ثورة أون لاين- يمن سليمان عباس:حلب المدينة التي عطرت العالم بصابونها وغارها وثقافتها, هي منبع العلم والأدب والتاريخ, بلاط سيف الدولة, كان جامعة وملتقى فكرياً, ومن قبله الأمر كذلك واستمر فيما بعد ومهما حاول المرء أن يقف عند صفحات من تاريخ حلب فإنه يبقى عاجزاً, لكن لابد من الإضاءة على بعض الكتب التي وقفت عند محطات من تاريخ حلب.
كتاب "حلب في رحاب التاريخ والأدب" لمؤلفه عبد الحميد ديوان يقدم باقة من تاريخها الأدبي والثقافي.
درّة بلاد الشام
يقول المؤلف في مقدمته متحدثاً عن حلب: حلب شلال الحب المتدفق في شراييني ونغمة الصدى الجميل يتردد في أعماقي إنها قارورة العطر التي ينتشي بأريجها كل من يزورها.
حلب.. درة بلاد الشام وأيقونة الدنيا ولدت منذ أول الدهر ولا زالت عروساً, أما الدهر فشاخ وكبر وكاد ينقضي أجله.
ما اسمك أيتها المدينة الشامخة أبداً في جبين الدهر؟ أأنت حلب أم حلبا؟ أم أرمانوس؟ أم حلبو؟ أم باروا أم بيروا كما كان يطلق عليك السلوقيون.
كل هذه الأسماء تحملينها وكذلك الشهباء التي تبقى لؤلؤة بيضاء في عيون الزمن.
وعندما أرحل في أجواء الزمن وأساطير على أجنحة الخيال يتملكني زهو العاشق وخشوع المتيم.
حلب.. عروستي الجميلة أنت شامة على خد الزمن منك خرج المجد منتصراً وفيك بنت فرسان البطولة يزهو بك على كل المدن.
حلب… أو كما يقول "الأسدي" حلبي أنا أنت المعشوقة التي لا تفارق خيالي أبداً, فأنت تسكنين ذاكرتي وقلبي في حلي وترحالي في بعدي وقربي ولذلك آثرت أن أكتب عنك في كتاب مجدك وخلودك حتى ولو كان ما أكتبه لا يتجاوز أسطراً عديدة في ذلك الشعر الخالد.
محطات من تاريخها
يتحدث المؤلف في مقدمة كتابه عن أصل التسمية فيقول: عرفت باسم حلب منذ أقدم العصور ولكن هذا الاسم حرف في بعض الأحيان نتيجة لوجود أمم حكمت هذه المدينة فأطلقت عليها أسماء تناسب لغتها, فسماها السومريون والأموريين (حلائب) ويعني في اللغة الأمورية القديمة الحديد والصلب أو النحاس الذي كان يأتيها من الأناضول.
أما الحثيون والميتانيون فقد دعوها (حلباً أو حلباس) ودعاها الآشوريون اسم (حلبو- وحلوان) وهي قريبة من كلمة في معناها إلى الكرمة التي اشتهرت بها حلب والمناطق المحيطة بها.
وكان نبيذ (حاليبون) معروفاً في العصور الوسطى.
وقد وصفت حلب (بالشهباء) كما تقول الأسطورة إن سبب إطلاق صفة الشهباء عليها أن أبا الأنبياء إبراهيم الخليل عليه السلام أقام في حلب مدة من الزمن وكان يملك قطيعاً من البقر وفيه بقرة تلفت النظر بخوارها وبلونها المرقش وكان يحلبها كل مساء وكان أهل حلب ينتظرونه بقولهم إبراهيم قد حلب الشهباء.
أما المقولة الثانية فقد ذكر بعضهم أن صفة الشهباء أطلقت عليها لأن أرضها ولون البناء (أبيض) وأشهب فجاءت الصفة نسبة إلى لون الأرض والبناء وهذه المقولة أقرب للحقيقة من الأولى, ولعل مظهر المدينة الأبيض واللون الرمادي اللامع الذي يبدو من بعيد يجعل من هذه التسمية أقرب انطباقاً إلى الواقع.
ومنهم من يقول إن العرب قد عربوا كلمة حلبا السريانية والتي تعني البيضاء فقالوا حلب ونعتوها بمعناها فقالوا: حلب الشهباء وجرت الألسنة على ذلك.
شخصيات أدبية
ويتوقف الكتاب عند شخصيات حلبية أدت دوراً فاعلاً في الحياة الثقافية والفكرية ومن هذه الشخصيات نذكر: عبد الله زاخر- رزق الله حسون- فرنسيس مراش- جبرائيل الدلال- قسطاكي الحمصي مريانا مراش- عبد الله مراش- أبو الهدى الصيادي- عبد الرحمن الكواكبي- ميخائيل الصقال- كامل الغزي- بشير الغزي- عبد المسيح الانطاكي- راغب الطباخ- د. محمود عكام- وليد إخلاصي- محمود فاخوري- فاضل السباعي- خير الدين الأسدي- عمر أبو ريشة- خليل هنداوي- عادل الغضبان- عبد الله يوركي حلاق- عمر أبو قوس- بهاء الدين الأميري- مختار فزي النعال- علي الزيبق وغيرهم.
ولعلنا نختم بالإشارة إلى ثلاثة أبيات للشاعر عمر أبي ريشة قالها ممجداً بطولات الجندي العربي السوري إذ يقول:
أيها الجندي يا كبش الفدا يا شعاع الأمل المبتسم
ما عرفت البخل بالروح إذا طلبتها غصص المجد الظمي
بورك الجرح الذي تحمله شرفاً تحت ظلال العلم
ثورة أون لاين- يمن سليمان عباس