“EHR” حل نوعي لتطوير منظومة التأمين الصحي في سوريا

الثورة – ميساء العلي:

في ظل التحديات الصحية والاقتصادية التي مرت بها سوريا خلال السنوات الماضية، بات من الضروري البحث عن حلول مبتكرة لإعادة تنظيم القطاع الصحي وضبط كفاءة التأمين الصحي الوطني. ومن هنا جاء التوجه الحكومي نحو إطلاق مشروع السجل الصحي الإلكتروني (EHR)، كمنظومة وطنية شاملة تهدف إلى تعزيز العدالة، رفع كفاءة الخدمات الطبية، وضمان استدامة التمويل الصحي.هذا المشروع لا يمثل مجرد تحديث تقني، بل هو إصلاح هيكلي شامل يضع سوريا على مسار الدول التي اعتمدت التكنولوجيا كركيزة أساسية لإدارة القطاع الصحي والتأميني.

الرؤية والأهداف

يقول المستشار في التأمين المهندس سامر العش في حديث خاص لصحيفة الثورة: إن مشروع السجل الصحي الالكتروني يرتكز على رؤية واضحة تهدف إلى بناء قاعدة بيانات مركزية صحية وطنية، تتيح إدارة دقيقة وشفافة لملفات المواطنين الطبية، بما يخدم الأهداف التالية منها تنظيم قطاع التأمين الصحي وضمان وصول الخدمات لجميع المواطنين بعدالة مع رفع مستوى الشفافية في إدارة المطالبات الطبية ومكافحة الغش، إضافة إلى تقليل الهدر في الإنفاق وتوجيه الموارد الصحية بدقة نحو الأولويات الوطنية ناهيك عن توفير بيانات وإحصاءات دقيقة لصانعي القرار لدعم التخطيط الاستراتيجي مع تحسين جودة الخدمات الطبية وضمان متابعتها بشكل مستمر.

مكونات النظام

وحول مكونات هذا النظام يقول العش: إن السجل الصحي الإلكتروني ينقسم إلى مجموعة من المحاور الأساسية، أبرزها تسجيل المواطنين من خلال إصدار هوية صحية وطنية مرتبطة بكل مواطن وإنشاء ملف طبي متكامل يتضمن التشخيصات، الإجراءات، والأدوية المستخدمة.أما المحور الثاني فيذهب إلى تسجيل شركات التأمين بغية توثيق عقود التأمين وخطط التغطية مع إدارة شاملة للعقود الطبية والمنافع. والخطوة التالية هي تسجيل مقدمي الخدمات الصحية وذلك من خلال ربط المستشفيات، المراكز الطبية، الصيدليات، والمختبرات بالنظام وتوثيق جميع الخدمات المقدمة للمواطنين بشكل لحظي. والمحور الأخير بحسب العش هو إدارة الصلاحيات وحماية البيانات وذلك من خلال اعتماد نظام أمني متطور يضمن سرية المعلومات الطبية وتحديد صلاحيات دقيقة لكل مستخدم وفق مهامه.

معايير عالمية

ويتابع المستشار التأميني: إن المشروع سيعتمد على أرقى أنظمة الترميز الطبي العالمية، بما يضمن توحيد البيانات وسهولة استخدامها:ICD-12 لتصنيف الأمراض و.CPT-5 لترميز الإجراءات والخدمات الطبية، نظام موحد للأدوية يشمل الاسم العلمي والتجاري والسعر والشركة المنتجة. وبحسب العش فإن اعتماد هذه المعايير يتيح تكامل النظام السوري مع الأنظمة الدولية، ويفتح الباب أمام تبادل الخبرات والتعاون الصحي مع دول أخرى.واحدة من أهم ميزات النظام الجديد هي الإدارة الإلكترونية للمطالبات الطبية، كما يقول العش، إذ يتم إدخال بيانات التشخيص والإجراءات بشكل مباشر من قبل مقدم الخدمة مع إرسال المطالبة إلكترونياً إلى شركة التأمين لمراجعتها والرد بإشعار تحويل يوضح المقبول والمرفوض وأسباب ذلك مع تطبيق آلية الموافقات المسبقة للإجراءات المكلفة أو العمليات الكبيرة.هذه الخطوات تضمن تسريع تسوية المطالبات، تخفيض التكاليف الإدارية، ومنع التلاعب- بحسب العش.

ويتابع كلامه بالقول: إن هذا النظام يعتمد على تصميم حديث ومرن، يقوم على الخوادم المركزية مع أنظمة نسخ احتياطي في المدن الرئيسة مع معايير أمان عالية لحماية البيانات الصحية الحساسة وواجهات برمجية (APIs) لربط أنظمة المستشفيات وشركات التأمين بالنظام المركزي.

