الثورة- منهل إبراهيم:
تقود الحكومة السورية تحولاً نوعياً في علاقاتها الإقليمية وتعمل على مواجهة تحدي عملية توحيد البلاد، واستعادة الدولة سيادتها على أراضيها كاملة، فالسيادة لا تتجزأ، وهنا يبرز تحدي مواجهة التهديدات والتدخلات الخارجية في شؤونها الداخلية، وأبرزها الانتهاكات الإسرائيلية التي تسعى لزرع الانقسامات واللعب على نغمة التقسيم التي انخدع بها البعض ممن لا يجيدون قراءة التاريخ والجغرافيا.
ويعتمد الاحتلال على استغلال التوترات الإقليمية، وتحويل الأزمات الإنسانية إلى أدوات نفوذ، وفي حسابات الاحتلال، يظهر الجنوب السوري اليوم كبوابة استراتيجية في سياسات نتنياهو وحكومته، لإعادة رسم خرائط السيطرة لإسرائيل ضمن إطار ما يسمى “إسرائيل الكبرى”.
وفي وقت سابق تطرقت صحيفة المدن اللبنانية في تقرير لها إلى أهمية الجنوب السوري الاستراتيجية في ظل الحديث المتجدد في كيان الاحتلال عن “إسرائيل الكبرى” المزعومة، مستعرضة السياسات الإسرائيلية في المنطقة والفراغات الأمنية والفوضى في المنطقة التي قد تستغلها “تل أبيب” لتعزيز توسعها.
الحكومة السورية تؤكد في المنابر الدولية على التمسك بسيادتها ووحدة أراضيها، وبرز ذلك في كلمة وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني خلال الاجتماع الوزاري الطارئ لمنظمة التعاون الإسلامي في جدة، والتي أكد فيها أن سوريا وبعد أكثر من أربعة عشر عاماً من الحرب لا تزال متمسكة بسيادتها واستقلالها ووحدة أراضيها، مشدداً على أن ما تعرضت له البلاد كان يهدف إلى تفتيت النسيج الوطني وإشعال الفتن الطائفية بما يخدم مشاريع التقسيم.
وفي الكلمة طالب الوزير الشيباني الأمم المتحدة بإلزام قوات فض الاشتباك الدولية (UNDOF) بواجباتها في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية، مؤكداً أن سوريا ستبقى مصرة على الدفاع عن حقوقها الوطنية مهما كانت التحديات، كما دعا إلى موقف عربي وإسلامي موحد يواجه الحصار ويقف في وجه الحرب المدمرة ويدعم صمود الشعبين السوري والفلسطيني.
وأوضح الوزير الشيباني أن دمشق تنظر بعين القلق إلى محاولات فرض حلول سياسية تنتقص من السيادة السورية، داعياً منظمة التعاون الإسلامي إلى تبني موقف واضح وصريح يدعم وحدة سوريا ويمنع أي مشاريع تستهدف تقسيمها أو الانتقاص من قرارها المستقل.
وشدد وزير الخارجية على أن الحرب الإجرامية التي استهدفت سوريا وشعبها يجب أن تنتهي، وأن أي حل سياسي لن يكون مقبولاً ما لم يحترم وحدة البلاد ويكفل حق السوريين في تقرير مصيرهم بعيداً عن التدخلات الخارجية.
وكانت سوريا أدانت بشدة التوغل العسكري الذي نفذته قوات الاحتلال الإسرائيلي في منطقة بيت جن بريف دمشق، مؤكدة أن هذا التصعيد الخطير يعد تهديداً مباشراً للسلم والأمن الإقليميين، وجددت دعوتها إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي لتحمل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية، واتخاذ إجراءات عاجلة وفعالة لردع سلطات الاحتلال عن ممارساتها العدوانية.
وتأتي هذه التوغلات الإسرائيلية استغلالاً للظروف التي تمر بها سوريا بعد سقوط النظام المخلوع، والتي تتم عبر توغل قوات مؤلفة من آليات عسكرية وجنود، ومن خلالها يسيطر الاحتلال على مناطق، وآخرها تل باط الوردة في سفح جبل الشيخ، في انتهاك سافر لسيادة الجمهورية العربية السورية ووحدة أراضيها، وتلاقي هذه الانتهاكات إدانات شديدة من دول عربية وغربية.
لاشك أن هذه الانتهاكات تمثل تصعيداً خطيراً يهدد مباشرة السلم والأمن الإقليميين، ويجسد مجدداً النهج العدواني الذي تنتهجه سلطات الاحتلال في تحدٍّ صارخ لأحكام القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، لاسيما تلك المتعلقة باحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
وتؤكد الحكومة السورية أن استمرار مثل هذه الانتهاكات يقوض جهود الاستقرار، ويفاقم من حالة التوتر في المنطقة، وتجدد دعوتها إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي لتحمل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية، واتخاذ إجراءات عاجلة وفعالة لردع سلطات الاحتلال عن ممارساتها العدوانية، وضمان مساءلتها وفقاً لأحكام القانون الدولي، بما يكفل صون سيادة سوريا ووحدة أراضيها وشعبها.
وبالرغم من كل هذه الانتهاكات تعمل الحكومة السورية بكل هدوء ودبلوماسية على الحوار مع كيان الاحتلال برعاية أميركية عربية لكبح هذه الانتهاكات الخطيرة، وتحقيق مصالح سوريا بعيداً عن الحروب، وضمن إطار الحقوق السورية السيادية تحت مظلة القانون الدولي .
وفي هذا الصدد أكدت صحيفة “ذا ناشونال” الإماراتية أن سوريا تسعى اليوم لإعادة التموضع إقليمياً ودولياً، وهذا التحول، يتم بدعم خليجي وبرعاية أميركية، في ظل قيادة سورية جديدة.
وأشارت “ذا ناشونال” الإماراتية إلى أن سوريا تقود تحولاً نوعياً في علاقاتها الإقليمية، وعلى رأسها العلاقة مع إسرائيل، وهذا التغيير يأتي، بدافع براغماتي يركز على أولويات داخلية.
وأضافت الصحيفة أن المبعوث الأميركي إلى سوريا توم باراك أدى دوراً مباشراً في دفع مسار الحوار السوري-الإسرائيلي، وتلفت إلى أن هذا الدور الأميركي يتم بالتنسيق مع تركيا ودول الخليج، بهدف إبقاء سوريا في الحاضنة العربية، وحل النزاعات مع إسرائيل، وجذب الاستثمارات إلى سوريا.
وتؤكد “ذا ناشونال” الإماراتية أن دمشق من خلال انخراطها في تفاهمات مع إسرائيل، فهي ببساطة تسعى لاستعادة أراضيها من السيطرة الإسرائيلية.