لبنان بين منزلتين وخيارين ؟…

ثورة أون لاين: لم يتعرض بلد في منطقتنا العربية والإقليم عموما لمؤامرات كما تعرض ويتعرض له لبنان وثمة أسباب عديدة تقف وراء ذلك يرجعها بعض المهتمين بالشأن اللبناني والمنطقة لطبيعة لبنان الجغرافية وموقعه الجيوسياسي والبعض الآخر لتركيبته السكانية والاثنية والدينية وما توفر لها من حمايات في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر واستمرارها بأشكال وعناوين مختلفة لفترات طويلة ولعل أكثر وجهات النظر صوابية هو دور وموقع لبنان السياسي والجغرافي والنضالي في معادلة الصراع العربي الصهيوني وقبل هذا وذاك يرى المهتمون بالشأن اللبناني ان الولادة القيصرية للدولة اللبنانية له دور كبير في ذلك فالتهافت الدولي على الكيان الوليد وادعاء الحرص على مكوناته وحمايتها وتحول ذلك إلى ما يشبه التبني السياسي وتناغم ذلك مع مصالح ضيقة للطبقات السياسية التي أنتجتها تلك الحالة واستمرارها بعد إعلان استقلال لبنان ونهاية ما سمي الانتداب الفرنسي هو الذي كرس مثل تلك الحالة الشاذة .
ولعل قراءة مقطع تاريخي في تاريخ الدولة اللبنانية منذ منتصف الأربعينيات حتى الآن يشير إلى ان الذين رسموا واخرجوا خريطة لبنان الجغرافية والسكانية أرادوها بنية منتجة للازمات لتتيح لهم في كل وقت فرصة للتدخل بحجة حماية لبنان من الخطر الخارجي والحفاظ على سلمه الأهلي وتوازناته الداخلية وهذا ما جرى تماما عام 1958 إبان حكم كميل شمعون وما كاد يتكرر عام 1969 وصولا للحرب الأهلية اللبنانية عام 1975والتدخل الأمريكي الفرنسي في بداية الثمانينات من القرن الماضي .
ويمكن للمحلل للوضع اللبناني في إطار الدور ان يفصل بين مقطعين هامين لعبهما لبنان خلال أكثر من ستين عاما هما لبنان الفاعل ولبنان المنفعل ؛ لبنان اللاعب ولبنان الملعب وهذا كله تحكمه طريقة تعاطي القوى السياسية في لبنان مع القوى الخارجية وعلاقة ذلك مع قضايا المنطقة خاصة الصراع العربي الصهيوني ودور دول الطوق ولا سيما سوريا في ذلك علما ان الثابت الاستراتيجي في كافة المراحل المشار إليها هو أن تتكرس قطيعة كاملة بين سوريا ولبنان لتصل إلى درجة العداء وان يكون لبنان هو الأكثر استعدادا للصلح مع العدو الصهيوني وبوابة العبور لذلك عربياً .
الأمر الآخر الذي جرى العمل عليه أمريكيا وإسرائيليا هو ضرب أسس العيش المشترك الذي يعتبر لبنان حالته النموذجية حيث التنوع الديني والمذهبي عامل قوة لا أمارة ضعف وحالة تناغم لا تنافر لتكرس إسرائيل مفهوم( الدولة الدينية النقية ) واستحالة التعايش بين الأديان في بلد واحد ما يخدم هدف الصهيونية في إقامة الدولة على أساس ديني وهو ما ظهر جليا في الخطاب الرسمي الإسرائيلي في الفترة الأخيرة إضافة إلى ان لبنان مثل في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي واحة للحرية والإبداع والتعددية في منطقة صورتها الصهيونية عبر نفوذها الإعلامي والسياسي في الغرب على انها صحراء ينخرها التخلف والجهل والدكتاتورية وأنها( أي إسرائيل*) واحة خضراء تمثل رسالة الغرب الحضارية وسفينة النجاة للمنطقة .
