الثورة – ترجمة هبه علي:
يعاني القطاع الزراعي في سوريا من إحدى أسوأ موجات الجفاف منذ ما يقرب من 40 عاماً، تفاقمت بسبب أكثر من 14 عاماً من الصراع، ودمار واسع النطاق للبنية التحتية، وانهيار اقتصادي حاد، وتدفع هذه الأزمات المتداخلة إنتاج الغذاء إلى مستويات منخفضة للغاية، وتفرض ضغوطاً لا تطاق على آلاف المزارعين في جميع أنحاء البلاد.
خلال زيارة ميدانية قام بها مؤخراً للقاء المزارعين المعرضين للخطر والتفاعل معهم، أكد مدير مكتب الطوارئ والقدرة على الصمود في منظمة الأغذية والزراعة رين بولسن، على خطورة الوضع وقال: بلغ محصول القمح هذا العام، وهو غذاء أساسي للأسر السورية، أدنى مستوياته على الإطلاق.
وتقدر منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) أن الإنتاج في عام ٢٠٢٥ سينخفض إلى ما بين ٩٠٠ ألف و١.١ مليون طن، وهو من بين أدنى المحاصيل المسجلة في سوريا على الإطلاق.
وأضاف بولسن: “هذا وضع صعب قد يدفع عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي إلى أكثر من 14 مليون شخص”، كما “يعكس هذا الانخفاض الحاد فشلاً واسع النطاق في المحاصيل، ونقصاً في المدخلات، وتفاقماً في آثار الجفاف”.
وتحذر منظمة الأغذية والزراعة وشركاؤها من عواقب زيادة عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي إلى أكثر من 14 مليون شخص، وما لم تقدم مساعدات زراعية عاجلة قبل موسم الزراعة المقبل، فإن ملايين الأسر الأخرى معرضة لخطر الانزلاق إلى الجوع وفقدان سبل العيش بشكل لا رجعة فيه”.
لقد دمرت أربعة عشر عاماً من الحرب النظم الزراعية في سوريا (شبكات الري متضررة أو مدمرة، ومساحات شاسعة لاتزال ملوثة بالألغام الأرضية والأنقاض، ويواجه المزارعون نقصاً حاداً في المدخلات والدعم الفني والوصول إلى الأسواق- وكل ذلك تفاقم بسبب التصحر والصدمات المناخية)، ورغم هذه التحديات، يواصل صغار المزارعين المطالبة بالدعم للعودة إلى أراضيهم واستعادة سبل عيشهم.
تقف منظمة الأغذية والزراعة إلى جانب المزارعين المعرضين للخطر، من خلال تنفيذ تدخلات متكاملة وفي الوقت المناسب لدعم الإنتاج وتحسين الظروف المعيشية، دون ترك أي شخص يتخلف عن الركب.
وقام وفد رفيع المستوى من منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)- يضم: ماوريتسيو مارتينا، نائب المدير العام للفاو؛ ورين بولسن، مدير مكتب الطوارئ والمرونة؛ وعبد الحكيم الواعر، المدير العام المساعد والممثل الإقليمي للفاو في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا؛ وتوني إيتل، القائم بأعمال ممثل الفاو في الجمهورية العربية السورية – بزيارة ميدانية لمدة يوم واحد إلى ريف حماة للتحدث مع المزارعين، وللاطلاع على ثلاثة تدخلات مؤثرة، مع دخول البلاد مرحلة جديدة.
يستحق السوريون فرصة إعادة بناء حياتهم بدعم من المجتمع الدولي، الجفاف هذا العام وما نتج عنه من نقص في القمح- المتوقع أن يبلغ 2.73 مليون طن- قد يبقي أكثر من 16 مليون شخص يعانون من نقص الغذاء لمدة عام كامل.
لمواجهة هذه الأزمة الوشيكة، تدعو منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) إلى توفير 286.7 مليون دولار أمريكي في إطار خطة عمل الطوارئ والإنعاش للفترة 2025-2027، وتهدف الخطة إلى تقديم دعم عاجل لإنقاذ الأرواح، مع الاستثمار في بناء القدرة على الصمود والإنعاش على المدى الطويل، بما يضمن قدرة المزارعين على إنتاج الغذاء لأنفسهم ولأسرهم ومجتمعاتهم.
ويقول نائب المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة ماوريتسيو مارتينا: “تظل منظمة الأغذية والزراعة ثابتة في التزامها بالوقوف إلى جانب المزارعين السوريين في أوقات الأزمات”، مؤكداً أن منظمة الأغذية والزراعة، من خلال الجمع بين المساعدات الطارئة وتدابير التعافي والمرونة على المدى الطويل، تضمن أن المزارعين ليسوا قادرين على البقاء على قيد الحياة في مواجهة تحديات اليوم فحسب، بل وتمكينهم أيضاً من إعادة بناء سبل عيش زراعية أقوى وأكثر استدامة للمستقبل.
المصدر: Relief Web