أوباما في خطابه الوداعي..

ثورة أون لاين- بقلم رئيس التحرير: علي قاسم

لم يترك الرئيس أوباما في خطابه الوداعي ما يمكن أن يضاف إلى حقبة من ثماني سنوات عجاف مرت على العالم، ولم يتمكن من تبديد الاعتقاد إلى حد اليقين بأنها كانت الأصعب على البشرية، وربما تكون الأخطر في سياق ما أنتجه تفنن إدارته في توظيف الفوضى والخراب إقليمياً ودولياً،
ليكونا على مقاس الوقائع الانتقامية، سواء ما تعلق بمتطلبات الإبقاء على الهيمنة وما تفرضه، أم ارتبط بالحالة الأميركية لإدامة استفرادها بالمشهد الدولي.‏

ورغم الحالة الاستعراضية لكثير من النقاط التي يمكن أن تسجل لصالحه دعائياً، فإنه فشل على الأقل في تسويق ما يشكك في الاستنتاجات والخلاصات الواضحة بأن أميركا التي استلم فيها زمام الحكم قبل ثماني سنوات لم تعد هي ذاتها التي سيسلم مقاليدها لخلفه بعد أيام، والحال ذاته ينسحب على العالم وقضاياه ومشاكله التي تضاعفت، فيما لائحة المخاطر المحدقة باتت أكثر وضوحاً من أي وقت سابق، مع ما أضافته من مخاطر نوعية لم تكن واردة حتى في التنبؤات ولا هي مدرجة في لائحة التوقعات.‏

وهذا لا يندرج في إطار الحكم على حقبة وجوده، التي نعتقد أن هناك من سبقنا بإطلاق الأحكام عليها، وهو المؤتمن على ذلك، بل في سياق الحصيلة التي بنى عليها خطاب الوداع، وفيها ما يكفي للجزم بأن المنطقة تحملت وزر حقبة قد تكون الأسوأ في التاريخ الأميركي، فيما تبريرات أو ذرائع المقارنة بين ما كان عليه العالم والمنطقة تحديداً وما هو قائم لا تستوي على الإطلاق، وليست في كفة إدارته، بل تحسب عليه أكثر مما تحسب له، خصوصاً في ظل انفلاش المخاطر التي تتحمل أميركا وزر الكثير منها، وما تبقى تتقاسمه أدواتها وتحالفاتها التي تلقت الضوء الأخضر الأميركي لتعميم الفوضى والخراب أينما حلت وكيفما اتجهت، وبعضها تورمت أوهامها إلى حد التخيل أنها تصلح لتكون بديلاً من أميركا أو قادرة على ملء ما تتركه من فراغ.‏

واللائحة هنا تطول أكثر من قدرة خرائط المناطق المتفجرة على استيعابه، والتي تجول في غرب العالم وشرقه كما هي في جنوبه وشماله، وتتحرك وفق إحداثيات ما أنتجته من بؤر صراع تمتد لسنوات إن لم يكن لعقود قادمة، بفعل ما زرعته السياسة الأميركية، التي حاولت أن تملأ فراغ غيابها بمزيد من عوامل الصراع بعد أن أيقظت ما كان نائماً من أدوات الفتنة، وأججت ما كان مستتراً من شواهد على هذا الصراع وتجلياته ومحدداته المتحركة، والتي أبقت على مفخخاتها المزروعة في كل الأمكنة التي غادرتها المظلة الأميركية..!!‏

ولعل جردة الحساب التي أجراها الأميركيون مسبقاً عندما انتخبوا ترامب بديلاً لطرح كانوا يعرفون أنه استنساخ للإدارة الحالية وبصورة أسوأ من الأصل ذاته، قدمت دليلاً على رفض الأميركيين لسياسة أوباما ونخبه، وأن حقبته ليست إيجابية، ولا ترجح كفة القبول أو الرضا على سياسات يدفع الأميركي اليوم ضريبة أخطائها ويتخوف من الثمن الذي سيدفعه غداً وربما بعده، بحكم أن ما أسست له إدارة أوباما لا يمكن محوه ولا تستطيع أي متغيرات أن تتجاوز أو أن تتجاهل ما راكمته إلى حد التخمة..!!‏

