رحلة البحث عن دور..!!

ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير: علي قاسم
لا يبدو الحراك الدولي والإقليمي مجرد استكشاف لأفق التطورات، وما تمليه من معادلات مغايرة أو مناقضة لصورة الأحداث في السنوات الماضية، بل يحمل ملامح رحلة بدأت للبحث عن دور،

وسط تموجات كبرى ومتغيّرات عاصفة تتحضّر المنطقة والعالم لإحصاء ما يمكن إحصاؤه في الربع الأخير من الساعة التي تقترب لفرض معطياتها.‏

والفارق هنا لا يتعلق باستدارة يمكن لها أن تحكم شروطها أو أن تفرض معادلتها، ولا ترتبط بتغيير في الحسابات والتكتيكات، بقدر ما تنص بوضوح على سياق مختلف، تكون فيه الأوراق القديمة في أغلب الأحيان عبئاً سياسياً وإعلامياً، وتأخذ الدلائل والقرائن صفة الادّعاء العاجل على مواقف وممارسات لا يمكن الاغتسال مما علق بها لمجرد الحديث عن استدارة أو تغيير.‏

اللافت أن الجميع يتحدث عن صيَغ توافقية وكأنه جزء منها أو هو مخوّل بها أو قادر على البت فيها، حيث تدوير الزوايا لتكون على مقاسه ووفق متطلباته، رغم اليقين بأن المداورة هنا ليست عملاً اختيارياً بقدر ما باتت ممراً قسرياً يأخذ صفة الإلزام ويفرض صيغة الحتمية، لكنه في الوقت ذاته لا يؤمّن البدائل أو الممرات الآمنة، بدليل أن الكثير ممن هرول أو سارع إلى الإمساك بخيوط النجاة غرباً أو شرقاً اصطدم بمراجعة سيكون من الصعب عليه تلمُّس حدود الأمان فيها قبل أن تضع رحالها.‏

فإذا كانت رحلة البحث عن الدور اقتضت الذهاب إلى موسكو كمعبر مُعترف به أو فرضته ظروف المتغيّرات الدولية التي بات فيها الروسي لاعباً مؤثراً وربما رقماً متفرداً في المعادلة الدولية، فإن هذا لا يعني أن الرحلة التي بدأت قد هيّأت الظروف لانتزاع دور يتوافق مع المستجدات الدولية، حيث تبدو الأطراف المهرولة أمام سيناريو معدّل من الحسابات والأمزجة التي تتنازع جميعها مشهد الجمع والطرح في الحسابات والمعادلات التي يتسابق جميعهم ليكونوا أحد الأرقام الاحتياطية في بنك أهدافها.‏

وتتساوى تلك الأطراف في المحصلة النهائية لجهة الوصول إلى قاسم مشترك بين ما تفرضه المحاصصة الخاسرة، وما تقتضيه المحاججة والصيَغ المطروحة على بساط النقاش ومستلزماته، حيث فرنسا التي يتجرّع فيها رئيسها كأس أطماعه الاستعمارية التي أفقدت فرنسا أي دور، حالياً كان أم مستقبلياً، بحكم ما أهدره في موقع فرنسا ووجودها على الساحة الدولية بصفقات مشبوهة، في حين السعودية الغارقة في معايرة التنظيمات الإرهابية وتدوير زوايا العلاقة، تقابلها على الضفة الأخرى تركيا وقطَر وهي تبحث في تبييض صفحة الإرهاب المثبت على مرتزقتها وقد أعيتها الحيلة، وما تبقّى لا يعدو كونه جرياً في الوقت ما بعد الضائع وفي فراغ لن يقدّم أي شيء، ولن يستطيع أن يحجز دوراً افتراضياً يصعب تخيّله.‏