ما حدث خلال العقدين الماضيين على صعيد دور لبنان في أحداث المنطقة ورسم خريطتها السياسية احدث ما يشبه الزلزال السياسي لراسمي الاستراتيجيات في كل من واشنطن وتل أبيب على فلبنان الذي كان الخاصرة الرخوة في الجسد العربي ومخبر التحليل السياسي وبارا متر الأوضاع في المنطقة وبوابة العبور الآمنة للتخريب وتنفيذ المشاريع التي تستهدف المنطقة تحول إلى خندق المواجهة المباشرة للعدو الصهيوني ورأس الحربة في مواجهته وإفشال مشاريعه وهزيمته عسكريا وسياسيا ً وهنا برز لبنان وعبر مقاومته الوطنية وكأنه فتح أبواب جهنم على الكيان الصهيوني الذي اعتقد لفترة من الزمن انه استطاع جر العرب او جرجرتهم إلى مستنقعات الذل والهزيمة عبر اتفاقات سميت معاهدات سلام وقعها مع بعض حكامهم .
أمام ما صنعته المقاومة الوطنية اللبنانية المدعومة والمحتضنة من سوريا وبعض القوى في منطقتنا والعالم يجب ألا يستغربن أحدا ًما تعرضت وتتعرض له من استهداف عبر إشكال وأساليب وعناوين مختلفة اخذ بعضها الطابع العسكري وكان مصيره الفشل والهزيمة ثم الاستهداف الخارجي عبر الضغط والتخويف والترغيب والترهيب ومحاولة فصلها عن بيئتها الحاضنة وهذا ما لقي المصير ذاته فكان اللعب بالورقة التي اعتقد أنها ستكون الأخيرة وهي محاولة تشويه سمعتها وتلويث صورتها النضالية المتشكلة في الضمير الجمعي العربي.
إن محاولات إعادة إنتاج الفتنة في لبنان هو إستراتيجية صهيونية وهدف إسرائيلي مستمر الغاية منه تقطيع أوصال لبنان الوطن والدولة بأيدي أبنائه لأن في ذلك خدمة مجانية لإسرائيل التي ترى في ذلك انتقاماً لهزيمتها عام 2006 وإضعافا للنهج المقاوم لمشروع الهيمنة الإسرائيلي الأمريكي على المنطقة إضافة إلى انه يعطي حقنة إسعاف شريانية لذلك المشروع المهزوم .
ان تجربة سبع سنوات قاسية ومرة عاشها لبنان بكل مكوناته كافية لتضع كافة الساسة فيه أمام مسؤولياتهم التاريخية بالا ينجروا وراء الفتنة التي خططها لها أعداؤه والمتربصين به وبسلمه الأهلي واستقراره ويغلبوا لغة العقل والمصالح العليا على لغة اللعب بعواطف الناس وتخصيب الحقد والكراهية بين ابناء البلد الواحد والتي ستجر لبنان-اذا ما قدر لها النجاح – الى تراجيديا انتحار جماعي المستفيد الوحيد منها الكيان الصهيوني وملحقاته ؟
خلف علي المفتاح

آخر الأخبار
سرقة 5 محولات كهربائية تتسبب بقطع التيار عن أحياء في دير الزور "دا . عش" وضرب أمننا.. التوقيت والهدف الشرع يلتقي ميقاتي: سوريا ستكون على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين إعلاميو اللاذقية لـ"الثورة": نطمح لإعلام صادق وحر.. وأن نكون صوت المواطن من السعودية.. توزيع 700 حصة إغاثية في أم المياذن بدرعا "The Intercept": البحث في وثائق انتهاكات سجون نظام الأسد انخفاض أسعار اللحوم الحمراء في القنيطرة "UN News": سوريا.. من الظلام إلى النور كي يلتقط اقتصادنا المحاصر أنفاسه.. هل ترفع العقوبات الغربية قريباً؟ إحباط محاولة داعش تفجير مقام السيدة زينب.. مزيد من اليقظة استمرار إزالة التعديات على الأملاك العامة في دمشق القائد الشرع والسيد الشيباني يستقبلان المبعوث الخاص لسلطان سلطنة عمان مهرجان لبراعم يد شعلة درعا مهلة لتسليم السلاح في قرى اللجاة المكتب القنصلي بدرعا يستأنف تصديق الوثائق  جفاف بحيرات وآلاف الآبار العشوائية في درعا.. وفساد النظام البائد السبب "عمّرها" تزين جسر الحرية بدمشق New York Times: إيران هُزمت في سوريا "الجزيرة": نظام الأسد الفاسد.. استخدم إنتاج الكبتاجون لجمع الأموال Anti war: سوريا بحاجة للقمح والوقود.. والعقوبات عائق