أعلنت وزارة النفط في فترة سابقة عن تخفيض كميات البنزين والمازوت الموزعة على المحافظات بنسب محددة، إضافة إلى زيادة مدة وصول رسائل البنزين إلى السيارات العامة والخاصة.
هذا الإجراء حسب الجهات المعنية أتى نتيجة تأخر وصول توريدات المشتقات النفطية المتعاقد عليها بسبب العقوبات والحصار الأمريكي الجائر على سورية، وهو إجراء مؤقت بهدف الاستمرار في تأمين حاجات المواطنين، وإدارة المخزون المتوفر وفق أفضل شكل ممكن.
بداية لا أحد ضد هذا الإجراء، ولكن كان المواطن يتمنى تخفيض المازوت في حده الأدنى لوسائط النقل العامة من سرافيس وغيرها، حتى لا تشتد أزمة النقل أكثر من ذلك ويكثر معها استغلال المواطنين في تنقلاتهم سواء كان ذلك في السرافيس أو التكاسي.
إن أزمة المواصلات لم يجد لها المعنيون حلولاً جذرية وجدية حتى الآن، عمال وموظفون وطلاب جامعات، رجال ونساء من مختلف الأعمار، الجميع ينتظر وسائط النقل العامة التي لا تأتي في غالب الأحيان، وإن أتت فبعد ساعات وساعات والمواطن مضطر أن ينتظرها لأنه لا يستطيع تحمل أجور التكاسي المرتفعة جداً دون حسيب أو رقيب.
كل يوم نفس المعاناة بالنسبة لهؤلاء حتى يصلوا إلى مقاصدهم ولا سميع أو مجيب لشكواهم المستمرة منذ سنوات.
طبعاً لمالكي وسائط النقل العامة وسائقيها مبرراتهم وحججهم التي يقدمونها لشرح واقع حال أزمة النقل، وعلى رأسها موضوع تأمين المحروقات، والتي تم تخفيضها إلى الحد الذي لا يكفي أي سرفيس للعمل لأكثر من ساعات قليلة أو عدة سفرات على مدى اليوم كله، فسائق السرفيس مضطر أن يتوقف عن العمل بسبب نفاد كمية المازوت القليلة المخصصة له ومن أول النهار.
هذا عدا الساعات الطويلة التي يقضيها في محطات الوقود للحصول على هذه الكمية الضئيلة من المحروقات، التي لا تكفي للعمل بها داخل المدينة إلا عدة ساعات فكيف يمكن تغطية النقل بين الريف والمدينة.
وهذا ما يجعل أغلب خطوط النقل ضمن المدن أو بين الريف والمدينة خالية من وسائط النقل العامة.
إن التخفيض المستمر لمخصصات المازوت، سواء لوسائط النقل العامة أو للقطاع الزراعي وللمعامل أدى إلى شلل شبه كامل فيها وأجج أسعار المنتجات الزراعية وغير الزراعية، نتيجة الاعتماد على مازوت السوق السوداء.
إن الأهم من تخفيض كمية المحروقات هو مكافحة تهريبها إلى السوق السوداء وخاصة في محطات الوقود، التي أصبحت فيها المحروقات تباع خارج الدور والبطاقة ولمن يدفع أكثر، وعملياً هذه المحطات ومافيات السوق السوداء من ورائها هي أساس الأزمة، وهي التي تؤججها مستغلة قلة الوارد من المحروقات، فإذا تم إدارة هذا الوارد على قلته بكفاءة ونزاهة فهو يحقق مصلحة الجميع .