عند هذه النقطة لم تعد موسكو محطة عابرة في سياق الرحلة التي لن تنتهي وإن كانت لا تكفي لحسم ما يدور من شكوك ولإزالة ما يحيط بها من التباس، رغم أن روسيا ستبقى المحور الذي تتقاطع معه وحوله مواقف وزيارات ومباحثات ونقاشات قد تطول كثيراً، وكان من الصعب الأخذ بهذه القاعدة حتى وقت قريب، وإن بدت النتائج الأولية جازمة في اتجاهها رغم الصعوبة في تحديد مفاهيمها، حيث تحوّلت عاصمتها إلى حلبة تعجّ بزوّار بَدوا أكثر غربة عن أدوار لم يعتادوا عليها، والجزء الأكبر منهم غير مؤهَّل لمثل هذه الأدوار، فمن كان حليفاً معلناً أو مخفياً للإرهاب سيكون من الصعب عليه محاربته، ومن كان جزءاً من الإرهاب تبدو مهمته أكثر استحالة، ومن يضع رجلاً في بيدر الإرهاب لن يكون بمقدوره أن يضع الرجل الأخرى في حقل مواجهته.‏

بهذه المعايير تبدو رحلة البحث عن دور يصلُح لحفظ ماء الوجه محكومة بكثير من الاعتبارات التي سيكون النفاذ منها صعباً ومن بعضها مستحيلاً، فالقضية ليست محاصصة على مهام وظيفية أو توكيلات بحروب إضافية، بل هي في بحث حقيقي وجاد عن حلول لأزمات باتت تؤرّق المنطقة والعالم، ومواجهة تحتاج لإرادة فاعلة وصحيحة.‏

ومن اعتاد على الحروب بالوكالة وعلى النزاعات بحكم الوظيفة، وعلى تحالفه مع الإرهاب بالأصالة عن نفسه أو بالوكالة عن غيره، لا يستطيع أن يكون في غير هذا الموقع، بل لا يَصح أن يتوَّهم أحد أنه سيكون خارجه أو يعوِّل على إمكانية إخراجه من دون إعادة تأهيل، حتى لو كانت البيّنة بالخطر الذي أنتجه وصنعه..!!‏

a.ka667@yahoo.com

آخر الأخبار
لا تعديل على الخبز التمويني .. ومدير المخابز يوضح لـ"الثورة" رغم وقف إطلاق النار.. غزة بين الحياة والموت التشبيح المخملي الذي جَمَّل براميل الأسد .. حين صار الفن أداة قتل الأمم المتحدة: إعادة بناء سوريا أمر حيوي لتحقيق الاستقرار  إعلان تلفزيوني يشعل الحرب التجارية بين ترامب وكندا مجددا  تحسين بيئة الأعمال شرط لتعزيز التنافسية  الاقتصاد السوري مبشّر ومغرٍ وعوامل نهضته بخطواتها الأولى  درع وزارة الرياضة والشباب.. بطولة جديدة تكشف واقع السلة السورية كأس الدرع السلوية.. الأهلي يُلحق الخسارة الأولى بالنواعير جامعة الفرات تناقش مشروع قانون الخدمة المدنية  بعد سنوات من الغصب والتزوير.. معالجة ملف الاستيلاء على العقارات المنهوبة حزمة مشاريع استراتيجية في "مبادرة مستقبل الاستثمار" بالرياض  رامي مخلوف.. من المال والاقتصاد إلى القتل والإجرام   بعد تضاعف صادراتنا.. مطالبات بتحديث أجهزة الفحص وتوحيد الرسوم توقيع اتفاق سلام كمبودي - تايلاندي لإنهاء نزاع حدودي التأمينات الاجتماعية تسعى لرفع الوعي التأميني لتحقيق أفضل الخدمات جدل حاد في "إسرائيل" حول مشروع قانون لإنقاذ نتنياهو دمشق ترسم معالم حضورها الدولي بثقة وثبات المشاركة السورية بـ"مبادرة مستقبل الاستثمار بالرياض".. خطوة محورية بمعركة الدبلوماسية والاقتصاد زيارة الشرع إلى الرياض.. ترسيخ سوريا الجديدة واستعادة دورها إقليمياً