الثورة- علي إسماعيل:
في تحد استفزازي لعائلات الأسرى الإسرائيليين لدى حماس وتحذيرات المجتمع الدولي، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن توسيع العملية العسكرية على مداخل غزة ووسطها، مؤكداً على استهداف ما وصفه “مخربي النخبة” الذين شاركوا في هجوم 7 أكتوبر.
هذا التصعيد وما رافقه من تصريحات يأتي في خضم ما تشهده إسرائيل من انقسامات سياسية حادة، مع تصاعد الانتقادات الداخلية التي تسلط الضوء على تعنت حكومة نتنياهو في توسيع المواجهة، وسط تحذيرات من تداعيات إنسانية على الفلسطينيين في القطاع من جهة، والضغوط المتزايدة على الجنود والشارع الإسرائيلي من جهة أخرى.
نتنياهو قال في تصريحاته: “إذا كان عليّ أن أختار بين الانتصار على أعدائنا والدعاية السيئة ضدنا فسأختار الانتصار” ، في موقف يبرر به استمرار التصعيد العسكري على حساب التداعيات السياسية الداخلية والخارجية والإنسانية، بما يعكس استراتيجية نتنياهو التي تعطي الأولوية للرد العسكري والضغط على غزة،من دون النظر إلى تعقيدات التفاوض أو تبعات الصراع الداخلي.
بالمقابل، برزت تصريحات زعيم المعارضة يائير لابيد التي كشفت عن واقع مغاير لتصريحات الحكومة، ففي اجتماع حزبه “يش عتيد” ، أشار لابيد إلى معلومات وردته من مسؤولين كبار في دول وسيطة، تفيد بأن الحكومة الإسرائيلية تتجاهل بشكل فعلي صفقة إطلاق سراح الأسرى في غزة، وقال: “إسرائيل لا ترد، لا تحاول حتى التفاوض أو إبرام صفقة لإعادة المختطفين إلى ديارهم”.
اتهامات لابيد تعكس استياءً متزايداً في الداخل الإسرائيلي مما يصفه البعض بـ”تعنت” الحكومة وعدم اهتمامها بالوسائل الدبلوماسية، وهو ما يزيد من حدة الانقسامات ويضعف الموقف الإسرائيلي، في مواجهة ضغوط داخلية وخارجية لإنهاء الأزمة بأقل الخسائر الممكنة.
قلق متزايد
وسائل إعلامية إسرائيلية، وعلى رأسها صحيفة “هآرتس”، كشفت عن قلق متزايد داخل الجيش بشأن مصير الأسرى الذين يحتجزون داخل المدينة، مشيرة إلى أن الجيش يشعر بالعجز عن ضمان سلامتهم وسط تصعيد الغارات الجوية والعملية البرية المرتقبة.
هذه المخاوف تأتي في ظلّ تحذيرات مباشرة من الجيش لعائلات الجنود المختطفين، ما يعكس هشاشة الموقف العسكري والإنساني معاً، وفي نفس السياق، سلطت القناة 12 الإسرائيلية الضوء على الأوضاع النفسية والاجتماعية لجنود الاحتياط الذين شاركوا بشكل مستمر في الحرب.
وأفادت التقارير أن نحو ثلث عائلات جنود الاحتياط يعانون مالياً ونفسياً نتيجة استمرار خدمتهم، حيث تكبدوا خسائر فادحة على المستويات الاقتصادية والمعنوية، ويعكس هذا الوضع هشاشة البنية الاجتماعية في إسرائيل ويثير العديد من التساؤلات حول قدرة الحكومة الإسرائيلية على الاستمرار في الحرب، دون إرهاق الطبقة العسكرية الأساسية التي تعتمد عليها في الأزمات.
دوليا، تبرز جهود مكثفة، منها ما صدر عن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي أصدر بياناً يوحي بوجود مفاوضات سرية جارية لوقف القتال، في حين تتحدث مصادر أخرى عن وفود من حركة حماس انتهت من زيارتها لمصر في إطار محاولات لإنهاء “حرب الإبادة”، لكن وسط هذه التحركات، يبدو أن حكومة نتنياهو تتجه نحو مزيد من التصعيد، متجاهلة التحذيرات والمبادرات، ما يزيد من تعقيد المشهد.
وفي خضم هذه التطورات، تستمر الأرقام في غزة في تصاعد مأساوي، حيث أعلنت وزارة الصحة في غزة أن عدد الشهداء منذ بدء العدوان الإسرائيلي في السابع من أكتوبر 2023 قد بلغ 64,368 شهيدًا، إلى جانب 162,776 جريحاً، أرقام تبرز حجم الكارثة الإنسانية وتدل على أن استمرار العملية العسكرية بهذا التوسع لن يؤدي إلا إلى مزيد من المعاناة والدمار.