الثورة – لينا شلهوب:
أولت وزارة التربية والتعليم اهتماماً بالغاً لموضوع التحول الرقمي، باعتباره وسيلة لتحقيق نهضة تعليمية شاملة تستجيب لمتطلبات العصر الرقمي، وتتماشى مع رؤية الدولة للتحول نحو مجتمع معرفي يعتمد على التكنولوجيا في شتى مجالاته.

ويشكّل التحول الرقمي اليوم ركيزة أساسية في بناء مؤسسات الدولة الحديثة، إذ لم يعد مجرد خيار تقني، بل أصبح اتجاهاً استراتيجياً يهدف إلى تحسين كفاءة الأداء، وضمان الشفافية، وتعزيز جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.
وزير التربية والتعليم الدكتور محمد عبد الرحمن تركو أكد في أكثر من مناسبة أن التحول الرقمي هو جزء أساسي من العملية الامتحانية، وأن نجاحه يتطلب ثلاثة مكونات رئيسة: كادر قادر على التحول الرقمي من خلال التدريب والتأهيل المستمر، وأدوات التحول الرقمي مثل البنية التحتية والأجهزة والشبكات، بالإضافة إلى التشريعات والأنظمة التي تضمن حوكمة العملية وحماية البيانات والحقوق، موضحاً أن الوزارة بدأت فعلياً بالعمل على ترسيخ هذه الأسس الثلاثة، باعتبارها المدخل الحقيقي لبناء منظومة تعليمية عصرية ومستدامة.
العملية الامتحانية
شهدت العملية الامتحانية نقلة نوعية بفضل تطبيقات التحول الرقمي، هذا ما أكده مدير الامتحانات محمود حبوب لـ”الثورة”، مبيناً أنه من أبرز الخطوات: التوزيع الرقمي للمراقبين والطلاب، وللمرة الأولى في سوريا تم توزيع الطلاب والمراقبين أثناء الامتحانات عبر أنظمة رقمية دقيقة، وهو ما ساعد بشكل كبير في تبسيط الإجراءات وتقليل الأخطاء البشرية.
وهذه الخطوة عكست الدور الكبير للتحول الرقمي في تنظيم العمليات الإدارية، وفي مجال التصحيح والنتائج، بيّن الدكتور الوزير تركو أن الوزارة تدرك أن التصحيح لا يقل أهمية عن الامتحان نفسه، إذ يمثل أمانة ومسؤولية لضمان حقوق الطلاب، لذلك، اتخذت مجموعة من الإجراءات الجديدة المختلفة عن السنوات السابقة، إذ أصبحت عملية إدخال العلامات تمر عبر فريقين مستقلين، بحيث يتم إدخال العلامة مرتين من قبل مجموعتين مختلفتين، وفي حال وجود أي اختلاف بين الإدخالين يظهر النظام إشارة تدل على وجود خلل ليتم معالجته فوراً، فيما عززت هذه الآلية الشفافية، وضمنت وصول حقوق الطالب كاملة دون ظلم أو خطأ.
وحرصاً على دقة التنتيج والتصحيح، رفعت الوزارة أجور المصححين بنسبة وصلت إلى 5 بالمئة، إدراكاً منها لجهودهم، ولاسيما أن الأجور السابقة لم تكن تغطي حتى تكاليف وصول المعلم إلى مركز التصحيح، هذه الخطوة تأتي انسجاماً مع متطلبات المرحلة وتحفيزاً للكادر التعليمي على أداء مهامه بأفضل صورة، كذلك عززت لشفافية والعدالة، إذ من خلال هذه الإجراءات، أصبح التصحيح أكثر شفافية وأمناً، بما يضمن تقييم الطلاب بشكل عادل، بعيداً عن أي أخطاء فردية أو تدخلات بشرية قد تؤثر على النتائج، ناهيك عن المرونة في مواجهة الأزمات، حيث أظهر التحول الرقمي أهميته، تمكنت الوزارة من مواصلة عقد الامتحانات ومتابعة العملية التعليمية عبر الأنظمة الإلكترونية، ما يؤكد دور التكنولوجيا في ضمان استمرارية التعليم.
مواكبة التطورات
إن ما تحقق حتى الآن ليس سوى بداية لمسيرة أوسع، إذ من المتوقع أن ينعكس هذا التحول على التعليم مستقبلاً من خلال، تطوير أدوات التقييم لتشمل الاختبارات التفاعلية والأنشطة الرقمية، تقليص الفجوة التعليمية بين المناطق عبر المنصات الموحدة، وإعداد أجيال قادرة على التعامل مع التكنولوجيا ومهارات القرن الحادي والعشرين.
لقد وضعت الوزارة اللبنات الأساسية للتحول الرقمي، مستندة إلى الكادر المؤهل، والأدوات الحديثة، والتشريعات الناظمة، وظهر أثر ذلك بوضوح في العملية الامتحانية من خلال التنظيم الرقمي للتوزيع، والشفافية في التصحيح، وضمان حقوق الطلاب، ومع الاستمرار في تطوير هذه المنظومة، سيكون التعليم في سوريا أكثر حداثة وكفاءة، قادراً على مواكبة التطورات العالمية، وصون حقوق كل من الطالب والمعلم على حد سواء.