معرفة مصير المفقودين والمغيبين.. حاجة وطنية لتثبيت دعائم السلم الأهلي

دمشق – علي إسماعيل:

من أولى أولويات الأهداف الوطنية في مسار بناء سوريا اليوم هي السلم الأهلي والذي لا يمكن ترسيخه إلا عبر عدالة انتقالية حقيقية تمثل الأساس الأول الذي يبنى عليه لأي مصالحة وطنية شاملة، وهذه العدالة يجب أن تبدأ بمعرفة الحقيقة كاملة حول مصير المفقودين والمغيبين قسرياً، الذين مازالوا جرحاً عميقاً في نسيج المجتمع السوري.

انطلاقاً من هذا الفهم العميق لأهمية معرفة الحقيقة كاملةً حول مصير المفقودين والمغيبين قسرياً، أطلقت الهيئة الوطنية للمفقودين منصة رقمية متخصصة تهدف إلى بناء بنك معلومات وطني يوثق جميع حالات الاختفاء القسري التي تعرض لها السوريون على مدى أكثر من خمسة عقود تزامناً مع اليوم العالمي لضحايا الاختفاء القسري.

هذه الخطوة تأتي في سياق تسريع العمل وتوثيقه وتدقيقه بما يتناسب مع حساسية القضية وأهدافها في مسار العدالة الانتقالية التي تشكل في جوهرها ركيزة أساسية للسلم الأهلي الذي تصبو إليه الدولة مدعومة بآمال ذوي الضحايا والمفقودين.

معرفة مصير المفقودين وضحايا الإخفاء القسري هي حق ثابت لا يسقط بالتقادم وهي حاجة ضرورية وملحة لتثبيت دعائم السلم الأهلي، فالمعالجة الشاملة للقضايا الإنسانية باعتبارها أولوية وطنية هي الأساس الصلب للمستقبل.

العدالة الانتقالية، باعتبارها أداة وطنية وقانونية، تضع ملف المفقودين شرطاً لا غنى عنه، خاصة أن القضية ليست مجرد فقدان أفراد وعائلات كاملة فحسب، بل هي نواة تحقيق عدالة منتظرة سببت آثاراً ونتائج سلبية على وطن بأكمله، وتركت جرحاً غائراً في نسيج المجتمع السوري، لا يمكن تخطيه.

فالتقديرات والتقارير تتحدث عن أعداد كبيرة تتراوح ما بين 120,000 و300,000 مفقود ، مع توثيق نحو 63 مقبرة جماعية، وهذه الأرقام تعكس عمق المأساة وتعقيدات العمل لحل هذا الملف، ما يجعل دور الهيئة الوطنية للمفقودين ومحاولاتها لتوحيد البيانات عبر منصة موحدة أمراً في غاية الأهمية.

الملفت هو ما جاء في تصريحات المستشارة الإعلامية للهيئة الوطنية للمفقودين زينة شهلا، حول قابلية التطوير الهيكلي والتنسيقي بين منظمات المجتمع المدني الشريكة، بما يعزز فرص تبادل البيانات وتوحيد المعايير، لضمان مصداقية ودقة التوثيق.

وأيضاً ما تحدثت به عن الجانب الوقائي، وما تم وضعه من بروتوكولات لحماية الشهود وتبادل البيانات، للتأكيد على حرص الهيئة لتوفير بيئة آمنة يمكن للضحايا وأسرهم الاعتماد عليها في البحث عن الحقيقة، في دلالة واضحة على الوعي المتقدم بأهمية حماية حقوق الإنسان في سوريا المقبلة.

والى جانب التنسيق مع منظمات المجتمع المدني السورية كشريك في التوثيق يعزز من المصداقية وتحديد الإطار الشامل لتحقيق العدالة، يبرز الدور الدولي والإقليمي كعامل مساعد لهذه المساعي، فالمجتمع الدولي، عبر مؤسساته ومنظماته الحقوقية والناشطين والمهتمين تقع على عاتقه مسؤولية مباشرة بالمساهمة في دعم سوريا مادياً وتقنياً، والمساعدة في التحقيقات المتخصصة بقضايا الاختفاء القسري، وكذلك الأمر إقليمياً، فدول الجوار تتحمل مسؤولية مشتركة في معالجة ملف المفقودين، من خلال التعاون الأمني والقانوني ضمن معايير واضحة لمحاكمة المسؤولين عنها وضمان عدم إفلاتهم من العقاب.

ختاماً، تعد العدالة الانتقالية التي تتصدرها معرفة مصير المفقودين تعبيراً عن إرادة الشعب السوري في تحقيق تقدم جدي وحقيقي نحو مصالحة وطنية شاملة، إضافة إلى تعبير واضح وصريح عن التزام الدولة بتحقيق العدالة وترميم نسيج المجتمع والعمل على إصلاح ما تم هدمه عبر عقود، فطريق بناء سوريا يحلم بها الجميع قائمة على العدالة، والشفافية، واحترام حقوق الإنسان، يبدأ من هذه الخطوة تحديداً.

آخر الأخبار
دعم الابتكار والشباب.. جولة اطلاعية لوزير الاقتصاد في معرض دمشق الدولي خطة لترميم مدارس درعا تأهيل شوارع بصرى الشام لتعزيز العلاقات.. إيطاليا تعيد افتتاح قسم التعاون في سفارتها بدمشق 200 خط هاتفي  بانتظار التجهيزات في مقسم السليمانية تقديرات بإنتاج 33 ألف طن رمان في درعا سوريا تعرب عن تضامنها مع أفغانستان وتعزِّي بضحايا الزلزال  مستشفى التوليد والأطفال في اللاذقية.. خطط طموحة لتعزيز جودة الخدمات الطبية رغم خطورته أثناء الحرائق.. الصنوبر الثمري يتصدر الواجهة في مشاتل طرطوس الحراجية المواصلات الطرقية في اللاذقية ترصد المحاور المتضررة تمهيداً لإصلاحها هل يتحول معرض دمشق  إلى منصة رقمية متكاملة؟ لجنة وطنية للنهوض بالمنظومة الإحصائية وبناء نموذج للاقتصاد الكلي وزير المالية : الحرب على الفقر أولوية وطنية تحتاج تكامل الجهود معرفة مصير المفقودين والمغيبين.. حاجة وطنية لتثبيت دعائم السلم الأهلي "صواريخ العقل للبرمجيات" الأردنية.. خطوة أولى نحو دعم التقنيات في سوريا مظاهرات حاشدة في أوروبا: أوقفوا الإبادة الجماعية بغزة وأدخلوا المساعدات الإنسانية سرافيس النقل الخارجي بحلب.. تعدد العملات يسهم باستغلال المواطنين الليرة تتراجع والذهب يحلِّق فرصة ذهبية تجمع المنتج والمستهلك في مكان واحد "السورية للطيران".. حسومات وسحوبات وبطاقات مجانية