خطة التنفيذ

يقترح العش أن يتم تنفيذ المشروع على مراحل متدرجة:
1. المرحلة الأولى: تسجيل موظفي القطاع الحكومي كشريحة تجريبية، مع ربط شركات التأمين والمستشفيات الكبرى.
2. المرحلة الثانية: تشغيل نظام إدارة المطالبات الطبية والموافقات المسبقة.
3. المرحلة الثالثة: التوسع لربط جميع المستشفيات والمراكز الطبية والصيدليات.
4. المرحلة الرابعة: شمول جميع المواطنين داخل البلاد وخارجها.

التحديات المتوقعة

رغم أهمية المشروع- بحسب العش، إلا أن تنفيذه سيواجه عدة تحديات، منها الحاجة إلى تحديث البنية التحتية الرقمية في المستشفيات والمراكز الطبية وتدريب الكوادر البشرية على استخدام الأنظمة الإلكترونية الجديدة مع ضمان حماية البيانات من أي تهديدات أمنية أو محاولات اختراق وتأمين التمويل اللازم للمشروع وضمان استدامة الصيانة والتحديث.

ويطرح تجارب دولية، إذ اعتمدت عدة دول أنظمة مشابهة للسجلات الصحية الإلكترونية، وحققت نتائج ملموسة، ففي سنغافورة، ساهم النظام الصحي الإلكتروني في تسريع علاج المرضى وتقليل وقت الانتظار بنسبة 30 بالمئة، في حين في تركيا، أدى إدخال نظام السجلات الإلكترونية إلى خفض تكاليف التأمين الصحي بنسبة كبيرة، أما في الإمارات، ساعد النظام على ربط جميع المستشفيات الحكومية والخاصة بملف صحي موحد لكل مواطن ومقيم.

هذه التجارب تؤكد أن الاستثمار في السجل الصحي الإلكتروني يعود بفوائد اقتصادية واجتماعية مباشرة.

التوصيات

ويقترح الخبير العش تشكيل لجنة وطنية مشتركة من وزارات المالية والصحة وهيئة الإشراف على التأمين وشركات التأمين مهمتها إعداد تشريعات داعمة لتنظيم استخدام البيانات وضمان سريتها مع وضع خطة تدريب وتأهيل للكوادر الطبية والإدارية واعتماد نموذج تشغيل يضمن التطوير المستمر والدعم الفني المستدام.

أخيراً

إن مشروع السجل الصحي الإلكتروني (EHR) يمثل قفزة نوعية في تطوير منظومة التأمين الصحي في سوريا، ويعكس توجه الدولة نحو إدارة عصرية قائمة على البيانات والشفافية.

فهو لا يخدم فقط المواطن من خلال تحسين جودة الخدمات الصحية وضمان العدالة في تقديمها، بل يدعم الدولة عبر ترشيد الإنفاق الصحي وتوفير أداة دقيقة للتخطيط الاستراتيجي.

بهذا المشروع، تدخل سوريا مرحلة جديدة من التحول الرقمي في القطاع الصحي، بما ينسجم مع متطلبات العصر ويضع المواطن في صميم العملية الإصلاحية.

آخر الأخبار
تعاون متجدد بين وزارة الطوارئ واليونيسف لتعزيز الاستجابة تبادل الخبرات والاستثمارات السياحية مع الإمارات اجتماعات وزارية مشتركة في الرياض.. فرص استثمارية واعدة وتعاون زراعي استكمال مشروع دار المحافظة بدرعا ينطلق من جديد حماة تستعد لانطلاق مهرجان ربيع النصر إدخال بطاطا وخضار مستوردة يلحق خسائر  بمزارعي درعا طرطوس تبحث رؤيتها الاستثمارية والتنموية أبناء عشائر السويداء يؤكدون حقهم في العودة لمنازلهم وأراضيهم منصة صحية ومركز تدريب سعودي- سوري مستشفى دمر التخصصي بالأمراض الجلدية يفتح أبوابه لخدمة المرضى الاستثمار في سوريا قراءة في تجارب معرض دمشق الدولي الليرة تتراجع والذهب يتقدم "تجارة حلب".. إعادة تنشيط الحركة الاقتصادية مع وفد تركي "إدمان الموبايل".. خطر صامت يهدد أطفالنا د. هلا البقاعي: انعكاسات خطيرة على العقول السباق النووي يعود إلى الواجهة.. وتحذيرات من دخول 25 قوة نووية جديدة ترامب: اتفاق وشيك لوقف إطلاق النار في غزة.. و"حماس" مستعدة للتفاوض الحرب الروسية - الأوكرانية.. بين "التحييد الاستراتيجي" والتركيز على "العمليات الهجومية" أسماء أطفال غزة تتردد في شوارع مدريد العراق يعيد تأهيل طريق استراتيجي لتنشيط التجارة مع سوريا التحولات السياسية وانعكاسها على رغبة الشباب السوري المغترب بالعودة