الخلط الغربي بلغة الدبلوماسية

ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير عـلــي قــاســم:

ربما احتاج الرئيس بوتين لأقصى درجات الدبلوماسية وهو يتحدث عن اختلاط الأمور في رؤوس المسؤولين الغربيين الأوروبيين، وهي دبلوماسية ربما تكفي من حيث المبدأ لتحديد معطيات المشهد القائم على المسرح الدولي، وربما تفيض عن الحاجة في توصيف الواقع.
لكنها.. فيما يتعلق بأدوات الغرب في المنطقة، سيكون من الصعب على أي كلمات دبلوماسية أن توصف الحالة، أو تشرح ما ذهبت إليه، وقد يحتاج الأمر إلى أبعد من ذلك، وتحديداً فيما يخص العربدة الإسرائيلية للانتقام من هزيمة مرتزقتها، بالتزامن مع التهور التركي في انتهاك جنودها لسيادة الأراضي السورية في ذروة الاحتقان الداخلي التركي ومحاولة تصدير الأزمة ..!!‏

المسألة لا ترتبط فقط بسياق الحالة الغربية، وما تعكسه من تورم لدى الأدوات الإقليمية واستطالة مرضية في أوهامها، التي «تسترشد» بما يصدر من العواصم الغربية وتحديداً واشنطن، بقدر ما تتعلق بممارسات تلك الأدوات بناءً على حالة الخلط الغربية ذاتها، حيث تلجأ في الغالب إلى التعاطي مع المسألة من منظور القياس وفقاً للممارسات الغربية، من دون أن تأخذ بعين الاعتبار الفارق بين حسابات المشهد الدولي وما يستدل منه على النطاق الإقليمي.‏

فما يصح في ترتيبات العلاقة الدولية لا يجوز القياس عليه على المستوى الإقليمي، بل هو أغلب الأحيان غير قابل للتنفيذ، بدليل أن الكثير من المواقف والتصريحات الغربية التي تأتي في موجات متتالية من النفاق غير المتناهي، سرعان ما تتلاشى أو تكاد، حين تقتضي اللحظة السياسية، فيما تغرق الأطراف الإقليمية في أشبار حسابات خاطئة وقاتلة، حيث يستحيل تعويم ما غرق منها، أو إعادة تدوير الزوايا واستخدام ما احترق من أوراقها.‏

على هذه القاعدة، فإن القراءة الأولية لسياق العدوانية الإسرائيلية والتركية المتزامنة، تدفع إلى الجزم بأن الارتباط العضوي بين العربدة الإقليمية والنفاق الغربي لا يُعدِّل في القاعدة العامة، عندما تحدث بعض الاختراقات هنا أو هناك، ولا عندما تروّج بعض الأطراف الإقليمية لوهم الاعتقاد، بأنها أضحت قادرة على رسم سياسات بعيدة عن حسابات الغرب، حيث يقتضي دورها الوظيفي التنفيد الحرفي لأمر عمليات بالتصعيد والتسخين، وتوجيه رسائل اختبار لدراسة المتغير الإقليمي ومعادلات الاشتباك السياسي المزدوج على جبهات الاحتكاك المباشر بين الغرب والشرق، خصوصاً بعد الحضور الروسي ميدانياً الذي أثبت علو كعبه في المسرح السياسي عالمياً.‏

الفرق هنا لا يقتصر على حدود الاشتقاق الدبلوماسي، في صياغة المشهد، وما يخفيه من حوامل إضافية قادرة على تحديد وتوصيف ما يشتق من تصرفات لبعض الأطراف الإقليمية، وإنما في تقليم مظاهر عربدتها، وربما تطويقها.‏

ما نستطيع الجزم به أن الأمر تجاوز الخلط في حسابات الغرب ومعادلاته الإضافية في تحريك أدواته، وما ينتج عنه ليس مجرد تحول يمكن للدبلوماسية أن تضبط إيقاعه، وأن تحد من استطالاته، بل بات منهجاً في مقاربة غربية تريد أن تقدم دليلاً على اتساع خياراتها في التصعيد والتلويح بحماقة أدواتها الإقليمية، لتكون منبراً لرسائل تسخين، لا تكتفي بمحاولة تغيير قواعد الاشتباك السياسي، وإنما تعربد على هوامش المشهد الدولي، لتكون في نهاية المطاف أحد محددات الخلط الغربي ذاته في قراءة معطيات ما يجري على الأرض.‏

