الثورة – مها يوسف:
في ممرات بنك الدم بطرطوس، يتجلى معنى التكافل الإنساني، حيث تتحول قطرات الدم إلى شريان حياة يمدّ المرضى بالأمل. مدير بنك الدم الدكتور حسام حمدان، أكد أن البنك هو خط الدفاع الأول في مواجهة الحالات الطارئة والعمليات الجراحية المعقدة، قائلاً “هدفنا ألا يبقى أي مريض محتاج للدم من دون تأمين حاجته”.
رسالة إلى المجتمع
ويضيف د. حمدان: إن التبرع بالدم مسؤولية مجتمعية، فكل شخص قادر على التبرع هو مساهم مباشر في إنقاذ الأرواح. نريد أن يتحول التبرع لثقافة دائمة، لا لرد فعل ظرفي.. فالشعار “لا تنتظر حتى تكون بحاجة إليه، تبرع بالدم الآن، فهناك من ينتظرك.
“وأشار إلى أن التبرع بالدم يخضع لإجراءات دقيقة، تبدأ باستقبال المتبرع وتعبئة استبيان صحي مبسط، يلي ذلك فحص أولي يشمل ضغط الدم والنبض ونسبة الهيماتوكريت، وبعد التأكد من ملاءمة المتبرع، تُسحب وحدة الدم بطريقة آمنة ومعقمة، ثم تُرسل إلى المختبر لإجراء الفحوص الشاملة قبل تخزينها بشكل منظم لحين الحاجة إليها.
أوضح د. حمدان أن عمل بنك الدم لا يقتصر على وحدات الدم الكاملة، بل يتم فصل الدم إلى مكونات متعددة لتوسيع الاستفادة منه، وتشمل كريات حمراء مركزة وبلازما طازجة مجمدة وصفائح دموية، ويُستخدم كل مكوّن بحسب حاجة المريض، ما يزيد من فعالية الاستفادة من كل تبرع.
شروط التبرع
شروط التبرع يجملها د. حمدان، أن يكون المتبرع بين 18 و60 عاماً، ووزنه أكثر من 50 كغ ونسبة الهيماتوكريت لا تقل عن 38 بالمئة للنساء، و40 بالمئة للرجال، وأن يكون بصحة جيدة من دون أمراض معدية أو مزمنة غير مستقرة.
لافتاً إلى أن بنك الدم يبذل جهوداً خاصة لتأمين الفصائل النادرة مثل O سالب، عبر الاعتماد على متبرعين دائمين، إلى جانب تأمين باقي الفصائل بشكل مستمر.
ويبين أن بنك الدم يعتمد بشكل رئيسي على التبرعات الفردية المباشرة، إضافة إلى الحملات الأهلية التي تُنظم بالتعاون مع الجمعيات والجامعات والنقابات، والتي تلعب دوراً مهماً في دعم المخزون، وخصوصاً عند انخفاضه واليوم الخميس يشهد المركز حملة للتبرع بالدم دعت إليها المنطقة الصحية في طرطوس.
وأشار إلى أن كل وحدة دم تُفحص بشكل دقيق للتأكد من خلوها من التهاب الكبد B وC، الإيدز، الزهري، مع تحديد الزمرة الدموية، وأي وحدة غير مطابقة للمعايير تتلف مباشرة حفاظاً على سلامة المرضى.
الحاجة مستمرة
لا يوجد سقف محدد لكميات الدم المطلوبة، إذ تصل الحاجة- حسب د. حمدان، إلى مئات الوحدات يومياً، خاصة في الجراحات الكبرى والحوادث ما يجعل تجديد المخزون ضرورة دائمة لضمان الجهوزية.
ونوه د. حمدان بأن التبرع بالدم عمل إنساني، ينقذ حياة الآخرين، ويعود بالفائدة على المتبرع، إذ يتيح له الاطمئنان على صحته ويحفّز جسده على إنتاج دم جديد.
في الحالات الطارئة، يُفعّل بنك الدم خدمة الاستجابة السريعة، ويفتح المخزون على مدار 24 ساعة. وأحياناً تُطلق حملات إعلامية عاجلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي لتغطية الحاجة الفورية.
ويشير إلى أن صعوبات العمل عديدة، ومنها تذبذب أعداد المتبرعين، وخاصة في المواسم والأعياد، ونقص بعض المستلزمات الطبية، إضافة إلى صعوبات النقل واللوجستيات.
ورغم ذلك فإن التعاون مع وزارة الصحة والمؤسسة العامة لبنوك الدم والجهات الداعمة يساعد في تجاوز هذه الصعوبات.
خطط ومشاريع مستقبلية
وبين د. حمدان أن بنك الدم في طرطوس، يطمح لأن يكون نموذجاً يحتذى به، عبر تحسين خدمات المتبرعين وزيادة المخزون الاستراتيجي وتوسيع التعاون مع الجمعيات الأهلية، وإدخال تقنيات حديثة للفحوص الآلية السريعة، وتطوير طرق تخزين البلازما والصفائح، وإنشاء برامج إلكترونية لمتابعة المتبرعين المنتظمين وربطهم بالبنك.
ولفت إلى أن بنك الدم في طرطوس يضع نفسه في موقع شريان الحياة للمواطنين، مؤكداً أن إنقاذ الأرواح مسؤولية جماعية تتطلب وعياً ومبادرة من الجميع.
تصوير- رياض علي