الثورة – لينا شلهوب:
في ظل المتغيرات التعليمية المتسارعة والتحديات التي واجهت الطلبة خلال العام الدراسي، أعلنت وزارة التربية والتعليم عن قرار جديد يقضي بتخفيض النسبة المطلوبة لاستمرار الطلبة في مدارس المتفوقين من 85 بالمئة إلى 80 بالمئة.
القرار، الذي استند إلى دراسات تفصيلية ومعايير تربوية دقيقة، يهدف إلى الحفاظ على استمرارية التميّز لدى الطلبة ومنحهم فرصة أوسع لمواصلة مسيرتهم العلمية دون أن يؤثر ذلك على جودة المخرجات التعليمية.
خلفية القرار وأسبابه
وأشارت الوزارة إلى أن مراجعة نتائج الطلبة في مدارس المتفوقين بنهاية العام الدراسي الماضي أظهرت أن عدداً من الطلبة واجهوا ظروفاً خاصة انعكست على تحصيلهم الدراسي، ما جعل نسبة 85 بالمئة عائقاً أمام استمرار بعضهم في هذه المدارس، وبناءً على دراسة معمّقة، رأت الوزارة أن تخفيض النسبة إلى 80 بالمئة مع منح 5 بالمئة إضافية لجميع الطلبة، يحقق التوازن بين الحفاظ على مستوى التفوق ومراعاة الظروف الاستثنائية التي مرّ بها الطلاب.
القرار لم يأتِ بشكل ارتجالي، بل استند إلى معايير دقيقة ودراسة شملت تحليل نتائج الامتحانات وأداء الطلبة، إلى جانب تقييم جودة العملية التعليمية في مدارس المتفوقين، وخلصت هذه الدراسة إلى أن تخفيض النسبة لن يؤثر على مستوى الأداء العام، بل سيسهم في تعزيز ثقة الطلبة بأنفسهم ويدفعهم إلى المثابرة أكثر لتحقيق نتائج أفضل.
أثر القرار
من أبرز التساؤلات التي أثيرت حول القرار الجديد، ما إذا كان سيؤدي إلى انخفاض مستوى جودة التعليم في مدارس المتفوقين، ردّت الوزارة على هذه المخاوف بالتأكيد أن القرار لا يستهدف زيادة أعداد الطلبة أو تخفيف معايير القبول، بل يهدف حصراً إلى الحفاظ على نوعية مخرجات التعليم.
فقد تم التأكيد أن الكثافة الصفية ستظل مضبوطة، وأن المدارس لن تستوعب أعداداً إضافية تتجاوز طاقتها، وأن الهدف الرئيسي هو حماية الطلبة المتفوقين من فقدان فرصتهم نتيجة ظرف عارض، كما أن الوزارة شددت على أن العملية التعليمية ستستمر وفق أعلى المعايير، وأن أي طالب يتراجع أداؤه سيخضع لمتابعة دقيقة وتوجيه مستمر، بالتنسيق مع أولياء الأمور.
انعكاسات إيجابية
من المنعكسات المرتقبة لصدور مثل هذا القرار، هو إعطاء فرصة ثانية، إذ إن القرار يمنح الطلبة الذين اقتربوا من تحقيق نسبة 85 بالمئة فرصة للاستمرار وعدم فقدان مقاعدهم، ما يسهم في رفع معنوياتهم ويشجعهم على بذل جهد إضافي، كذلك تعزيز روح التميز، فمن خلال هذا القرار، تؤكد الوزارة أنها حريصة على ألا يتحول معيار التفوق إلى عقبة أو وسيلة لإقصاء الطلبة، بل إلى أداة لدفعهم نحو التميز المستمر إضافة إلى ايجاد عدالة تربوية.
فالقرار يحقق قدراً من العدالة بين الطلبة، حيث يأخذ بعين الاعتبار الظروف المختلفة التي قد يواجهها كل طالب، من ظروف صحية أو اجتماعية أو نفسية، انعكست على أدائه مؤقتاً، فضلاً عن حماية الاستثمار التربوي، لذا فالطلبة المتفوقون يُعتبرون استثماراً وطنياً، وخسارتهم نتيجة معيار صارم قد تحرم المجتمع من طاقاتهم، وهو ما حرصت الوزارة على تفاديه عبر هذا الإجراء.
توضيح
أحد الأبعاد المهمة في القرار الجديد هو آلية توعية الطلبة وأولياء أمورهم بأهدافه، فقد وجّهت الوزارة إدارات المدارس بضرورة شرح تفاصيل القرار للأهالي وتوضيح أنه لا يعني بأي حال من الأحوال تخفيف مستوى مدارس المتفوقين، كما أكدت أن أي تقصير من الطالب سيتم معالجته بخطط متابعة، وتوثيق رسمي يتم إرساله للأهالي، بهدف تعزيز التعاون بين المدرسة والأسرة لمصلحة الطالب.
لم تغفل وزارة التربية والتعليم عن أهمية التقييم الدوري لقرارها الجديد، فقد أوضحت أن نسب الاستمرار في مدارس المتفوقين ستخضع لمراجعة مستمرة بناءً على نتائج الطلبة ومخرجات التعليم، بحيث يتم تعديلها أو الإبقاء عليها بما يحقق المصلحة الفضلى للطلاب، وهذا يعكس مرونة الوزارة في الاستجابة لأي آثار غير مرغوبة قد تظهر مستقبلاً.
حماية للطلبة
إن قرار تخفيض النسبة من 85 بالمئة إلى 80 بالمئة للاستمرار في مدارس المتفوقين يأتي في إطار سياسة تربوية تهدف إلى حماية الطلبة المتفوقين ودعم مسيرتهم التعليمية، وهو قرار يعكس توازناً دقيقاً بين الحفاظ على معايير التميز والحرص على مصلحة الطلاب، ويؤكد أن الوزارة تضع جودة التعليم في مقدمة أولوياتها، ومع التزامها بالمراجعة المستمرة والتقييم الدائم، فإن هذا القرار يمثل خطوة استراتيجية نحو تعزيز بيئة تعليمية أكثر شمولاً وعدلاً، من دون المساس بمستوى مدارس المتفوقين الذي عُرف بتميزه ورفعة مخرجاته.