والخلط هنا وبهذه المعايير، أصبح أبعد من محاولة يائسة لتعويم أدوات فقدت فرصة حضورها الوظيفي وباتت أوهن وأعجز من تعديل موازين المشهد الإقليمي، وعربدتها التي لا تضيف جديداً على الدور الوظيفي ولا على المهمة التقليدية لوجودها العضوي في المشهد الغربي، وهي تحمل بذور التفجير الذاتي الذي عجز الأميركي عن الحضور المباشر فيه، فكانت مهمة تحريك أحجار الشطرنج على رقعة المواجهة للإسرائيلي والتركي، فيما بقيت التنظيمات الإرهابية محتفظة بحصرية وكالة الحروب الأميركية، في رسائل أدركت روسيا مسبقاً حدود ومساحة الخلط الغربي في توجيهها.‏

فالخطأ ليس في الاتجاه فقط، ولا في المكان فحسب، بل أيضاً في التوقيت، وما يحمله من انزلاقات يصبح الخلط في الرؤوس الغربية أبعد من مجرد إشارات ملتبسة وغامضة أو حمالة أوجه، وأكثر من ضوء أخضر أميركي للعبث بالمشهد الإقليمي، حيث أطنان الأسلحة المقدَّمة للإرهابيين مجرد قصف سياسي تمهيدي لخطوات تصعيدية يصبح فيها الخلط الأميركي تحديداً إشعاراً بحالة العقم السياسي والعسكري المزمن لأدواتها في المنطقة وخارجها، وإخباراً قسرياً بما ينتظر من تبقى من مرتزقة وإرهابيين.‏

a.ka667@yahoo.com ‏
 

آخر الأخبار
خطة للتعاون مع ألمانيا لإعادة الإعمار وتحسين واقع المياه The New Arab: صعوبة بالغة في معرفة هويات جثث ضحايا الأسد والشك المروع يلف الأهالي الشبكة السورية لحقوق الإنسان: نظام الأسد استخدم عقوبة الإعدام لقمع المعارضين بالجرم المشهود.. القبض على سارقي مستوصف الصحة المدرسة في جديدة الفضل "الصحة" تطلق رابطاً للتسجيل على عمليات زراعة القوقعة "فورين أفيرز": اللاجئون العائدون إلى سوريا.. وجهاً لوجه مع بيوتهم المدمرة بيدرسون أمام مجلس الأمن: رفع العقوبات عن سوريا ومعالجة التحديات وزير الخارجية الفرنسي: قررنا منح اللاجئين السوريين تصاريح زيارة مؤقتة الدفاع التركية تعلن القضاء على 56 إرهابياً شمالي العراق وسوريا الهلال الأحمر بدرعا يواصل حملة التبرع بالدم اعترض على أتاوات الفرقة الرابعة فكان مصيره السجن الوزير الشيباني يلتقي مع نظيره الفرنسي في باريس السوق الموازية في دمشق.. جيوب الفقراء تتحول إلى غير الأساسيات 7 سنوات على استخدام الأسلحة المحرمة دولياً في "خان شيخون".. والمحاكم الدولية لم تحرك ساكناً مازال أنين الضحايا يملأ الآفاق.. عبد الحميد يوسف أحد الناجين من المجزرة: 19 شهيداً من عائلتي بينهم ز... مجزرة "خان شيخون".. أهالي الضحايا بانتظار العدالة ومحاسبة القتلة الرئيس الموريتاني يهنئ الشرع بتوليه مهام رئاسة الجمهورية مسؤول أممي: 250 ألف لاجىء عادوا من الدول المجاورة إلى سوريا الشيباني: رفع العقوبات ضرورة.. وسوريا ستعبر عن نفسها لكل العالم The New Arab: سوريا ستحضر القمة العربية الطارئة في القاهرة