الثورة – ميسون حداد:
تشكّل قضايا الاغتصاب اختباراً حقيقياً للإطار القانوني الناظم لجرائم الاغتصاب في سوريا، فرغم وضوح النصوص القانونية التي تحدد العقوبات، يبقى السؤال مطروحاً حول مدى فعاليتها في حماية الضحايا ومنع تكرار مثل هذه الجرائم.
في هذا السياق، التقت “الثورة” بالمحامي مجار الجابر الذي وصف هذه القضايا أنها “امتحان لقدرة القانون على حماية الضحايا، ومحاسبة الجناة.”
عقوبات جريمة الاغتصاب
يوضح المحامي الجابر أن قانون العقوبات السوري حدد عقوبة السجن ثمانية عشر عاماً في حال كانت الضحية راشدة، وترتفع المدة إلى واحد وعشرين عاماً إذا كانت قاصراً، مع إمكانية تشديد الحكم وفق ما تراه المحكمة مناسباً.
ويضيف: إن المحكمة تراعي عند إصدار حكمها ما إذا كان الفعل مترافقاً مع جرائم أخرى مثل الخطف أو الإيذاء، الأمر الذي قد يفضي إلى تشديد العقوبة.
ويشدد الجابر على أن الإسراع في التحقيقات مسألة حاسمة لتحقيق العدالة وعدم ضياع الأدلة، ويقول: “التحقيقات يجب أن تكون سريعة حتى لا تضيع الأدلة بمرور الوقت، ولمنع إفلات أي شخص من العقاب”.
ورغم عدم وجود آليات قانونية خاصة لتسريع المحاكمات، يرى الجابر أن الأصل أن تكون الإجراءات القضائية سريعة وفعّالة، لأن العقوبة تفقد أثرها في الردع إذا تأخرت كثيراً.
الردع والعلنية
وحول كفاية العقوبات الحالية، يؤكد الجابر أن النصوص القانونية رادعة متى ما طُبقت بالشكل الصحيح، مذكّراً بأن الغاية من العقوبة ليست الانتقام بل إصلاح الجاني وإعادة إدماجه في المجتمع، كما يلفت إلى أن علنية المحاكمات شرط أساسي لصحتها، مضيفاً: “إذا لم تتوافر العلنية تصبح المحاكمة باطلة”.
ويرى أن نشر الأحكام، عندما تقرره المحكمة، يسهم في تعزيز الردع العام ونشر الوعي المجتمعي.
الحقوق والدعم القانوني
ولفت إلى أنه يحق لعائلة الضحية المطالبة بإنزال العقوبة على الفاعل والحصول على التعويض عن الضرر الذي لحق بها، مشيراً إلى أن الحماية القضائية حق تكفله الدولة لجميع المواطنين من دون الحاجة للمطالبة به.
ويلفت إلى غياب المؤسسات العامة التي تقدم الدعم النفسي، مؤكداً: “هذا جانب مهم من العدالة ويجب العمل على توفيره مستقبلاً”، موضحاً أن الإدلاء بالشهادة واجب على كل من شاهد الواقعة أو سمع عنها، وأن جمع الأدلة واستقصاء الجرائم من صلاحيات الضابطة العدلية وقاضي التحقيق ضمن الإجراءات القانونية.
ويؤكد المحامي الجابر أن العدالة لا تكتمل بمجرد صدور الحكم، بل بتحقيق الردع العام وإصلاح الجاني وضمان عدم تكرار الجريمة، وتضع قضية روان المجتمع أمام مسؤولية المطالبة بمحاكمات سريعة وفعّالة تعيد الطمأنينة للضحايا وتشكل رادعاً لكل من يفكر بارتكاب مثل هذه الأفعال.