نحن والحضارة

ثورة أون لاين – خالد الأشهب:

ولماذا لا يكون تاريخنا مزوراً باهتاً وعلى غير ما رواه لنا المؤرخون وكتبهم، تماماً كحاضرنا الذي يجري تزويره كل يوم ويزداد بهتاً، ولماذا لا يكون التاريخ عامة هو مجرد وجهات نظر لمن أرّخ وكتب ونقل..

تحتمل الخطأ كما تحتمل الصواب وليس حقائق دامغة تذكر بشفافية وحياد ونزاهة، بل لماذا يراد لنا أن نصدق أن حضارتنا الزاهية الزاهرة الغنية البائدة.. كما قيل لنا تأريخاً وكتابة ونقلاً، يمكن أن تنحط إلى هذا الدرك العميق الذي نعيشه اليوم؟‏

تقلقني مثل هذه الأسئلة دائماً، ويقلقني أكثر منها انعدام المنطق في الرواية التاريخية العربية، فثمة أقلام ورؤى مختلفة متناقضة متشاتمة للرواية التاريخية الواحدة، وثمة إغفال أو تحييد أو حتى طمس لأجزاء أو مكونات من الرواية التاريخية يذكرها مصدر ويمحوها تماماً مصدر آخر، ويذهلني مثلاً أن الرواية التاريخية العربية تنسخ ناقل الحضارة على منوال ناقل الخمر، فتؤكد أنه يمكن لناقل الحضارة ألا يكون متحضراً شأنه شأن ناقل الخمر ألا يكون شارباً أو سكيراً!!‏

فإذا كانت الهجرات العربية والإسلامية الوافدة من شبه جزيرة العرب إلى بلاد الرافدين والشام قد حملت معها الحضارة والتنوير.. وأي تنوير، فلماذا لم تنهض حضارة ما.. أي حضارة في شبه جزيرة العرب رغم كونها المصدر ورغم أن أهلها هم نقلة « الحضارة» .. أم إنها على طريقة ناقل الخمر؟‏

قد لا يتسع المجال هنا للإطالة والتفصيل في تفسير هذه المفارقة الصارخة وغير المعقولة، وقد تتحرك بعض العواطف هنا أو هناك للدفاع عن المفارقة وتبريرها وتسويغ منطقها المخالف لفلسفة المنطق وعلوم الأنثروبولوجيا وغيرها من العلوم، لكن ذلك لا ينزع عنها طابع المفارقة واللامعقول في هذا المشهد الدامي من التواطؤ بين العقيدة والتاريخ، ولا يبرر تجاهل الضرورة الملحة اليوم للوقوف أمام المرآة عراة من كل رداء ثقافي أو حَميِّة عاطفية، ولإعادة كل التاريخ العربي إلى دائرة الشك والتحقق دون مواربة أو حياد أعمى أو تحالف!‏

آن لنا أن نعرف حقيقة ما نحن عليه اليوم من تخلف وانحطاط يكاد يودي بنا كعرق وأمة وانتماء، بل آن لنا أن نتعرف إلى تلك الهيكلية التاريخية للتشكل الكاذب الذي نشأنا عليه في ادعاء ما ليس لنا وما لسنا منه، وإلى أولئك « الكتبة الكذابون» الذين ورّموا عقولنا بالمرض والوهم ولم ينشئوها بالتنمية والإدراك.. إذ كيف لحضارة عظيمة أن تنحل حبراً يسبغ ماء دجلة أياماً أو شهوراً أو سنوات.. لمجرد أن هولاكو ألقى بكتبها ومكتبتها في النهر!‏

فلماذا لا تحتمل فلسفات الكون كله شكاً وتفسيراً وتأويلاً كما تحتمل فلسفاتنا.. إذا جاز إطلاق توصيف الفلسفات عليها، ولماذا لم تستخدم مفردات الهرطقة والزندقة والتهافت والكفر والتكفير عند أحد كما تستخدم عندنا، ولماذا يسكننا الشك التاريخي بكل شيء فينا وحولنا ويهجرنا اليقين دائماً، كأننا خصومه وهادرو دمه على مر الزمان؟‏

آخر الأخبار
243 طالباً وطالبة من اللاذقية يخوضون منافسات الأولمبياد العلمي السوري مهرجان الوفاء الأول بدرعا يكرم المتفوقين من أبناء الأطباء الشهداء  وزير العدل ينفي التصريحات المنسوبة إليه ويحث على التوثق من المصادر الرسمية وزير المالية يشارك في المنتدى العربي للمالية العامة ويؤكد أهمية الاستدامة المالية المجلات المفهرسة تهدد النشر الخارجي.. وجامعة دمشق تحذر المباشرة بتوسيع فرن قدسيا لزيادة إنتاج الخبز "المركزي" والإعلام .. تنسيق لتعزيز الثقة بالعملة الجديدة أهالي طرطوس بانتظار انعكاس تخفيض سعر المشتقات النفطية على السلع التعافي الاقتصادي.. عقبات تتطلب حلولاً جذرية  تمكين الصحفيات من مواجهة العنف الرقمي القائم على النوع الاجتماعي   قريباً  تعرفة جديدة للنقل بطرطوس تواكب انخفاض أسعار المحروقات   اعتداء إرهابي على حي المزة .. "الدفاع" تكشف تفاصيل جديدة وتشدد على ملاحقة الجناة   ماذا يعني بدء موانئ دبي العالمية عملياتها في ميناء طرطوس السوري؟ تراجع إنتاج الزيتون بحمص    العملة الجديدة.. الإعلام شريك النجاح قرارات جديدة وغرامات صارمة.. هل سنشهد نهاية أزمة السرافيس بحلب؟ نائب وزير الاقتصاد يبحث احتياجات "عدرا الصناعية" لتسريع الإنتاج تصريحات ضبابية تثير مخاوف اللاجئين السوريين في ألمانيا   "اللاعنف".. رؤية تربوية لبناء جيل متسامح انفتاح العراق على سوريا.. بين القرار الإيراني والتيار المناهض