجتنا من المياه لعدة أيام من دون الحاجة الى شرائها عبر الصهاريج المكلفة.
ليست المزة هي النموذج الوحيد، فهناك أمثلة مشابهة في مناطق أخرى، إذ تكررت التجربة في داريا عندما ساهمت مبادرات أهلية في تمويل شراء صهاريج مياه بشكل جماعي لتجاوز فترات الانقطاع، بالتوازي مع جهود مؤسسة المياه لصيانة الخطوط.
وفي منطقة الضمير بريف دمشق قامت لجان محلية بجمع تبرعات لحفر آبار جديدة وتشغيل مضخات على الطاقة الشمسية، فيما تولت الجهات الرسمية مهمة الإشراف والترخيص.
وكذلك في منطقة حفير الفوقا في القلمون قام الأهالي بإنشاء صندوق أهلي لشراء غاطسات وصيانة الشبكة، في الوقت الذي وفرت فيه مؤسسة المياه الدعم الفني.
وفي جرمانا، وعين ترما ساعدت لجان الأحياء فرق شركة الكهرباء في إزالة العوائق وتأمين مواقع جديدة للمحولات، ما سرع تنفيذ مشاريع زيادة الاستطاعة.

ثقافة المسؤولية المشتركة

ترى الخبيرة الاجتماعية والتنموية سوسن السهلي أن هذه التجارب تعكس تحولاً في وعي المجتمع، ولم يقف الأهالي مكتوفي الايدي أمام ما خلفته الحرب من فجوة في الخدمات بل بادروا الى التشارك مع الدولة من أجل تغيير واقعهم، وإثبات أن الحلول ممكنة، فعندما يشارك المواطن في تمويل وصيانة خدمة عامة، فهو يشعر بملكية جماعية لها، ويصبح أكثر حرصاً على استدامتها، وهي ثقافة جديدة تقوم على المسؤولية المشتركة.
وتؤكد أن العمل التطوعي لا يقل أهمية عن التمويل المباشر، ففرق الأحياء التي تتولى حصر الأعطال ومتابعة الصيانة وحملات النظافة، تعزز كفاءة الخدمات وتخلق شعورا بالملكية الجماعية مشيرة الى اهمية دور الشباب والطلاب في هذه المبادرات، إذ إن إشراك المدارس والجامعات يربط الأجيال القادمة بالمسؤولية المشتركة ويعلمهم أن الخدمة العامة واجب جماعي لا يقتصر على الدولة وحدها.
وتشير الخبيرة السهلي إلى أن تجربة المزة القديمة والحالات الأخرى في دمشق وريفها تؤكد أن الشراكة بين المجتمع الأهلي والدولة قادرة على تحويل التحديات اليومية إلى فرص للتغيير، وأن الجمع بين العمل التطوعي والتبرعات والخبرة الحكومية يمكن أن يؤدي إلى تطوير مستدام يعيد الثقة للمواطن بالدولة ويخلق نموذجاً عملياً يُحتذى به لبناء مجتمع أكثر مسؤولية وتعاوناً فنجاح هذه الشراكات هو رسالة بأن تحسين حياة الناس ليس مهمة جهة واحدة، بل مسؤولية مشتركة تتطلب تضافر الجميع لتحقيق أثر حقيقي ومستدام.
لا يقتصر العمل التشاركي على التمويل فحسب بل يشمل العمل التطوعي أيضاً، وفي هذا السياق تقول أم يزن، وهي معلمة من ريف دمشق: شاركنا مع طلاب المدرسة في حملة نظافة نظمتها البلدية حيث عبر الاطفال عن سعادتهم وشعورهم أن ما يفعلونه له أثر مباشر على الحي الذي يعيشون فيه.

آخر الأخبار
اهتمام تركي كبير لتعزيز العلاقات مع سوريا في مختلف المجالات الساحل السوري.. السياحة في عين الاقتصاد والاستثمار مرحلة جامعية جديدة.. قرارات تلامس هموم الطلاب وتفتح أبواب العدالة تسهيلات للعبور إلى بلدهم.. "لا إذن مسبقاً" للسوريين المقيمين في تركيا مرسوم رئاسي يعفي الكهرباء من 21,5 بالمئة من الرسوم ..وزير المالية: خطوة نوعية لتعزيز تنافسية الصناعي... لقاء سوري ـ إسرائيلي في باريس.. اختبار أول لمسار علني جديد تركيب وصيانة مراكز تحويل كهربائية في القنيطرة زيارة وفد الكونغرس الأميركي إلى دمشق… تحول لافت في مقاربة واشنطن للملف السوري سقاية مزروعات بمياه الصرف الصحي بريف دمشق إزالة التجاوزات على خط دفع مياه الأشعري المغذي لمدينة درعا ألمانيا تجدد التزامها بالدعم الإنساني في سوريا مجلس الأمن يناقش تقرير الأمم المتحدة حول استمرار تهديد داعش في سوريا والعراق دعوات للإفراج عن المتطوع حمزة العمارين المختطف في السويداء الرئيس الشرع يستقبل وفداً من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين أسماء الأسد.. من «وردة الصحراء» إلى نموذج للنهب والفساد بإشراف وزارة الدفاع.. انطلاق أعمال إزالة الألغام في ناحية سنجار بريف معرة النعمان حملة لتعبيد الطرق وتحسين البنية التحتية في ريف دمشق "محافظة حلب" تشدد على منع التدخين في الدوائر العامة بمبادرة وطنية.. عشرة أجهزة غسيل كلوي جديدة لمستشفيات درعا 17 طالباً وطالبة باختصاص الرياضيات في تصفيات الأولمبياد العلمي بطرطوس