التوظيف الداخلي.. إدارة جديدة للموارد البشرية بين الأمل والتحديات

الثورة – هنادة سمير:

تتجه سوريا في مرحلة ما بعد التحرير إلى إعادة صياغة بنيتها الإدارية بما يواكب التحولات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وفي هذا السياق، أطلقت وزارة التنمية الإدارية نظام التوظيف الداخلي كأداة لإصلاح القطاع العام، وأعلنت الوزارة عبر منصاتها الرسمية أن النظام الجديد ليس مجرد إجراء تقني، بل تحول نوعي نحو إدارة أكثر مرونة وكفاءة للموارد البشرية، تهدف إلى كسر الجمود الوظيفي الذي استمر لعقود.

التوظيف الداخلي

يقوم التوظيف الداخلي على مبدأ إتاحة الفرصة أمام الموظفين الدائمين لشغل وظائف شاغرة داخل الجهة العامة، أو بين مؤسسات أخرى، وفق معايير واضحة وإجراءات تنافسية وذلك بهدف الاستفادة من الطاقات المعطلة، سد الثغرات الوظيفية، وتحقيق توزيع عادل ومتوازن للخبرات.
وتوضح الوزارة أن المفاضلة ستتم بناءً على أربعة معايير رئيسة: التخصص العلمي، الخبرة المهنية، المهارات، والعمر، على اعتبار أن هذه المحددات تضمن اختيار الأكفأ بعيداً عن الاعتبارات الشخصية أو المحسوبيات، وهو ما شكل في السابق انتقاداً متكرراً لآليات التعيين.
في جلسة تخصصية عقدتها الوزارة منتصف تموز الماضي تم اعتماد خطوات مدروسة لتطبيق النظام وهي الإعلان عن الشواغر عبر المنصات الرسمية، اعتماد بطاقات وصف وظيفي دقيقة تحدد طبيعة المهام والمؤهلات المطلوبة، فتح باب المنافسة بين الموظفين وفق شروط موحدة.
كذلك إخضاع المتقدمين لاختبارات ومقابلات لضمان الكفاءة، ومتابعة مركزية من قبل الوزارة لضمان النزاهة ومنع التدخلات.

التفاؤل حاضر والتحفظ مشروع

استطلعت” الثورة” أراء عدد من الموظفين حول نظام التوظيف الداخلي، إذ رأى معظمهم أن النظام يمنح الفرصة للانتقال إلى مواقع ربما تناسب مؤهلاتهم العلمية وخبراتهم أكثر من مواقعهم الحالية التي استمروا في التواجد فيها سنوات طويلة، بسبب الجمود الوظيفي الذي اتسمت به السنوات السابقة.
ورأى موسى، موظف في التموين، أن المعايير جيدة على الورق، لكن التنفيذ هو المعيار الحقيقي، فالتوظيف الداخلي قد يتحول إلى إعادة توزيع المحسوبيات، إن لم يطبق بشفافية.
وقالت هبة، موظفة في النقل: أصبح هناك إمكانية للحركة المهنية، وهذا سيحفز الموظفين على التطوير والالتزام.

للأثر المتوقع

الباحث في الإدارة العامة عماد منصور بيَّن في حديثه لصحيفة الثورة، أن التوظيف الداخلي خطوة إصلاحية استراتيجية، مبيناً أن القطاع العام السوري يعاني منذ عقود من اختلال كبير في توزيع الكوادر، مضيفاً: هناك موظفون في مواقع لا تتناسب مع مؤهلاتهم، وآخرون عاطلون عن أداء دور فعّال رغم قدرتهم فيما يسهم التوظيف الداخلي في معالجة هذه الاختلالات وخلق ديناميكية جديدة داخل المؤسسات.
ويشير منصور إلى أن الأثر الحقيقي للنظام الجديد لا يقتصر على مجرد إعادة توزيع الموظفين، بل يمتد إلى تحويل ثقافة العمل داخل المؤسسات العامة من خلال تشجيع المنافسة الشريفة بين الموظفين على أساس الكفاءة، تعزيز روح المبادرة والتطوير المستمر بين العاملين، الحد من الركود الإداري وتحفيز الموظفين على اكتساب مهارات جديدة، مشدداً على أهمية الرقابة والمتابعة الدقيقة، وأن نجاح التجربة سيكون مرهونا بمستوى الالتزام بالمعايير والشفافية.
وقال: التوظيف الداخلي ليس حلاً شكلياًِ، بل أداة لإصلاح هيكلي طويل المدى إذا طبق بموضوعية، فسوف يعيد الثقة بالمؤسسات ويضع الموظف في موقع المسؤولية الحقيقي، ويعيد للمواطن الثقة في الجهاز الإداري.

التحديات والطموحات

على الرغم من وضوح الآليات، فإن الطريق أمام التوظيف الداخلي محفوف بالتحديات، من بينها- كما يشرح الباحث صالح- مقاومة بعض الإدارات لأي تغيير قد يهدد مصالحها وضعف البنية الإدارية في بعض المؤسسات، بالإضافة إلى مخاوف الموظفين من عدم التزام الشفافية في المفاضلات.
ويمثل هذا النظام فرصة استراتيجية لإحياء القطاع العام، ونجاحه يعتمد على التزام صارم بالقوانين والضوابط، وإخضاع عملية المفاضلة للرقابة المستمرة، لضمان أن الموظف الأكفأ يشغل المنصب المناسب بعيداً عن أي اعتبارات شخصية.

آخر الأخبار
تعاون متجدد بين وزارة الطوارئ واليونيسف لتعزيز الاستجابة تبادل الخبرات والاستثمارات السياحية مع الإمارات اجتماعات وزارية مشتركة في الرياض.. فرص استثمارية واعدة وتعاون زراعي استكمال مشروع دار المحافظة بدرعا ينطلق من جديد حماة تستعد لانطلاق مهرجان ربيع النصر إدخال بطاطا وخضار مستوردة يلحق خسائر  بمزارعي درعا طرطوس تبحث رؤيتها الاستثمارية والتنموية أبناء عشائر السويداء يؤكدون حقهم في العودة لمنازلهم وأراضيهم منصة صحية ومركز تدريب سعودي- سوري مستشفى دمر التخصصي بالأمراض الجلدية يفتح أبوابه لخدمة المرضى الاستثمار في سوريا قراءة في تجارب معرض دمشق الدولي الليرة تتراجع والذهب يتقدم "تجارة حلب".. إعادة تنشيط الحركة الاقتصادية مع وفد تركي "إدمان الموبايل".. خطر صامت يهدد أطفالنا د. هلا البقاعي: انعكاسات خطيرة على العقول السباق النووي يعود إلى الواجهة.. وتحذيرات من دخول 25 قوة نووية جديدة ترامب: اتفاق وشيك لوقف إطلاق النار في غزة.. و"حماس" مستعدة للتفاوض الحرب الروسية - الأوكرانية.. بين "التحييد الاستراتيجي" والتركيز على "العمليات الهجومية" أسماء أطفال غزة تتردد في شوارع مدريد العراق يعيد تأهيل طريق استراتيجي لتنشيط التجارة مع سوريا التحولات السياسية وانعكاسها على رغبة الشباب السوري المغترب بالعودة