لا شك بأن أوباما يجيد المرافعة السياسية وقد سجلت له في أكثر من موقع، لكنه لم يكن متقناً لشواهده ولا لقرائنه التي يدحضها الواقع، لأن التداعيات الناتجة عنها لا تزال تسجل حضورها على المشهد الدولي، وهي «تبشّر» على الأقل بسنوات عجاف إضافية قد تطول أكثر مما يعتقد البعض أو يتخيل ذلك، وأن المعضلة ليست في المقاربة المقلوبة التي يجيد استخدامها، فما تجاهله في خطابه كان أكثر مما ذكره، وما تعمد نسيانه كان أخطر مما تقصّد التركيز عليه، وفي الحالين يبقى العالم أمام خطر الإرهاب وانتشاره كما لم يحصل على مدى العقود الماضية، أو ربما بصورة غير مسبوقة ولا ممكنة أو متاحة.‏

أوباما في خطاب الوداع لم يبدد المخاوف، ولا هو أبعد الهواجس بقدر ما رسخها واقعاً قائماً، وعبر رسالة مفتوحة وبعناوين بارزة، بانتظار مذكرات اعتاد العالم أن يجد في بعض سطورها ما افتقده في خطابات سائر الرؤساء الأميركيين السابقين، وما أخفته ادعاءات أوباما ذاته، وربما ما سيأتي في مذكراته يفوق أسلافه، حيث كان شاهداً ومشاركاً في أكثر حقب العالم سخونة حتى اللحظة، ومنفذاً لسياسة أميركية بالغت في التجني على العالم ودوله وشعوبه، والأخطر أنها تجنت على الشعارات الأميركية التي افتخر بها وحاول التستر خلفها، وفي مقدمتها الديمقراطية المسلوبة وحقوق الإنسان المهدورة..!!‏

a.ka667@yahoo.com ‏

آخر الأخبار
الجامعة العربية تدين التوغلات الإسرائيلية وتؤكد دعمها لوحدة سوريا واستعادة الجولان  سوريا في قلب أزمة جفاف غير مسبوقة تهدد الأمن الغذائي  "فورين بوليسي": الشرع أمام اختبار إعادة بناء سوريا  صندوق التنمية.. أفق جديد لبناء الإنسان والمكان "صندوق التنمية السوري"..  أمل يتجدد المجتمع المحلي في ازرع يقدم  350 مليون ليرة  لـ "أبشري حوران" صندوق التنمية يوحد المشاريع الصغيرة والكبيرة في ختام المعرض.. أجنحة توثق المشاركة وفرص عمل للشباب مدينة ألعاب الأطفال.. جو مفعم بالسعادة والرضا في المعرض في "دمشق الدولي".. منصات مجتمعية تنير التنمية وتمكن المجتمع كيف يستخدم شي جين بينغ العرض العسكري لتعزيز موقع الصين ؟ من بوابة السيطرة على البحار.. تركيا تصنّع حاملة طائرات تتجاوز "شارل ديغول" التداول المزدوج للعملة.. فرصة لإعادة الثقة أم بوابة للمضاربات؟! مواطنون من ريف دمشق: صندوق التنمية سيكون سيادياً سورياً الوزراء العرب في القاهرة: فلسطين أولاً.. واستقرار سوريا ضرورة استراتيجية عربية أهالٍ من درعا: إطلاق "صندوق التنمية السوري"  فرصة لإعادة الإعمار "صندوق التنمية السوري".. خطوة نحو الاستقرار الاقتصادي والسياسي الأمم المتحدة تؤكد أن لا حل في المنطقة إلا بقيام دولة فلسطينية "التقانة الحيوية".. من المختبر إلى الحياة في "دمشق الدولي" تقنية سورية تفضح ما لا يُرى في الغذاء والدواء